يدٌ.. وثلاثُ أصابعَ..

وليد الحسين
كاتب سوري

ثَلاثُ أصابعَ فقط والكثيرُ.. الكثيرُ من الفراغِ.. هذا كل ماأملكهُ من أجل أن أكتب شيئاً جيداً.. شيئاً يستحقّ القراءة.. 
أحدهم ناصحاً
قال لي منذ مدّةٍ إن أردتَ أن تكتبَ شيئاً جيداً عليك أن تنعمَ بالكثيرِ من البردِ.. 
أجل البرد.. 
يجب أن يخترقَ جسدَك.. 
ينخرَ عظامك.. 
إن لم تصطكّ أسنانُك بعضها ببعض محدثةً أصواتاً مرعبةً ستبقى عاجزاً عن الكتابة.. 
يجب أن يكسيَ اللونُ الأزرق شفاهَك.. 
على البرد أن يجعلَ من أنفك جدولاً صغيراً من الماء اللزجِ المكسوّ باللون الأصفر.. 
إن لم يرسمْ البردُ على وجهك حبّةَ بطاطس مقشرةً بطريقةٍ عشوائيّةٍ لن تستطيعَ الكتابةَ.. 
البرد.. 
إن لم يجعلْ منك رجلاً جليدياً تتحرك كطائر البطريقِ أيضاً ستبقى عاجزاً عن الكتابة..
 
إن توفّر كل هذا حينها فقط ستكتب شيئاً جيداً.. 
شيئاً يشعرك ومن حولك بالدفء.. 
و أنا ومذ تلك النصيحة عارٍ.. 
أجلس في البيت عارياً.. 
أتناول طعامي وشرابي عارياً.. 
أنام عارياً.. 
أذهب إلى العمل عارياً.. 
حتى المقهى.. 
ذهبت إليه البارحة و أنا عار.. 
الغريب أنّ كلّ تلك المدّة لم يلحظ أحداً أنني عار إلا سيّدة حين انتبهت أنني عارٍ لا أرتدي ثياباً وبدهشة سألتني.. 
أين هما الإصبعان المتبقيتان.؟ 
ههههه 
الإصبعان المتبقيتان إحتفظت بهما داخل خزانةٍ مصنوعةٍ من الكرتون لينعما بالدفء.. 
الدفء فقط..

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية