حرفان لا أكثر …لـ: ماهر حمصي

ماهر حمصي
بلا رتوش

تعرف العدّ والحساب ، والأخبار السياسية وأسماء الرؤساء …وتعرف ما يجري هنا وفي أقاصي المعمورة .
تعرف كيف تحبس الهواء ، وتبقى ثابتة ومشدودة الظهر …وكيف تلقاك بابتسامة تسحرك وكوب شاي لن تنسى طعمه البتة .
تأتي والفجر ، وتفتح عينيك وإشراقة لحظة لا تريد مغادرتها .
– اكتب لي كل الأرقام والأسماء .
– وكيف تميزين ؟ّ!
– بنيّ …هذا الرقم ….لـ : ……….صح ؟
– ( مذهولا ) : ………..
مساحة انتقالها وتنقلها لا تتجاوز عشرة أمتار …إنها مسافة كافية وتزيد لتبعث الدفء والحنان أميال بعيدة .
تجلس بجانب الهاتف ، ترقب أن يرن :
– بنيّ …لا عليك أنا بخير …
– و…. ؟
– اعتدت على أصواتهم ..اعذرني كنت والبرد ولحاف أتدثر به ….الكهرباء مقطوعة …قد تعود لتنقطع ثانية وثالثة .
– ما أجمل منظره ..وما أروع موكبه …إنهم يتراكضون ….ليختبئوا هنا …سوف أفتح الباب لهم …لن أخشى أحدا .
– كن بخير بنيّ ….وأنتظرك قبل أن يأخذ الله أمانته .

حرفان لا أكثر ، ويفيض النهر .. تشدّ الثاني ، وتعاف الأول بهمزةٍ خافقا .
وياؤها لي ، تبسم في أنّةٍ ، وتلقاك ومضةَ عين ، ورجّة قلبٍ شاقه البعد…؟!
…كيف أعود ، والغيم غيّبَ سرّه ، والترب يباب ولا نبض !؟
وصوت رنين ، ولا ردّ؟!!
…………ربّما في غفوة ترسم انتظاري .؟.

فتحت عينيها بتثاقل ..أرادت أن تقول شيئا من خلف كمامة حبست صوتها ..
– الحمد لله على سلامتك …..إنه يسأل عنك ويسلّم عليك خالتي 
اغرورقت عينها بدمعة عزيزة .

لا أحد يرد قضاء الله وقدره ….حسبي أنه يبحث كيف كانت تحاكي العنقاء …وكيف تعاند قلة الهواء المتسرب إلى رئتين أصابهما السواد .
لم تكن تحت رماد المرض أو هاجسه …
بابتسامتها وبإيماءة ساحرة …تمد يدها إلى جيبها ، وتخرج قطع النقود المعدنية ….توزعها ولا تخطئ في العدّ أو تغفل من كان غائبا …ولا تعير اهتماما لاعتراض من يمتنع وهو يردد : أصبحت كبيرا ….. .

2012


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية