كتبت ونشرت في دمشق …لـ: سعد فنصة

كتبت ونشرت في دمشق 2012
لـ: سعد فنصة

[ult_ihover thumb_shape=”square” thumb_height_width=”180″][ult_ihover_item title=”سعد فنصة” thumb_img=”id^60179|url^https://ebd3.net/wp-content/uploads/2018/01/سعد-فنصة-.jpg|caption^null|alt^null|title^سعد فنصة -|description^null” hover_effect=”effect19″ title_font_color=”#2cd3b4″ desc_font_color=”#0b80b8″ title_responsive_font_size=”desktop:22px;” title_responsive_line_height=”desktop:28px;” desc_responsive_font_size=”desktop:12px;” desc_responsive_line_height=”desktop:18px;”]كاتب و مؤرخ و مصور سوري[/ult_ihover_item][/ult_ihover]
..كنت قد أخفيت دفترا مدرسيا مسطرا رقيقا تحت ملابسي، عندما زُج بي في السجن .. وأرفقته بقلم رصاص صغير لا يتجاوز طوله عقدة أصبع، يكفي مؤونتي لأيام سجني التي لا أذكر كم كانت من الكلمات التي كنت سأكتبها لحبيباتي اللواتي كُنَ لايُطِقنَ بعضهن .. بعضا .. إذ قالت احداهن للأخرى : لا يجمعنا الا حب رجل واحد .. لكني أذكر بدقة أن الزنزانة كانت بطول أربع أمتار، وعرضها مائة وستون سنتيمترا .. وهي التي جمعتني بأربعة وعشرين معتقل ، بدلاً من حبيباتي الجميلات، اللواتي كنت احلمُ مثلكم دائما بجمعهنَ في حمام السباحة، ولكن وقائع السجن كانت مغايرةً تماما لأحلامي الصبيانية، لأني كنت محشورا عند النوم بين اولئك السجناء، بحيث يستحيل علي التقلُب ..أو مدّ ساقيّ حتى نهايتيهما ، اذ يرتطمان فورا بالجدار المقابل ..ولهذا كنت أتمنى لو أنني لم أكبر ليتجاوز طولي المائة وتلك الخمس وسبعون الزائدة .. اذ فقدت بذلك أحد أهم حقوق القطط الكسولة، ألا وهو التمغُط (التمطط) ..
عندما حُشِرتُ بين الأجساد ، أدركت أن حقٌ آخر من حقوق القبور الفسيحة قد فقدتهُ تماما ..هنا .. ففسحة القبر أوسع بكثير من علبة السردين اللا إنساني الذي حُشِرَ فيه جسدي الرقيق، ووجدت نفسي مدفوعا بتموج الأجساد لأن أكون آخر سجين من جهة المدخل .. وبهذا التموضُع يُحْشَرُ خلفي الآخرون الأوفر حظاً مني .. وأكون أنا حرا نسبيا في الجهة المقابلة للمدخل ..إلا من فسحة صغيرة تتوضع فيها حفرة قذرة .. أعدت للتبرز والتبول .. يخرج منها ضيوف الليل الساهر لتحيتي أنا وحدي .. دونا عن الاخرين .. بإعتباري حارس البوابة الأخيرة لهذا الوطن الفريد  الذي أرتجف فيه بردا وفزعا خشية أن أغفو لبُرهةٍ تقتاتُ فيها الجرذان من جسدي المتهالك، وأنا احلم بحبياتي الناهدات، هل سألاقيهن يوما ما عند حمام السباحة أم … بالحج …!!

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية