لحظة الاعتقال: دراما في سماء مانيلا
في صباح يوم الثلاثاء، 11 مارس 2025، هبطت طائرة قادمة من هونغ كونغ في مطار مانيلا الدولي حاملة الرئيس الفلبيني السابق رودريغو دوتيرتي ، ليجد نفسه في قبضة الشرطة بناءً على أمر صادر من المحكمة الجنائية الدولية. التهمة: جرائم ضد الإنسانية مرتبطة بحملته الشرسة ضد المخدرات، التي شهدت مقتل الآلاف. أُخذ الزعيم البالغ من العمر 79 عاماً إلى الحجز وسط فوضى عارمة، حيث هتف محاموه وأنصاره، بمن فيهم السيناتور بونغ غو، منددين بما وصفوه بانتهاك لحقوقه. أكدت الحكومة الفلبينية أن المدعي العام نفذ أمر الاعتقال فور وصوله، مشيرة إلى أنه تحت السيطرة وفي حالة صحية مستقرة بعد تقييم طبي، لكن وجهته النهائية ظلت طي الكتمان.
التحقيق الدولي: ظلال حملة المخدرات
تستهدف المحكمة الجنائية الدولية، من لاهاي، سجله منذ أيامه كعمدة دافاو في 2011 حتى نهاية رئاسته في 2019، حيث تُعقد التحقيقات حول عمليات القتل الجماعي كجرائم محتملة ضد الإنسانية. انسحاب الفلبين من نظام روما في 2019، ومحاولات إدارته تعليق التحقيق في 2021 بحجة كفاية الجهود المحلية، لم تثنِ القضاة الدوليين، الذين أعادوا فتح القضية في 2023، مؤكدين عجز السلطات الوطنية عن تحقيق العدالة. هذا التدخل يعكس دور المحكمة كحارس أخير ضد أشد الجرائم، من الإبادة إلى جرائم الحرب، في مواجهة دول تتذرع بالسيادة.
ردود الفعل والمستقبل: توازن دقيق
تسير إدارة الرئيس فرديناند ماركوس جونيور، التي تولت السلطة في 2022 وسط توترات مع سلفها، على حبل مشدود. رفضت العودة إلى المحكمة الدولية، لكنها وافقت على التعاون عبر الشرطة الدولية لتنفيذ أمر الاعتقال، المعروف بالإشعار الأحمر. يرى النشطاء في هذا انتصاراً للمساءلة، بينما يعتبره حلفاؤه تعدياً على الكرامة الوطنية. اعتقاله يضع الفلبين أمام مفترق طرق: فهل يشكل سابقة لمحاسبة القادة عالمياً، أم يُشعل شرارة انقسامات جديدة؟ بينما يترقب العالم الخطوة التالية، تبقى هذه اللحظة شاهداً على صراع العدالة والسلطة في عصر مضطرب.
ماهر حمصي