هل “تتسوّل” السوريات في الجزائر؟!..لـ : فاضل السباعي

هل "تتسوّل" السوريات في الجزائر؟!..

[ult_ihover thumb_height_width=”180″][ult_ihover_item title=”فاضل السباعي” thumb_img=”id^59957|url^http://ebd3.net/wp-content/uploads/2018/01/فاضل-السباعي.jpg|caption^null|alt^null|title^فاضل السباعي|description^null” hover_effect=”effect19″ title_font_color=”#2cd3b4″ desc_font_color=”#2cd3b4″ block_border_size=”1″ title_responsive_font_size=”desktop:22px;” title_responsive_line_height=”desktop:28px;” desc_responsive_font_size=”desktop:12px;” desc_responsive_line_height=”desktop:18px;”]أديب سوري[/ult_ihover_item][/ult_ihover]
بثقافة تعوزها الشفافية سمّت طالبتان جزائريتان أطروحة الماجستير التي تُعدّانها “تسوّل اللاجئات السوريات في الجزائر”، وما كان يُغني الموضوعَ ذكرُ الجنسية ما دام يتعلق “بتسول اللاجئات”.
ومع أنه مضى على تقديم الأطروحة وإجازتها سنتان فإن موضوعها استُحضِر أخيرا، فكانت هذه المقالة، المفعمة بالمشاعر الفيّاضة والمدعومة بالمعرفة (لكاتبة سورية، زعم آخر أن النص منتحل منه) أضيف إليها ما زادها تعبيرا عن حبّ دمشق… فقد أحببت أن أقدمها هنا: 

من أخلاقنا – نحن في سورية – ألا نسمّي “المتسوّل” متسولا، وإنما نسميه محتاجا.. أما في باقي أصقاع الأرض، فيسمونه متسولا أو شحادا…

شيء طبيعي ان يكون التشرد والغربة والفقر والنفي… كلها من مخرجات الحروب.. ولكن الشيء غير الطبيعي أن يعامل مَن هُجِّر من دياره معاملة الذليل وقد كان في بلده عزيزا كريما!

فهذه المرأة السّوريّة المسلمة المتسوّلة التي تتحدث عنها رسالة الماجستير، كانت سيدة في بلادها، ثم صارت متسولة في بلادكم، كانت ربة منزل لها أسرة وجيران، وربما تحمل شهادة الماجستير نفسها.. أو قد تكون معلمة أو مهندسة أو كاتبة.. وهي الآن تكتب عنكم في الوقت الذي تظنون أنكم تكتبون عنها رسائل للماجستير!

هذه المرأة المسلمة السورية التي كانت تطبخ لأولادكم (أصدقاء ولدها) القادمين من الجزائر للدراسة في سورية بالمجان، وكانت تعاملهم كأولادها…

هذه المرأة المسلمة السورية التي كانت تدفع ولدها ليدافع عن شرف الأمة المهدور بأمثالكم…

هذه المرأة المسلمة السورية التي كانت تضمّ أزهار الياسمين الشامي لتجعل منها طوقًا تهديه لأحبتها، ولكنها الآن بلا ياسمين وبلا أحبة… هذه فلسفة لا يدرك معانيها إلا أهل الشام…

هذه المرأة المسلمة السورية المتسولة من نسل أمراء بني أمية ولكن جارت عليها الأيام، فطرق أمثالُها أبواب أمثالكم…

وقد تكون هذه المرأة المسلمة المتسولة من نسل الأمير عبد القادر الجزائري، الذي اختار أن تكون الشام و دمشق منفاه الأخير، فاستقبله أهل الشام بالتكبير والتهليل، وأنزلوه منازل الأمراء التي تليق به، وأغدقوا عليه وعلى جماعته الأموال والأراضي والأوقاف، لأنّ العظماء يعرفون قدر بعضهم بعضا… حتى عندما مات، دفنوه إلى جوار قطبهم محي الدين بن عربي، فأكرموه حيا وميتا…

وقد تكون هذه المتسولة هي نفسها التي خاطت علم الجزائر بيديها لترفعه في المظاهرات خلال حرب التحرير، ثم باعت ذهبها وأرسلت المال لتشتروا به سلاحا تدحرون به المستعمر الفرنسي

[dt_fancy_image image_id=”60373″ onclick=”lightbox” width=””]
قد تكون متسولة نعم، ولكنّ الشيء الأكثر أهمية من التوصيف ومن نيل شهادة الماجستير هو:
لماذا ألجأتموها إلى التسول؟
أليس في الجزائر بيوت؟!
أليس في الجزائر طعام؟!
أليس في الجزائر ثياب؟!
أليس في الجزائر من يقرأ قوله تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)؟!
أليس في فلسفتكم شيء اسمه “ضيف”؟
أليس في فلسفتكم شيء اسمه “إغاثة الملهوف”؟
أليس في فلسفتكم شيء اسمه “الإنسانية”؟
ألا يوجد على وجه الأرض شعب كالشعب في بلاد الشام؟
تعلمون ماذا فعل السوريون بأشقائهم الهاربين من الحروب؟ من فلسطين والجزائر ولبنان والعراق ؟؟؟؟؟؟؟

كنا نسميهم ضيوفا” وسكنوا في أفضل المناطق وفي دمشق أرقى حي يسمى حي المهاجرين.. لم نرضَ أن يسكنوا في المدارس والمخيمات أو تحت مشمّع مطري ما بين دولتين… بل أسكناهم بيوتنا، وأطعمناهم مما نأكل، وألبسناهم مما نلبس… حتى عادوا إلى ديارهم من غير أن يفقدوا ذرة من كرامتهم…
ماذا نفعل والكرام والكرامة والأنفة تُوَرّث ولا تُكتسب؟!

يطلق المحللون على الثورة في سورية اسم (الفاضحة)، لأنها فضحت الجميع… فضحت الأشقاء قبل الأعداء…

ومن أجل الإنصاف، هذا الكلام لا ينطبق على كل الشعب الجزائري، لأن فيه من العظماء ما فيه………….. حكمت ظروف الحرب على أهل سوريا باللجوء الى بلد عربي رغبة بالأمن والأمان علهم يجدون إخوانا لهم ناصرين كما فعل الأنصار مع المهاجرين… ولكن لو أنهم ذهبوا الى دولة اوربية مسيحية لكان أشرف لهم وسيجدون العون والأمان كما وجده الصحابة عند هجرتهم الى الحبشة المسيحية فعاشوا عند النجاشي خمس عشرة سنة بأمن وأمان حتى عادوا بعد فتح خيبر…….

دمشق شقيقة بغداد اللدودة، ومصيدة بيروت، حسد القاهرة وحلم عمّان، ضمير مكة، غيرة قرطبة، مقلة القدس، مغناج المدن وعكاز تاريخ لخليفة هرم…
إنها دمشق
امرأة بسبعة مستحيلات، وخمسة أسماء، وعشرة ألقاب، مثوى ألف ولي، ومدرسة عشرين نبيا، وفكرة خمسة عشر إله خرافي لحضارات شنقت نفسها على أبوابها .

إنها دمشق الأقدم والأيتم، ملتقى الحلم ونهايته، بداية الفتح وقوافله ، شرود القصيدة ومصيدة الشعراء .

دمشق التي تتقن كل اللغات ولا أحد يفهم عليها إلا الله جل شأنه وملائكة عرشه.
دمَّر هولاكو بغداد وصار مسلماً في دمشق، حرر صلاح الدين القدس وطاب موتاً في دمشق،

لديها من العشاق ما يكفي حبر العالم . من الأزرق ما يكفي لتغرق
القارات الخمس .

لديها من المآذن ما يكفي ليتنفّس ملحدوها عبق الملائكة، ومن المداخن ما يكفي “لتشحير” وجه الكون، لديها من الصبر ما يكفي لتنتشي بهزة أرضية، ومن الأحذية و”الشحاحيط” المعلقة في سوق الحميدية ما يكفي للاحتفال بجميع قادات العالم، لديها من الحبال ما يكفي لنشر الغسيل الوسخ للعالم أجمع، ومن الشرفات ما يكفي سكان آسيا ليحتسوا قهوتها ويدخنوا سجائرهم على مهل .

دمشق هي العاصمة الوحيدة في العالم التي لا تقبل القسمة على اثنين.. في أرقى أحيائها تسمع وجع “الطبالة”، وفي ظلمة “حجرها الأسود” يتسلّق كشّاشو الحمام كتف قاسيون ليصطادوا حمامة شاردة من “المهاجرين”.

دمشق… لا تُقسّم إلى محورين، فليست كبيروت غربية وشرقية، ولا كما القاهرة أهلي وزملكاوي، ولا كما باريس ديغولي وفيشي، ولا هي مثل لندن شرق وغرب نهر التايمز، ولا كمدن الخليج العربي مواطنون ووافدون، ولن تكون كعمّان فدائيون وأردنيون، ولا كبغداد منطقة خضراء وأخرى بلون الدم.

دمشق مكان واحد.. فإذا طرقت “باب توما” ستنفتح نافذة لك من “باب الجابية”.. وإذا أقفل “باب مصلى” فلديك مفاتيح “باب السريجة”.. وإن أضعت طريق “الجامع الأموي” ستدلك عليه “كنيسة السيدة”.

لا تتعب نفسك مع دمشق، فهي تسخر من كل من يدعي أنه يحميها ومن يهدّد بترويضها، فتود أن تعانقها أو تهرب منها، وتقول جملة واحدة للجميع: إنها دمشق، إنها دمشق، أيقونة المدائن…

[dt_fancy_image image_id=”60378″ onclick=”lightbox” width=”” height=”500″]
[dt_fancy_image image_id=”60377″ onclick=”lightbox” width=”” height=”500″]

اللوحات للفنان : محمد الكوركي

دمشق الشام:
ظهيرة السبت 3 فبراير / شباط 2018

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية