قريبٌ منكِ.. حتى البُعد ….لـ: ياسر الأطرش

ياسر الأطرش
شاعر و إعلامي سوري

* إلى نبيهه *‏

حورية الحلم..‏

قمراً سيسقط- بعد أغنيتين- وجهكِ‏

حيث أضلاعي تفتّش عن حليب البحرِ‏

عن عشبٍ يُضمّدُ ما تكسّر من زجاج الروحِ‏

عن وجعٍ جديرٍ بالفَراش وبالخيولْ..‏

عبثاً‏

أحاول أن أمدَّ يدي إليكِ‏

فأنتِ أقصى‏

أنتِ أبعدُ من بريق الخوفِ‏

أوسعُ من مساحات اللقاءِ‏

وأنتِ شيءٌ كان ينقصني‏

لأنبتَ وردةً في الماءِ‏

أبكي الجائعينَ‏

وأشتري لدمي قميص الحزنِ‏

أصرخ في الشوارعِ‏

-يا شوارعُ.. يا بيوت الناس..‏

يا مستقبل الفقراءِ.. آويني‏

فظلُّ صديقتي سرقته أضواء المدينةِ‏

والبقيّة من ضفائرها تمشّط أعين الغرباءِ‏

نامي يا شوارع فوق أحلامي.. ليختنقَ البكاءُ‏

هي قبلةٌ أخرى‏

ويصلبني الحنين على شفاهكِ‏

أو يفوز الجبُّ بالطفل البريءِ‏

وأرتدي قلبي أباً أعمى.. ويعبرنا المساءُ‏

البحر ليس لنا، وصوتي ليس لي‏

لكنّ قلبكِ- سيّد الشرفات-‏

يحملني إلى عينيكِ.. حيث هنا السماءُ..‏

وأنا قريبٌ منكِ حتى البُعدِ‏

لكني أحسُّ أمام حسنكِ أنّ لي بيتاً‏

وأني نخلةٌ يغفو على أهدابها التاريخُ‏

تغتسل الحضارة بامتداد اللونِ‏

لونكِ- عندما يغتالني اسمي- انتماءُ‏

وأنا أحبكِ‏

حين تنكرني شبابيك البلاد، وحين تذبحني قناديل الحنينْ‏

وأنا أحبكِ‏

خائفٌ من كلّ يومٍ لستِ فيهِ‏

ومن شواطئَ قد تبوس يديك قبلي‏

وأنا أحبكِ‏

لستِ أنتِ.. وإنما قلبي الذي يختار قتلي‏

فاعذريني‏

إن سجدتُ أمام حسنكِ‏

فالسجود أمام حسنكِ.. كبرياءُ‏

* * *‏

هي دورةٌ أخرى‏

ونصبح قادرين على اعتياد الحزنِ‏

نعشق يأسنا، ونظلُّ خلف الباب ننتظر الغيابْ‏

أجسادنا رملٌ تكوّمه الرياح على الرصيفِ‏

فقبّليني.. قبل أن يطفو على أسمائنا جيلٌ جديدْ‏

البحر ليس لنا‏

ولكنّ ارتعاش وجوهنا في الماءِ.. آيه‏

والآن.. تبتعد الصلاة إلى مرافئها‏

وصوتكِ.. طاعنٌ بالخوف.. يكسرني‏

وأعرف أنّ هذا الليل- بعدكِ- صورةٌ للموتِ‏

يرسمها النعاس على العيونِ‏

لتطمئنّ إلى مذابحها‏

وأعرف أنني ضيّعتُ أمي فيكِ، وانتحرتْ بلادي‏

فامشي بقامتكِ القصيّة فوق أحلامي‏

ازرعيني في عيونكِ‏

كي أكون أنا.. أنا‏

أو كي أحاولْ..‏

أنا لا أحب الناس بعدكِ‏

لا أعيش ولا أموت ولا أحاولْ‏

إنْ غبتِ.. غبتُ‏

وإن طلعتِ أصيرُ خبزاً رائعاً‏

ما الماء يُحيينا إذاً‏

لكنّ حسنكِ حين يسقي الأرض‏

تخضرُّ السنابلْ..‏



يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية