زيارة الشرع إلى فرنسا: دبلوماسية طموحة وسط رهانات سياسية وإقليمية

في خطوة دبلوماسية طموحة لكن محفوفة بالتحديات السياسية والإقليمية، استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الرئيس السوري أحمد الشرع في باريس يوم 7 أيار/ مايو 2025، في أول زيارة له إلى دولة أوروبية منذ توليه السلطة عقب سقوط النظام البائد وفرار بشار أسد إلى روسيا في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024.
الزيارة، التي تطلبت موافقة خاصة من الأمم المتحدة بسبب إدراج الشرع سابقًا على قوائم مكافحة الإرهاب لقيادته هيئة تحرير الشام، تهدف إلى تمهيد إعادة دمج سوريا دوليًا، لكنها أثارت جدلاً داخليًا حادًا في فرنسا وتساؤلات حول قدرة الشرع على تنفيذ إصلاحات وسط توترات إقليمية.

استقبل ماكرون الشرع، الذي وصل برفقة وزيري الخارجية والطوارئ، في قصر الإليزيه، وفق وكالة فرانس برس. ركزت المباحثات على إعادة إعمار سوريا، رفع العقوبات، وحماية الأقليات. أيدت فرنسا رفع بعض العقوبات القطاعية الأوروبية، معتبرة أن الإجراءات الأمريكية “تثقل كاهل السلطات الانتقالية في إعادة الإعمار وجذب الاستثمارات”، لكنها ترى أن إزالة الشرع من قائمة عقوبات الأمم المتحدة سابق لأوانه. طالب ماكرون بحماية العلويين والدروز بعد انتهاكات مارس 2025، وحث الاتحاد الأوروبي على معاقبة الجناة.

قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو: “عدم الحوار مع السلطات الانتقالية غير مسؤول تجاه الشعب الفرنسي، ويمهد لعودة داعش”، مشيرًا إلى دور سوريا في مكافحة الإرهاب، السيطرة على الهجرة، تهريب المخدرات، واستقرار لبنان. وصف ماكرون الشرع بأنه “قائد موجود في مكانه” بعد “حرب دموية”، لكنه انتقد الضربات الإسرائيلية في سوريا، واصفًا إياها بـ”ممارسة سيئة”، وقال: “لا يمكنك ضمان أمن بلدك بانتهاك أراضي جيرانك”.

رد الشرع أن العقوبات “تعاقب الشعب السوري”، واعدًا بتحقيق دولي في الانتهاكات الطائفية. وأكد: “بتحرير سوريا، أنقذنا المنطقة من إرهاب محتمل كان يجثم على السوريين”، مضيفًا: “لن نسمح بالفتن الطائفية أو بانتهاك سيادة سوريا، ومستقبلها لن يُقرر في عواصم بعيدة”. كشف عن مباحثات غير مباشرة مع إسرائيل لوقف الغارات المستمرة منذ ديسمبر 2024، واصفًا إياها بـ”انتهاك اتفاق 1974″.

أعلن الشرع تبادل التمثيل الدبلوماسي مع فرنسا، وهي خطوة رمزية لتعزيز العلاقات. في سياق منفصل، نشر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني على حسابه الرسمي في إكس أن الزيارة “شكلت نقطة تحول لرفع العقوبات، تعزيز الأمن الإقليمي، وخلق بيئة للسلام والاستثمار”.
مؤكدا أن نجاح هذه الزيارة لا يقتصر على المستوى السياسي فقط، بل يعكس أيضًا الإرادة المستمرة في تعزيز بناء علاقاتنا الدولية على أسس قوية من التعاون المشترك والاحترام المتبادل مع الجميع.

التقى الشرع نخبًا سورية، بما في ذلك “قيصر”، لمناقشة الوحدة الوطنية.

رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع ووزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد الشيباني يلتقيان السيد فريد المذهان المعروف بـ “قيصر” على هامش زيارتهما إلى جمهورية فرنسا.


في مؤتمر صحفي مشترك، واجه الشرع أسئلة حادة عكست تعقيدات ماضيه وتحديات الحاضر. سأل صحفي: “كيف تثق فرنسا بقائد كان مدرجًا على قوائم مكافحة الإرهاب؟” رد الشرع: “كافحنا نظامًا مجرمًا أسقط براميل كيميائية على شعبه، ولم نشارك في أي أعمال إرهابية في أوروبا”. عن مصير الجهاديين الأجانب، قال: “إنهم جاءوا فرادى وليس جماعات، وسيخضعون للقانون، مع إمكانية تجنيسهم إذا تزوجوا سوريات وأنجبوا أطفالًا، وهو حل كريم لمن قاتلوا إلى جانب الشعب السوري”.
وعن الانتهاكات الطائفية، أكد: “لن نسمح بالفتن الطائفية ولا بانتهاك سيادة سوريا من أطراف خارجية ومستقبل سوريا لن يصاغ في غرف مغلقة ولن يقرر في عواصم بعيدة

الثقة تُبنى بالأفعال، وليس التصريحات

جان نويل بارو، وزير الخارجية الفرنسي

أثارت الزيارة عاصفة سياسية في فرنسا. قالت مارين لوبان، زعيمة التجمع الوطني: “ذهول وذهول”، واصفة الاستقبال بـ”الفضيحة”. أكد لوران فوكييه، زعيم نواب الجمهوريين: “نحن لا نستقبل قادة إرهابيين سابقين وأعضاء منظمات تريد مهاجمة فرنسا”. . ردت الرئاسة أن الحوار ضرورة استراتيجية.


france24
lemonde

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية