استمر في الضحك.. ستموت قريباً
عامر:
(17 سنة)
لدي أخان أكبر مني، الأول في السويد، الثاني في الجيش، أخذوه على الحاجز، منذ سنة ونصف
طالب في ثانوية الشهيد (….) الصف العاشر
لا أشاهد التلفزيون، لاأتابع الأخبار
رغبتي أن أسافر لعند أخي.
—
حسان:
(14 سنة)
لدي أخ في الجيش وأخت متزوجة في تركيا
الصف الثامن
أعمل في دكان سمانة يملكه أبي
لا أشاهد التلفزيون أبداً
أرغب بالسفر، لاأعرف أين.
—
محمد:
(22 سنة)
سُرحت من الجيش بسبب إصابة سببت لي العرج الذي تراه
لا أتابع الأخبار، ولا أهتم بالسياسة، ولا أفكر بالمستقبل
ماعاد السفر سهلاً.
—
وليد:
(20 سنة)
طالب جامعي
أريد أن أعيش حياة عادية، أن أحب وأتزوج وأجد عملاً. أتمنى عندما أنهي دراستي أن تكون الأمور قد هدأت.
السياسة خربت بلادنا.
—
نجلاء:
(21 سنة)
متزوجة من مجند يخدم جهات درعا
أم لطفل بعمر السنة
أعمل في محل بيع ثياب
أتابع المسلسلات التلفزيونية
لاعلاقة لي بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد
يهمني أن يسرح زوجي ونسافر.
—
عدنان:
(25 سنة)
متزوج ولدي ولدان
لم أكمل الجامعة
وحيد، أحمل دفتر العسكرية في جيبي دائماً. ليس لدي مشكلة مع الحواجز ومع ذلك أفضل تجنبها
دخلوا علي مرات في محل الستائر الذي يملكه أبي
لا أتابع الأخبار
أكره السياسة
سأسافر لأجل مستقبل ولدَي.
—
سعيد:
(28 سنة)
متزوج وليس لدي أولاد
أعمل مساعد نجار
بقيت في أسر (داعش) ثلاث سنوات، وخرجت بصفقة مبادلة أسرى مع الجيش
(خراك) على السياسة كلها، بدنا نعيش
أخي في ألمانيا منذ خمس سنين، سفري بات مستحيلاً.
—
سهام:
(16 سنة)
أدرس حرة (دون دوام في المدرسة) لأتقدم لامتحان الشهادة السنوية بعد سنتين
أعمل في محل لبيع الثياب الأوروبية المستعملة (البالة)
أهم شيء بالنسبة لي! ماذا تقصد؟.. أظن (الموبايل)
أبي يشاهد الأخبار أحياناً، أنا وأمي وإخوتي نتابع المسلسلات والمسابقات.
—
دخل الآن لبيتي معلم التمديدات الكهربائية (أبو محمد) النازح من (سلمى) مع ابنه. مباشرة حزرت أن محمد وحيد. سألته مازحاً: “هل تهتم بالسياسة؟. أجابني جاداً: “السياسة مابتطعمي خبز”.
—
يتكرر محتوى هذه الشهادات مع الكثيرين من هؤلاء الذين التقيت بهم وأجابوني على أسئلتي، لدرجة أنه لاحاجة لإيرادها جميعها:
– لا أتابع الأخبار
– لا أهتم بالسياسة
– أريد أن أعيش
– حلمي أن أسافر
مايجعلنا نشعر، وبعد هذه السبع سنوات الطويلة من الحرب، بأننا نقف أمام مشهد شديد الاختلاف عما كنا نراه في بداية الأحداث. أتكلم، كعادتي عن مدينتي اللاذقية، أي في أحد الأماكن التي بقيت تحت سيطرة النظام وحمايته. وهي، وقد تحدثت، وتحدث الآخرون عن هذا مراراً، ليست كسواها من المدن السورية التي جرت فيها حروب أقرب لحروب الإبادة، إلّا أن اللاذقية التي عانت من عواقب كل ذلك، لا ريب مدينة منكوبة بطرق شتّى.
سبع سنوات لامثيل لقسوتها على الجميع، دون تفريق. لكن جيل الشباب، كان في مقدمة ضحايا الحرب، لكونه دمها النازف. فلطالما سمعنا من يقول إن الشباب الذين نزلوا إلى الشوارع وبدؤوا المظاهرات، قد اختفوا جميعهم، إما قتلوا وإما اعتقلوا وغابوا، وإما غادروا البلد إلى غير رجعة. ومن جهة الثانية، فقد عملت الحرب عملها في حصد الأرواح والإعاقة الدائمة لمئات الألوف من الشباب المجندين والضباط والمتطوعين في القوات الرديفة.
تدخل سوريا السنة 2018، وهي تعاني، فوق كل ما تعانيه، واحدة من أقسى المشاكل العضوية التي تنتج بعد انتهاء الحروب، وهي انقطاع التتابع الطبيعي لسلسلة الأجيال. يتبدى في:
أولاً، الفجوة العمرية التي صنعها تفريغها من الجيل الشاب، الذي أنهى تعليمه، وتدريبه المهني، وكان على استعداد للدخول إلى مجال العمل، والذي تتراوح أعماره ما بين 25 و 35 سنة، والذي يفترض الآن أنه يقوم برسم مستقبل بلده.
ثانياً، جيل المراهقين، ما تحت العشرين وفوقها بقليل، الذي بدأت الحرب وهو في عمر 8 إلى 15 سنة، لايعلم كيف ولايعلم لماذا!؟. لكن تأثيراتها أصابت كل شيء في حياته؛ أسرته، مدرسته، حارته.. مستقبله.
ثالثاً، جيل أطفال المدن المنكوبة ومناطق الحرب والنزوح، ومعهم أطفال المخيمات في الأردن وتركيا ولبنان، حيث لا بيت ولا مدرسة ولا ترديد للشعارات الوطنية، فقط الموت والخراب والقهر والجوع.
السؤال..كيف لسوريا أن تعبر كل هذا؟، حتى وإن انتهت الحرب..ومهما كان الحل؟..