قصة المطران ايسيدروس فتّال …لـ: سعد فنصة

سعد فنصة
كاتب و مؤرخ و مصور سوري

روى لي المترجم والصحفي الشهير “فيكتور كالوس” عندما عمل مترجما للكولونيل “شو” قائد الفرقة العسكرية البريطانية المرابطة في حلب عام 1944 الحادثة التاريخية التالية :

كانت الحرب العالمية الثانية في نهايتها وكان الصراع الحربي على أشده، وبالرغم من أن الحليفين البريطاني والفرنسي كانا يحاربان الفاشية في اوربا الا انهما كانا يقتتلان في سورية على المواقع العسكرية والمطارات وطرق الامداد والنفوذ السياسي.

وبالرغم من نيل سورية استقلالها السياسي في العام 1943 بعيد انتخاب الرئيس شكري القوتلي، الا ان لبريطانيا اطماعا عسكرية واقتصادية لكي تشرعن وجودها العسكري بطرد القوات الفرنسية انتصارا للكتلة الوطنية، وبذات الوقت تقدم مبررا امام المجتمع الدولي باعلان الحماية البريطانية على سورية .

في هذا التوقيت من الصراع الدولي، قام بعض الرعاع بمهاجمة الكنائس المسيحية بحلب عام 1944 والذي اطلق عليه (الأحد الدامي) باحراق الرموز المقدسة ورمي القذائف اليدوية الصنع على الكنائس .

انزل قائد الحامية البريطانية قواته العسكرية فورا ونصبها حول الاحياء والكنائس المسيحية بحلب وطلب لقاء المطران ايسيدروس فتال، وكان الراوي لهذه الحادثة والمترجم بين المطران والكولونيل البريطاني، الصحفي الحلبي فيكتور كالوس والذي وثقها في كتابه الاول “رمال في الهواء”.

يقول كالوس :

بعد ان استمع لخطبة الكولونيل بأنه رهن اشارة المطران لحماية الكنائس من اي اعتداء محتمل ، وهو لا يطلب منه سوى الافادة الخطية والتوقيع على وثيقة الموافقة على حماية القوات البريطانية للمسيحيين وكنائسهم في حلب ..

استمع المطران فتال الى الكولونيل “شو”وهو شبه مغمض العينين واصفا اياه بأنه كاهن بسيط لايعرف المناورات السياسية ، ولكنه يتسم بالحس الانساني والوطني العال .. اذ أجاب ممثل سلطة صاحبة الجلالة على الارض السورية ، بأنه يرجو الكولونيل “شو”بأن يزيل قواته العسكرية ويرفع مدافعه الرشاشة من محيط كنائسه .. وأردف قائلا بحزم :”اذا اردت ان أستعين بحماية أحد فسأطلبها من أبناء وطني .. وسأحرص كل الحرص بأن يكونوا من أخوتي المسلمين وقام من فوره منهيا اللقاء …

حين علم الرئيس شكري القوتلي بموجز هذا الحديث اتصل به مهنئا .. قائلا : “لو كان هناك وساما سوريا رفيعا يليق بك وبانتمائك الوطني لما تأخرت عن تقليدك اياه .. ولكنني اهنئك بأن تكون بشخصك وحكمتك احد صناع الاستقلال السوري”.

كان مجرد موافقة المطران على الحماية البريطانية للمسيحيين السوريين بالأعراف القانونية اعلان احتلال عسكري بريطاني ثان بعد الفرنسي .

واليوم يهمس الكثر .. ياليته فعل ..

 




Event status
Not started

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي