ما هي قصّة ” نوران محمد ” ؟

[dt_fancy_image image_id=”60134″ onclick=”lightbox” width=””]

ما هي قصّة " نوران محمد " ؟

من ولاية إزمير التركية التي كانت في كثير من الأحيان شاطئ النجاة بالنسبة إلى السوريين الذين لطالما حلموا بالسفر إلى أوروبا، والتي انتهت ببعضهم بالموت غرقا في سواحلها، كانت هذه المرّة مسرحا لحكاية طفلة سورية تمكّنت من إدخال الدفء إلى قلوب المارة من السكان الأصليين المعروفين بحساسيتهم الكبيرة تجاه الحيوانات، على الرغم من البرد القارس في الولاية.

تحضر الطفلة نوران محمد (13 عاما) -والتي قدمت قبل سنوات من مدينة حلب هربا من الدمار والقصف  بشكل يومي إلى شارع (شهداء قبرص) الشهير في إزمير برفقة أختها مريم التي تصغرها بسنة واحدة، حاملتين على ظهريهما حقيبتيهما المدرسيتين ، على الرغم من عدم ذهابهما إلى المدرسة- باحثتين عن بضع ليرات يضعها بعض المارّة لهما مقابل عزفهما على آلة موسيقية بسيطة.

وتحاول الأختان ( نوران و مريم ) اللتان لا تعيران أي اهتمام للطقس البارد والمطر المنهمر في بعض الأحيان،من خلال الجلوس فوق قطعة كرتونية يقدّمها لهما أصحاب المحال التجارية والعزف على آلتيهما الموسيقيتين، بهدف مساعدة أسرتيهما في دفع أجار منزلهما الشهري.

ولا شيء يُشعر نوران وأختها -في ظل الصعوبات التي تواجهها الأختان (نوران ومريم) اللتان تعملان لتأمين مصاريف الدراسة لأخوتهم الذين يصغرنهم- بطفولتهما سوى الصداقة التي تجمعهما بالكلبة “بيلا” التي يلعبان معها في أوقات الراحة من العزف على الآلة.

وتمكّنت نوران وأختها من خلال كفاحهما، وصداقتهما التي تجمعهما مع بيلا من لفت أنظار المارّة الذين التقطوا لهما الصور، والتي نشروها على صفحات التواصل الاجتماعي، لتحصد خلال ساعات قليلة الآلاف من الإعجابات والتفاعلات.

وأهدى أحد المارّة الطفلةَ نوران صورة التقطها لها وهي تحتضن بيلا من دون أن تعير اهتماما للمطر المنهمر، وسط هروب وهلع المارّة خوفا من البلل، لتحفر الصورة المذكورة بدورها مكانة في أذهان ومتابعي صفحات التواصل الاجتماعي. 

[dt_fancy_image image_id=”60129″ onclick=”lightbox” width=””]

أحاول مساعدة أبي لتأمين أجار منزلنا الشهري

وتحدّثت الطفلة نوران في لقاء أجرته معها (الأناضول) عن الصعوبات التي تواجهها، وعن الكيفية التي قدمت بها إلى تركيا منذ سنوات طويلة برفقة عائلتها، مشيرة إلى أنّ والدها عقب قدومه إلى إزمير بدأ بالعمل كملمّع للأحذية بحثا عن لقمة العيش، موضحة أنّها كل مساء تخرج إلى الشارع للعزف على الآلة الموسيقية وكسب بعضا من النقود بهدف مساعدة والدها في تحمّل أعباء المنزل.

وتقول نوران: “كنت أحلم بالذهاب إلى المدرسة، لأصبح ممرضة في المستقبل، ولكن ظروف الحياة أجبرتني على مساعدة أبي، وذلك كي نتمكن من إرسال أخوتي الصغار إلى المدرسة، ولكن على الرغم من كل شيء سأبذل جهدي لتحقيق حلمي”.

[dt_fancy_image image_id=”60132″ onclick=”lightbox” width=””]

لدي العديد من الكلاب الأصدقاء

وتابعت نوران: “العمل في الشارع صعب للغاية، ولكنني أشعر بسعادة كبيرة عندما أقضي بعضا من الساعات برفقة الكلاب، يوجد لدي (العديد من الكلاب هم أصدقاء لي)، أحبهم كثيرا، ولا أخاف منهم، ولا أخاف من الشوارع أيضا على الرغم من احتمالية وجود اللصوص في بعض الأحيان، أحب بيلا أكثر بقليل من غيره، قابلنا بعضنا البعض للمرة الأولى في بهو أحد المساجد، بعد ذلك أخذتها معي إلى المنزل، حيث قمت بتحميمها، وبدأت بجلبها فيما بعد إلى هنا.
ولفتت نوران إلى أنّ المرّة الأولى التي أولى فيها الناس اهتماما كبيرا بها، كانت لحظة تغطيتها لـ بيلا بسترتها التي كانت ترتديها على خلفية هطول الأمطار، مضيفة: “بدأ المطر يهطل، وضعت القطعة الكرتونية على الأرض وبدأت بالعزف، جاءت بيلا وتمددت على قدمي، خلعت سترتي وقمت بتغطيتها، أبي لا يسمح لي باصطحاب بيلا إلى المنزل، ولكنني أحبها كثيرا، في بعض الأحيان يمرّ طلاب المدارس من هنا، كنت أودّ لو أني مكانهم، كي أصبح ممرضة في المستقبل لأعتني بالحيوانات بشكل أفضل”

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية