الصنداي تايمز: شبهة فساد …رئيس هيئة الإذاعة البريطانية وجونسون وضمان القرض 800 ألف باوند

تجري السلطات البريطانية تحقيقًا في شبهة فساد تتعلق بتعيين شبكة بي بي سي في منصبه، بمساعدة من رئيس الوزراء بوريس جونسون مقابل حصوله على ضمان بقرض قيمته 800 ألف باوند.

وكان رئيس شبكة بي بي سي ريتشارد شارب قد شارك في اجتماعات حول تقديم المزيد الأموال إلى رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون، في كل من تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول / ديسمبر عام 2020.

وفي تلك الأثناء تقدم شارب -المصرفي السابق في بنك(Goldman Sachs)- بطلب لشغل منصب رئيس شبكة بي بي سي وقد حصل بالفعل على الوظيفة.

وبالتزامن مع ذلك كان جونسون يواجه مشاكل مالية أواخر عام 2020، حيث كان يسعى لدفع تكاليف طلاقه، ورعاية أطفاله، بالإضافة لتجديد شقته في داونينج ستريت.

وقد تورط شارب في شبهة فساد بعد تقديمه ل 400 ألف باوند لحزب المحافظين أثناء تناوله العشاء في منزل سام بليث وهو أحد أصدقاء وأقارب بوريس جونسون في غرب لندن.

Undated handout photo issued by the Bank of England of Richard Sharp, the former Goldman Sachs banker who will succeed Sir David Clementi as BBC chairman

ويعرف عن بليث أنه ملياردير كندي، وهو على قرابة بعيدة ببوريس جونسون، وقد اقترح بليث أن يكفل القرض المقدم لرئيس الوزراء جونسون، وطلب نصيحة شارب حول أفضل طريقة للحصول على القرض.

ووافق شارب على مساعدة رئيس الوزراء السباق بوريس جونسون في الحصول على القرض، في الأول من كانون الأول/ ديسمبر من عام 2020، ووصل إلى داونينج ستريت لمناقشة الموضوع مع أمين سر مكتب رئيس الوزراء سيمون كيس، وقد اجتمع كل من كيس وبليث عن طريق شارب، وتحدث كيس إلى جونسون بعد ذلك حول مسالة القرض.

وقبل حصول جونسون على القرض، تناول شارب وبليث وجونسون العشاء في استراحة ومنزل رئيس الوزراء السابق في تشكرز ببكينجهامشاير، بحسب ما ورد عن مصدر مسؤول، بينما أكد ثلاثتهم أنهم لم يناقشوا الأمور المالية الخاصة بجونسون أثناء تناول العشاء.

وكانت لجنة الأخلاق والانضباط في مكتب مجلس الوزراء قد طالبت بوريس جونسون حينها بالتوقف عن طلب مشورة شارب فيما يتعلق بالشؤون المالية الخاصة به وذلك في شهر كانون الأول/ديسمبر من عام 2020، بالتزامن مع اقتراب موعد تعيين رئيس جديد لشبكة بي بي سي.

وبحلول ذلك الوقت كان جونسون قد اختار شارب كأفضل مرشح لإدارة شبكة بي بي سي، وبتاريخ 6 كانون الثاني / يناير عام 2021 أعلن أوليفر دودن وزير الثقافة آنذاك عن اختيار الحكومة البريطانية لشارب كأفضل مرشح لإدارة شبكة البي بي سي علمًا أن مدير الشبكة يتقاضى 160 ألف باوند سنويًا.

ووفقًا إلى الميثاق الملكي لشبكة بي بي سي يعين مدير الشبكة من قبل الملك بناء على توصية كل من رئيس الوزراء ووزير الثقافة.

وتأخذ الحكومة بمشورة لجنة التعيين المكونة من أربعة أشخاص، حيث تجري اللجنة مسابقة عادلة لتقييم المتقدمين على المنصب، لكن تمتلك الحكومة الكلمة الأخيرة في اختيار المرشح المناسب لإدارة شبكة بي بي سي ويمكن للحكومة إعادة المسابقة، إذا لم تقتنع بقائمة المرشحين .

ويتحمل صاحب هذا المنصب مسؤولية شبكة بي بي سي ويطلب منه الالتزام بالحياد في التغطية السياسية للشبكة.

هذا ولم يكشف شارب أمام لجنة التعيين تورطه في الشؤون المالية الخاصة برئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون، كما لم يخبر شارب شبكة بي بي سي حول مشاركته في اجتماع بشأن الشؤون المالية الخاصة بجونسون، ولم يتحدث عن هذه القضية خلال جلسة الاستماع التي عقدت من قبل لجنة مختارة من مجلس العموم قبل استلام المنصب الجديد في شباط/ فبراير 2021.

وينص نموذج طلب التعيين في المنصب على ما يلي :” لا يمكن النظر في تعيينك في المنصب الجديد إذا لم تثبت نزاهتك وعدم تورطك في شؤون ومصالح المسؤولين”.

كما يرد في الطلب:” يجب على المرشحين لشغل منصب الإدارة الإبلاغ عن أي مشكلات في تاريخهم المهني، قد يساء فهمها أو تسبب بإحراج المدير، أو تزعزع ثقة الجمهور بمدير شبكة بي بي سي”.

كما لم يكشف جونسون عن تورط شارب في شؤونه المالية الخاصة ضمن سجل مصالح النواب، علمًا أن سجل مصالح النواب ينص على أنه يجب على الأعضاء الإعلان عن السلطات التي استخدموها لخدمة مصالحهم الخاصة.

كما لم يذكر ذلك في سجل المصالح الوزارية، علمًا أن القانون الوزاري ينص على أنه يجب على الوزراء ضمان عدم حصول أي تعارض بين واجباتهم العامة ومصالحهم الخاصة سواء كان ذلك في شؤونهم المالية أو قضايا أخرى”.

وأقر مدير شبكة البي بي سي بأنه دبر لقاء بين كل من أمين أسر رئيس الوزراء تشارلز كيس بالإضافة إلى ابن عم جونسون الملياردير بليث، لكنه أكد على عدم تقديم أي مشورة مالية وعدم الإقدام على أي فعل فيه تضارب بين مصلحته الخاصة ومنصبه.

وقال المتحدث باسم جونسون:” لقد تحدث شارب عن شؤونه الخاصة خلال العشاء الذي أقيم في منزل رئيس الوزراء في تشيكرز، أين المشكلة في ذلك؟!”، ولم ترد بي بي سي على ذلك بعد.

وكان شارب قد تقدم لشغل منصب مدير شبكة بي بي سي في تشرين الأول / أكتوبر عام 2202، بعد أن انسحب تشارلز مور المحرر السباق للتلغراف من مسابقة تعيين مدير لشبكة بي بي سي، علمًا أنه كان المرشح الأول لبوريس جونسون، وكان شارب قد ناقش فكرة الترشح لشغل المنصب مع بوريس جونسون بعد أن عمل مستشارًا اقتصاديًا لجونسون أثناء توليه منصب عمدة لندن.

وعرف عن شارب وجونسون أنهما صديقان قديمان، كانا يجتمعان في لندن ويذهبان للتزلج أيام العطلات.

وقال روبرت يستون المحرر السياسي لقنا(ITV) :” إن الحكومة كانت تقول للمتقدمين على المسابقة :” لا تضيعوا وقتكم، لقد اختار جونسون ريتشاد شارب لإدارة شبكة بي بي سي.

أما شارب وبليث فقد كانا صديقين منذ الثمانينات، وحين التقيا مجددًا في الاجتماع الذي سبق تعيين شارب كان الأخير يشغل منصب المستشار الاقتصادي لريشي سوناك في الشؤون الخاصة بكورونا، وكان شارب يتواصل مع سوناك أثناء عمله في (Goldman Sachs)، مما ممكن شارب من الوصول إلى مكتب رئيس الوزراء والعديد من المسؤولين بمن فيهم أمين سر مكتب رئيس الوزراء كيس.

ووفقًا لمصدر في الحكومة البريطانية فقد وافق كيس على مساعدة بليث لكي يكفل القرض المقدم لجونسون لكن كيس طلب من شارب عدم التدخل في شؤون جونسون وفي هذه الأثناء قال جونسون لكيس إن شارب يساعده في عملية الحصول على القرض، قبل فترة قصيرة من البيان الذي أصدرته لجنة الانضباط والأخلاق.

وخلال جلسة الاستماع التي عقدت أمام النواب قبل تسلم شارب لمنصبه الجديد، سئل شارب عن سبب تقدمه للمنصب نظرًا لعدم امتلاكه خبرة كافية في العمل الإعلامي، كما سئل عن نشاطاته السياسية، وقال شارب إن الأموال التي قدمها للجمعيات الخيرية أقل بكثير مما قدمه لحزب المحافظين.

وكان جونسون قد أنهى معاملة القرض الذي تقدم عليه بالتزامن مع تولي شارب منصب مدير شبكة بي بي سي في شباط/ فبراير 2021.

Boris Johnson

وقال فريق جونسون إن البنك سمح له بحسب، حوالي 800 ألف باوند، لكن فريق العمل الخاص برئيس الوزراء السابق أكد أن جونسون لم يسحب كل المبلغ المتوفر.

ولم يدلي جونسون بأي تصريحات حول اسم البنك الذي اقترض منه، لكن يقال إنه أخبر اللوردة جيدرت وهي مستشارة رئيس الوزراء للشؤون الأخلاقية باسم البنك، ولم يتحدث عن دور شارب في كفالة القرض.

كما أن القرض لم يدرج ضمن سجل النواب بشكل رسمي، حيث اعتبر المسؤولون أن القرض كان منفعة شخصية من قبل أحد الأقارب، وبالتالي فإن جونسون لم يستخدم منصبه كرئيس وزراء لسحب القرض.

كما أن أمين سر رئيس الوزراء كيس لم يكن يعلم بأن بليث على قرابة بجونسون، وكان ليث حينها يحاول الوصول لمنصب مدير المجلس الثقافي البريطانية، وهو هيئة غير إدارية تابعة لوزارة الخارجية.

وقال جونسون إنه لا يعرف بأن ابن عمه بليث قد تقدم لمنصب مدير المجلس الثقافي البريطاني، وأكد جونسون أنه كشف عن جميع الإجراءات التي تخدم مصلحته الخاصة ولم يستخدم منصبه لأي منفعة ذاتية، وأكد بليث على رواية جونسون.

لكن شارب لم يتحدث عن علاقته بقرض جونسون مع لجنة التعيينات قبل أن يستأنف العمل في منصبه كمدير البي بي سي، كما أنه لم يذكر أي شيء عن جونسون في سجل أعماله المقدم إلى مجلس إدارة بي بي سي بعد تعيينه في المنصب الجديد.

وتمتلك البي بي سي تاريخًا حافلًا من المدراء الذين كان معظمهم من أصحاب المناصب السياسية العليا، وقد تولى إدارة بي بي سي سابقا جافين ديفيز، وهو مصرفي في (Goldman sachs) أيضًا، وقد واجه اتهامات بالتحيز لأحزاب المعارضة، حيث كان متزوجًا من سو ناي مستشارة الرئيس السابق جوردون براون، وكان عضوًا سابقًا في حزب العمال، وقد تبرع أحد أعضاء إدارته جريج دايك في العام نفسه بمبلغ 50 ألف باوند لحزب العمال.

أما في فترة رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون فقد تولى اللورد باتن منصب رئاسة مجلس إدارة بي بي سي، وكان أحد مسؤولي حزب المحافظين في عهد جون ميجر، وشغل منصبًا وزاريًا في حكومة تاتشر، كما تولت رونا فيرهيد إدارة البي بي سي قبل أن تتنحى عن منصبها في حكومة المحافظين، وكان تيم ديفيز أحد مدراء بي بي سي مرشحًا لعضوية أحد المجالي المحلية التابعة لحزب المحافظين.

ورغم ذلك لم يحدث قط في تاريخ شبكة بي بي سي أن تتولى إدارتها شخصية كانت تساعد رئيس الوزراء في شؤونه المالية الشخصية.

وتولى شارب إدارة بشبكة البي بي سي لمدة عام ونصف خلال فترة حكم رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون، وكان تغطية بي بي سي لفضائح حفلات بي بي سي جدلًا واسعًا.

وقد وصف جونسون تغطية بي بي سي لفضيحة الحفلات ضمن مقر رئاسة الوزراء بالتغطية التافهة، والمشينة والانتقامية والمتحيزة حزبيًا، واتهم النقاد شبكة بي بي سي بأنها كالت الاتهامات للحكومة حول فضائح الحفلات دون أن تقدم ما يكفي من الأدلة على ذلك.

وواجه جونسون مساءلة قانونية بعد الكشف عن القرض الذي تحصّل عليه، وأحيل إلى المفوض الخاص بالبرلمان الأسبوع الماضي، بعد أن كشفت صحيفة الصنداي تايمز عن وجود قرض جديد لم يذكره جونسون في سجل عمله.

وأكد جونسون أنه ما من حاجة لإدراج القرض ضمن سجله لأنه مسألة شخصية وليست متعلقة بمنصبه في ذلك الوقت.

وسيواجه شارب أيضًا مساءلة حول الإجراءات التي اتخذها لضمان عدم استخدام منصبه في تحقيق مصالحه الشخصية، وسيسأل ما إذا كانت قرارته كمدير لشبكة بي بي سي قد تأثرت بعلاقته الشخصية مع رئيس الوزراء السابق.

وقال المتحدث باسم شبكة بي بي سي:” إن بي بي سي لا تلعب أي دور في تعيين مدرائها وطلب أن توجه جميع الأسئلة للحكومة
.
وقال شارب:” لم أستخدم منصبي لأي منفعة خاصة كل ما في الأمر أنني ساعدت بليث على الاتصال بأمين عام رئيس الوزراء،و لم أفعل أي شيء آخر على الإطلاق”.

وقال المتحدث باسم بوريس جونسون:” هذا هراء، لم يقدم ريتشارد شارب أي نصيحة مالية لجونسون، كما أن جونسون لم يطلب في الأصل أي نصيحة ماليه منه، ولم يقدم جونسون أي أجر أو تعويض لشارب”.

“لقد تناول جونسون العشاء مع شارب وهو يعرفه منذ 20 عامًا، وانضم لهم ابن عم جونوسن بليث، ما المشكلة في ذلك إذًا، كما أن معظم الإجراءات المالية الخاصة بجونسون أدرجت في سجله الرسمي بناءً على نصيحة المسؤولين”.


The Sunday Times


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية