ترامب قليل الاحترام
مديرة في معهد البحوث بالمؤسسة الألمانية للسياسة الخارجية في برلين
[/ult_ihover_item][/ult_ihover]
السيدة شفارتزر، ما الذي فاجأك أكثر في المؤتمر الصحافي الذي عقده ترامب؟
لو لم يكن الأمر يتعلق بدونالد ترامب، لشكل هذا المؤتمر الصحافي مفاجأة من حيث ضآلة المضمون، والكلام الكثير الذي قاله حول شخصه وحول الفضائح المعروفة والمحتملة. هذا أمر غير معتاد في فترة لم يتسلم فيها الرئيس المنتخب مهامه بعد. كما أن ما أعلنه محاميه بشأن انسحابه من إدارة أعمال شركاته -تجنبا لتضارب المصالح- يظهر مدى ضخامة الضغوط التي يتعرض لها ترامب. إني أستنتج من ذلك أنه قلق من ملاحقة هذا الموضوع له في المستقبل وأن تتكرر مزاعم عدم فصله بين مصالحه الخاصة ووظيفته كرئيس.
في مؤتمره الصحافي، أجاب ترامب جزئيا بلغة لا تخلو من وقاحة، ورفض بشكل واضح ما ذهب إليه بعض الصحافيين. أحيانا، لم يكن يجب على الأسئلة، أو كان يراوغ، خصوصا بشأن الأسئلة المتعلقة بطبيعة العلاقة التي تربطه بروسيا. أي أسلوب سياسي مستقبلي يمكن استنتاجه من ذلك؟
هذا يُظهر بشكل واضح أن ترامب قليل الاحترام لوسائل الإعلام، باستثناء الصحافيين الذين يبجلونه. لقد كرر مرارا أنه يحترم الصحافة، ويتشبث بحرية الإعلام، ولكن حينما ننظر لسلوكه خلال المؤتمر الصحافي، فإن كلامه يعتبر امتدادا لتعليقاته المنحطة خلال الأسابيع الماضية. الأمر يتعلق برسائل قصيرة بكلمات قليلة. لقد استعمل مرة أخرى أحكاما تبسيطية بدون حجج أو أسس، على منوال: هؤلاء أناس طيبون والآخرون سيئون. حينما تنتهي الحملة الانتخابية، فإن الرئيس يمثل البلاد كلها وليس فقط الأشخاص أو الحزب الذي ينتمي إليه. وهذا ما لم يحققه دونالد ترامب لحد الآن.
في المؤتمر الصحافي لم تُذكر أوروبا ولو بكلمة واحدة. كيف تُقيمين ذلك؟
هذا يُظهر مرة أخرى أن ترامب يركز بشكل أساسي على السياسة الداخلية، اهتماماته ومصالحه موجودة في الولايات المتحدة. عينه على النمو الاقتصادي وفرص العمل. أما السياسة الخارجية فهي بالنسبة له مجرد وظيفة لخدمة مقولته: “لنجعل أمريكا قوية من جديد”. أما أوروبا فلا تمثل له في الوقت الراهن لا مشكلا كبيرا ولا حلا للمشاكل التي يسعى لحلها (..) هذا ليس أمرا غريبا، فالسياسة الأمريكية كانت تقوم دائما على النظر باتجاه أوروبا، والتساؤل: “هل علينا أن نتدخل؟”، أو “ما هي أهمية أوروبا كشريك لتحقيق مصالحنا؟”.
كما أن ترامب لم يلفظ بعد بعبارات تصالحية بعد خَرَجاته في الماضي ضد ألمانيا والمستشارة ميركل. ولم يتضح بعد مدى المصالح المشتركة مع الشركاء الغربيين. هذا الموضوع لم يلعب أي دور (في المؤتمر الصحافي).
بشأن تعليقه على التسريبات التي تدعي امتلاك المخابرات الروسية لتسجيلات حرجة ضده ومقارنته للتسريبات مع بما حدث في ألمانيا النازية، ما هو تصور الرئيس الأمريكي المقبل عن ألمانيا؟
قلما حاول وضع المقارنة في سياق تاريخي. في العادة لا يُستعمل مثل هذا الخطاب في العلاقات الأمريكية الألمانية لتوضيح بعض الأمور. هذا الأمر يبدو غريبا من وجهة نظر ألمانية، لكنه يتلاءم تماما مع نظرة ترامب إلى أوروبا كشريك ضعيف يفتقد القيادة. يبدو لي أن صورته عن ألمانيا وأوروبا سيئة.
ترامب يدعي أن روسيا والصين والمكسيك دول ستتعامل مستقبلا مع الولايات المتحدة باحترام أكبر؟ ما الذي سيحدث إذا لم يتحقق ذلك؟
أرى أن هذا افتراض خاطئ، أعني الاعتقاد بأن الاحترام يتولد تلقائيا من خلال استعراض القوة. من الممكن بالطبع أن تُظهر ثقة ترامب في النفس تأثيرا معينا، في البداية، على الصين أو روسيا. يبدو أن الصين أبدت استعدادا لمواجهة رغبة ترامب في التخلي عن اتفاقية التجارة عبر المحيط الهادئ، بالبحث عن شركاء جدد (…).
مرة أخرى أكد ترامب أنه يريد بناء جدار على الحدود مع المكسيك بمجرد تسلمه لمهامه. ما رأيك في ذلك؟
من الصعب الالتزام بذلك. هذا يظهر قدرا كبيرا من عدم احترام الجيران. على المدى القصير يمكن أن يؤدي برنامجه إلى نمو اقتصادي في الولايات المتحدة، إذا خفض الضرائب وعزز البنية التحتية في البلاد. لكن الحمائية (حماية المنتجات المحلية من المنافسات الأجنبية) ليست سياسة مستدامة حقا. أنا لا أستبعد أن يغير ترامب موقفه حينما تظهر له عيوب التقوقع على الولايات المتحدة.