جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال الافتتاح الرسمي لمنتدى أنطاليا الدبلوماسي بنسخته الرابعة.
ولفت فيدان إلى أن المنتدى يُعقَد في ظل تطورات استثنائية، وأنه أصبح مركزاً عالمياً لنبض الحوار والدبلوماسية في عالم مجزَّأ، وأوضح أن هذا السقف الذي يكبر كل عام يجمع الشمال والجنوب والشرق والغرب ورجال الدولة والمثقفين والدبلوماسيين والشباب إلى طاولة واحدة.
وقال فيدان: “يتميز منتدانا بتأثيره الدولي وسمعته ومستوى المشاركة الواسع. وفي هذا الصدد، يسعدنا أن نرى أن منتدى أنطاليا الدبلوماسي يلبِّي احتياجاً عالمياً”، وذكر أنه “من الخطأ النظر إلى الدبلوماسية اليوم على أنها تتكون من ممرات وطاولات، فالدبلوماسية تتطلب في العصر الجديد فهماً أكثر تنوعاً وديناميكية”.
وأشار إلى أن العلاقات الدولية اليوم تمثل عالماً ديناميكياً منسوجاً بشبكات غير مرئية، وبعيداً عن الخطوط الثابتة. وأضاف: “مع انقضاء الربع الأول من القرن الحادي والعشرين نشهد تحولاً عالمياً سيشكل مسار التاريخ، واليوم نلمس تأثير هذا التحول في كل مكان”.
وشدد على أن التحول لا يقتصر على تغير مركز القوة في النظام الدولي، وأن الحركات الاجتماعية تشهد تحولاً في داخلها بسبب عجز النظام القائم عن إنتاج حلول للمشكلات. وأكمل أن تصورات التهديد التقليدية تزداد يوماً بعد يوم، والثقة المتبادلة بين الدول تتضرر تدريجياً، بل تتلاشى.
تصريحات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في انطلاق أعمال النسخة الرابعة لمنتدى أنطاليا الدبلوماسي:
— TRT عربي (@TRTArabi) April 11, 2025
– نجتمع مع الدبلوماسيين هنا بهدف إيجاد حلول للمشكلات حول العالم
– يقوم هذا المنتدى على الشمولية والعقل المشترك ووصلنا إلى أن يصبح هذا المنتدى أحد المنتديات المهمة حول العالم
-… pic.twitter.com/HZjzTFIC5k
ولفت وزير الخارجية التركي إلى أن روح العصر أصبحت تشير إلى نظام دولي متعدد الأقطاب والطبقات والأبعاد، كما أشار إلى وجود ازدياد في ميول الانقسام الجيوسياسي والآيديولوجي والتكتلات، وأعرب عن أسفه حيال بدء سباق التسلح من جديد، وتابع: “في ظل هذه الأجواء، يبرز التآكل في الحوكمة العالمية، وضعف المؤسسات متعددة الأطراف، وصعوبة التنسيق في القضايا العالمية، بوصفها أهم التحديات أمامنا”.
وأوضح أن “أكبر تهديد محتمل للنظام الدولي هو، معاذ الله، مستقبل مظلم يسوده انعدام القواعد وعدم اليقين والتصرفات الانفرادية”، وأردف: “لهذا السبب هناك حاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى سياسات واقعية قائمة على الحكمة والعدالة ودبلوماسية فعالة على المستوى الدولي”.
وأفاد بأن المسألة تكمن في إدارة التعددية القطبية بشكل صحيح، وفي الوقت نفسه من الضروري جعل الحوكمة العالمية أكثر شمولاً، وزاد: “بهذه الطريقة فقط سيكون من الممكن إنشاء عالم أكثر عدلاً بمشيئة الله، كما أكد السيد رئيس جمهوريتنا (رجب طيب أردوغان)”.
وأكد فيدان أن “هذا الهدف لن يتحقق بالخطابات فقط، بل أيضاً بإعادة تشكيل المؤسسات الدولية وفق هذا المبدأ”، وشدد على أن “الأمم المتحدة اليوم لا تستطيع، للأسف، تلبية تطلعات المجتمع الدولي في ما يتعلق بالسلام والعدالة”.
وقال إن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أصبح يمثل نظاماً يقف إلى جانب القوة، وإن وأوضح مثال على ذلك هو قطاع غزة. ولفت إلى أن مجلس الأمن ظل صامتاً وعاجزاً أمام المذبحة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأضاف فيدان: “لقد تعمَّق الصمت، وازداد الظلم، ونزفت الضمائر، أما اسم هذا المشهد فقد ظهر أمامنا أزمةً شرعيةً”، وتابع: “في أثناء إعداد أرضية النظام الدولي الجديد في القرن الحادي والعشرين يجب أولاً التغلب على أزمة الشرعية هذه”، وشدد على أن “تركيا بلد يقع في قلب الأزمات ووسط التوترات ولكنه يقف أيضاً في مركز الحلول”.
وأوضح أن تركيا اليوم فاعل يرفع صوته من أجل غزة، ويدعو إلى السلام من أجل أوكرانيا، ويدافع عن الاستقرار وإعادة الإعمار في سوريا، ويبني التعاون في القوقاز والبلقان وإفريقيا، وقال: “موقفنا هذا لا ينبع فقط من منطقتنا الجغرافية، بل من تاريخنا وضمير أمتنا”.