نذير فنصة ينذر القادة العرب : “الوباء قادم إليكم”..!!

المذكرات السرية لنذير فنصة

سعد فنصة
كاتب و مؤرخ و مصور سوري

عندما أطل نذير فنصة ( مستشار شاه ايران للشؤون العربية) من شرفة مكتبه في ادارة الشبكة الإعلامية الايرانية “اطلاعات” المطلة على اكبر شوارع طهران عام 1977 التي كان يرأس فيها تحرير الصحيفة العربية الوحيدة خلال حكم الشاه منذ نهاية خمسينات القرن الماضي، شهد أول تظاهرة بطول ثلاثة أميال، ترفع صور الخميني وتطالب بإسقاط نظام الشاه محمد رضا بهلوي الإمبرطوري الذي فاته الزمن.

سافر في مساء اليوم ذاته الى الرياض والتقى صبيحة اليوم التالي ولي العهد الأمير فهد بن عبد العزيز بحضور سعود الفيصل وزير الخارجية، والى جانبه كان مستشار الملك المؤسس للمملكة رشاد فرعون.

يقول نذير في حديث مسجل اجريته معه عام 1994:

“اصدقائي كثيرون في المملكة، حين شرعت أقول لمحدثيَّ أن الشاه في وضع خطر، ورأيت أنه من واجبي اعلامهم أن السفينة لابد أنها غارقة، ولكن الكارثة التي كنت أراها وشيكة لم تبدُ اليهم محتمة.. ماقلته بالحرف أمام هؤلاء الثلاثة : “لقد قضيت في ايران 22 عاما وما وراء الأكمة وراءها… الخميني وباء قادم اليكم والى كل المنطقة” ..

وهذا ما دفعني في العام التالي لبدء تأليف كتابي الأول ( عاصفة على الشرق الأوسط) ثم الحقته فيما بعد بالكتاب الذي صدر من باريس وتمت ترجمته الى ست لغات (طهران مصير الغرب).

وعندما لم القَ الإستجابة من حكام الرياض يقول نذير: ذهبت من فوري الى الكويت وقابلت أميرها صباح السالم الصباح، وكان رحمه الله مريضا.

ومن الكويت غادرت الى القاهرة والتقيت الرئيس المصري الراحل أنور السادات، الذي استمع الي باهتمام بالغ، واتصل من فوره بشؤون الرئاسة لمغادرة القاهرة بزيارة سرية الى الشاه، لم يعلن عنها الى اليوم. قال لي الرئيس المصري : “انتظر هنا في القاهرة ولاتغادر سأعود من طهران في ذات اليوم”.

في بعد مرور يوم كامل كان قد التقى فيها الشاه لست ساعات متواصلة،عاد منهكا الى قصر القبة قائلا : “أنت مخطئ يا نذير الشاه قوي.. وأقوى مما تتخيل”.

وكانوا جميعا مخطئون .. فسكت .

بعد اشهر التقيت الشاه وكنا نتحادث أنا وإياه كما اعتدنا بالفرنسية .. فقلت له محذرا ماسبق أن حذرت .. فانتفض بوجهي في سابقة غير معهودة قائلا: “أنت لست ايرانيا لكي تتدخل بهذه الفجاجة في شؤوننا” …

“حينها قررت مغادرة طهران نهائيا الى باريس .. وأخبرت الشاه برسالة أنني لن أعود الى ايران بعد وصولي الى باريس”.. يتابع نذير فنصة قائلا: “قبل مغادرة الشاه طهران للمرة الاخيرة عندما اكتشف انه لاعودة .. تردني رسالة من ديوان الشاه ( الرسالة بحوزتي) فيها اعتذار مبطن واعتراف وتقدير لدوري طوال أكثر من عقدين من الزمن في تنقية الأجواء العربية الإيرانية خلال حكم الشاه. الى أن صدر الخميني وأتباعه نظريته في تصدير الوباء .. ثورة التخلف التي غيرت وجه المنطقة العربية، في مهمة موكولة بعد العام 1979”.


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية