بطاقة لمن يحتاج الشرف

[dt_fancy_title title=”التغريبة السورية / في العمق” title_align=”right” title_color=”accent”]

بطاقة لمن يحتاج الشــــــــــرف

[dt_fancy_image image_id=”17469″ lightbox=”true” width=”” align=”center” css=”.vc_custom_1477760969640{background-color: #efefef !important;}”]

منّاع حجازي

[dt_quote type=”pullquote”]تحوم طائرات التّحالف برقصات جويّة تنافس بها طلعات الحلفاء الآخرين من النّظام وروسيا ؛ فتقصف كلّ دبيب حيّ عدا المجموعات الإرهابيّة المستهدفة إعلاميا[/dt_quote]
[dt_quote]يستعرض بوتين بوارجه الحاملة للموت الجوي وصواريخه العابرة للقارات ؛ لتدريب جيوشه على حرق الأطفال أحياء في مناورات عسكرية عنوانها : “سنحرق حلب بأسد أومن دون أسد” ..[/dt_quote]

ذكر لي الفنّان المرحوم تيسير السّعدي يومًا أحد نهفات بداياته المسرحيّة ، حيث كان لديه عرض وأراد أن يروّج له بطريقة غير عادية ، وكان يوجد في دمشق وقتها بيت رسمي للدعارة ، فقام بطباعة كروت (شرف) وذهب إلى بيت الدعارة ، والتقى بالبطرونة المسؤولة (أي الأمين العام لبيت الدعارة) وقدم إليها (بطاقات الشرف) ودعاها إلى عرضه مع طاقم عاهراتها .

قال لي: ” قلت لنفسي : ماذا ينقص هؤلاء المسكينات غير الشرف؟ لديهن المأوى والمال والنفوذ .. مثل هؤلاء لا ينقصهن إلا الشرف ” ، وفعلًا كان مثل ما توقّع . ناولته البطرونة (أي الأمين العام لبيت الدعارة) صرّة فيها كمية كبيرة من المال (أذكر أنه قال ليرة ذهب عن كل بطاقة ) ، ثم حضرت ومعها طاقم عاهراتها يلبسن الملايا وجلسن يتابعن العرض بحشمة وأدب لم تتوفر عند أرقى عائلات دمشق .
والشيء بالشيء يذكر ، فبينما تقصف المدن السورية اليوم بالنابالم والكيميائي والعنقودي والفراغي والارتجاجي وكلّ ما هو محرّم دوليّا في الحروب النّظامية وعلى الجبهات ( وليس على أحياء المدنيين وفوق رؤوسهم) ، فيهجَّر المواطنون ، وتدمَّر أملاكهم ، وتقطع أرزاقهم ، ويهانون ويزجّ بهم في المعتقلات ، ويعذّبون حتّى الموت ، وتتفنّن دول المنطقة بدعم الألوية والجيوش المقاومة الّتي تموّل الشّباب المكلوم للدّفاع عن مدنهم وقراهم يومًا ، وقتل بعضهم بعضًا يومًا آخر ؛ حتى أصبحت كلّ قرية محرّرة لديها نظام حكم يختلف عن القرية المجاورة يتبع الإيديولوجيا التي تبنّاها الحاكم المؤقّت جدا ..
وبينما يحدث كلّ هذا الجحيم ، وتسدّ جميع منافذ الهجرة ، وتعتذر الأمم المتحدّة عن إمكانيّة تقديم الإغاثة ، أو أن ترسل العربات الفارغة والأكفان وأدوات التّنظيف والواقيات ؛ لمعالجة الجرحى والحدّ من الجوع وتفشّي الأمراض والتكاثر ، ويعاقب اللاجئون بإذلالهم بأوراقهم ومأواهم ولقمة عيشهم ..
وبينما يقرّ مجلس الدّوما الروسيّ باحتلال سوريّة رسميّا ، بينما تحتلّها إيران عمليّا وينأى لبنان نفسه عن إرسال قوات حركة أمل أو عناصر من الجيش اللبناني لدعم (المآومة) ضدّ العدو الصّهيونيّ في سورية ؛ لكفاية ما يرسله باسم حزب الله .. وبينما تميل مصر إلى تأييد حكمة الرّوس على عنترية العرب ، وتؤكّد ذلك بالتّنسيق مع علي مملوك سياسيّا وأمنيّا ..
وبينما تحوم طائرات التّحالف برقصات جويّة تنافس بها طلعات الحلفاء الآخرين من النّظام وروسيا ؛ فتقصف كلّ دبيب حيّ عدا المجموعات الإرهابيّة المستهدفة إعلاميا ..
وبينما ينهزم الجيش العراقيّ العرمرم تاركًا سلاحه ومفاتيح صناديق بنوكه وتحصيناته وما تبقى من كبريائه العسكريّ ومدينة الموصل لبضعة مئات من داعش تمهيدًا لتحريرها من قبل أمريكا الّتي حرثت أفغانستان والعراق والصّومال واليمن بطائرات بطيار ومن دون طيار ، وبوارج بسائق ومن دون سائق ، وسبق أن دبك روّاد فضائها على سطح القمر ، وأكّد ولا زال يؤكد أبو حسين زعيمها أسود القلب بأنّه يحتاج لمئات مليارت دول الخليج وعشرات السّنوات وآلاف الرّجال وهمم الدّول لتستطيع تقنياته العسكريّة رصد أرتال داعش ؛ الّتي كانت تتمختر جهارا نهارا بين الموصل وحلب ، ويستعرض بوتين بوارجه الحاملة للموت الجوي وصواريخه العابرة للقارات ؛ لتدريب جيوشه على حرق الأطفال أحياء في مناورات عسكرية عنوانها : “سنحرق حلب بأسد أومن دون أسد” ..
بينما يحدث كلّ ذلك : يحضر ممثلوا الأمم المتحدة الحفل الدّوليّ بكلّ حشمة وأدب لم تتوفّر عند أرقى القدّيسين ، وينهي الأمين العام للأمم المتحدة فترة ولايته المشبعة بالقلق بتوزيع بطاقات الشّرف على مندوب النّظام السّوريّ وزبائنه الآخرين، ليثبت تمسك الأمم المتحدة الصارم بهذه الفضيلة.
وللأمانة :
1- توزيع هذه الأوسمة في الأمم المتحدة هو أحد الأعراف الدبلوماسية ولا يشترط للحصول عليها سوية أخلاقية معينة.
2- لا يوجد أي ربط بين الأمم المتحدة وبيت الدعارة، ولو بدا ذلك ظاهريا من هذه المقالة، فمهمة الأمم المتحدة حل النزاعات، بينما مهمة بيت الدعارة حل الملابس.

[dt_breadcrumbs]

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية