إسرائيل تحذف تعزية البابا فرنسيس

جدل سياسي يكشف التوتر مع الفاتيكان

  • بلا رتوش: 

في خطوة أثارت جدلاً واسعًا، قامت وزارة الخارجية الإسرائيلية بحذف تعزيتها الرسمية بوفاة البابا فرنسيس، الذي توفي أمس الإثنين 21 أبريل/نيسان عن عمر 88 عامًا، بعد ساعات فقط من نشرها. هذا القرار، الذي أكدته وسائل إعلام إسرائيلية مرموقة، كشف عن توتر عميق بين إسرائيل والفاتيكان، عكسته مواقف البابا الناقدة للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.

أفادت صحيفة “جيروزاليم بوست” أن الخارجية الإسرائيلية نشرت تعزية مقتضبة بوفاة البابا فرنسيس صباح الإثنين عبر حساباتها الرسمية على منصة إكس، لكنها سارعت بحذفها بعد ساعات. الصحيفة نقلت عن مصدر في الوزارة أن المنشور “نُشر بالخطأ”، وسط مخاوف من “ردود فعل غاضبة” داخل إسرائيل بسبب مواقف البابا المناهضة للحرب في غزة. 


في السياق ذاته، أكدت “ينت نيوز”، إحدى أبرز المنصات الإخبارية الإسرائيلية، أن الخارجية أصدرت تعليمات عاجلة لسفاراتها حول العالم بحذف أي منشورات متعلقة بالتعزية، وتجنب التوقيع في دفاتر التعازي لدى سفارات الفاتيكان. ونقلت عن دبلوماسي إسرائيلي رفيع قوله: “القرار أثار استياءً بين السفراء، خاصة في الدول الكاثوليكية، لكنه جاء استجابة لضغوط داخلية مرتبطة بانتقادات البابا لإسرائيل”. 

لم يكن موقف البابا فرنسيس من العدوان الإسرائيلي على غزة محايدًا. في نوفمبر 2024، دعا البابا إلى التحقيق في “إبادة جماعية محتملة” في غزة، واصفًا الوضع الإنساني هناك بـ”المخزي”. كما أثار جدلاً في إسرائيل عندما استخدم، في مذكراته التي نُشرت في يناير 2025، لوحة “الصرخة” لإدوارد مونش للتعبير عن “الوحشية ضد الأبرياء” في الحروب، بما في ذلك غزة. 


هذه المواقف دفعت شخصيات إسرائيلية بارزة إلى مهاجمة البابا. السفير الإسرائيلي السابق لدى إيطاليا، درور إيدار، وصف البابا بـ”معادٍ للسامية” في تصريح نقلته صحيفة “معاريف”، داعيًا إلى مقاطعة جنازته، وقال: “مشاركة إسرائيل في جنازة البابا تتناقض مع كرامتنا الوطنية”. 

على عكس العديد من قادة العالم، لم يصدر رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ولا وزير الخارجية جدعون ساعر أي تعليق رسمي على وفاة البابا، وفقًا لما أوردته “جيروزاليم بوست”. في المقابل، اكتفى الرئيس إسحاق هرتسوغ بتعزية مقتضبة، أشاد فيها بدور البابا في تعزيز الحوار بين الأديان، لكنه تجنب الخوض في تفاصيل مواقفه السياسية. 

الحذف لم يمر دون تداعيات. “ينت نيوز” نقلت عن دبلوماسيين إسرائيليين مخاوفهم من أن يؤدي هذا القرار إلى توتر مع الدول الكاثوليكية، خاصة في أوروبا وأمريكا اللاتينية، التي ترى في البابا فرنسيس رمزًا للعدالة الاجتماعية. وأشار التقرير إلى أن الخارجية الإسرائيلية حاولت التخفيف من التوتر عبر تعليمات للسفارات بتجنب أي تصريحات قد تُفسر على أنها “استفزازية”. 

يُذكر أن العلاقات بين إسرائيل والفاتيكان شهدت توترات سابقة. في 2021، رد البابا فرنسيس على اتهامات إسرائيلية بمعاداة اليهودية، مؤكدًا التزامه بالحوار بين الأديان. كما استضاف عام 2014 الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز في صلاة من أجل السلام، وهي خطوة أثارت حساسيات سياسية في إسرائيل. 

 


المصادر:
“جيروزاليم بوست”، 22 أبريل 2025، “Israel deletes pope condolence tweet over backlash fear”
“ينت نيوز”، 22 أبريل 2025، “Foreign Ministry deletes condolence posts about pope, sparking diplomatic backlash”
“رويترز”، 22 أبريل 2025، “Israel shares, then deletes, condolences over pope’s death”

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية