“الوطن في داخلنا”… عرض فني يجسد الوضع السوري

[dt_fancy_image image_id=”62742″ onclick=”lightbox” width=””]

“الوطن في داخلنا”… عرض فني يجسد الوضع السوري

لم يكن اعتياديا عرض Home Within (الوطن في داخلنا) الذي قدمه عازف الكلارينت السوري كنان العظمة بصحبة الفنان التشكيلي كيفورك مراد مساء الاثنين 26 آذار / مارس 2018 في قاعة Assembly Hall في الجامعة الأمريكية في بيروت.
ساعة كاملة، قدم خلالها الفنانان حوارا جمع الصوت والصورة، قاما خلاله بتكثيف ما جرى ويجري في بلدهما سوريا منذ انطلاق المظاهرات عام 2011. اللوحات التي كان مراد يرسمها مباشرة على المسرح، صورت لحظات تجمهر الناس وانطلاق حناجرهم بالهتافات ثم لحظات الانكسار والاعتقال والموت، ولحظات الخروج الجماعي للآلاف من مناطق محاصرة.

كلارينت العظمة كانت ترافق كل تلك المشاهد، أنغام موسيقاه كانت تنتقل بين مشاعر الهدوء والدفء ومشاعر الغضب والصخب والحزن، معبرة عن المشاعر التي تختلج في صدره والتي كان يتحكم بها تدفق الصور التي كان مراد يعكسها مباشرة على المسرح.

عن ذلك تحدث كنان لمهاجر نيوز قائلا إن “العرض منهك عاطفيا كونه يتواصل لساعة كاملة دون توقف”، وفيه توثيق للمشاعر التي مر به منذ بداية التظاهرات في سوريا، يقوم بتكثيفها على خشبة المسرح خلال هذه الساعة. وأضاف العظمة “العرض يتغير مع تغير المكان الذي يقدم فيه، فهو أساسا قائم على الارتجال والتجريب، ما يجعله عرضا مفتوحا”. لكن هناك تغيرا آخرا يرصده كنان ويصفه بالمؤلم وهو عدد الضحايا الذين يهدى إليهم في النهاية.

[dt_fancy_image image_id=”62743″ onclick=”lightbox” width=””]

Kinan Azmeh and Kevork Mourad combine music and visual art

[dt_fancy_image image_id=”62744″ onclick=”lightbox” width=””]

Kinan Azmeh plays the clarinet as Kevork’s live sketches create a whirlwind of images in the background during their performance in Beirut, Lebanon March 26, 2018

التعاون بين مراد والعظمة ليس الأوّل بينهما، فهما كانا قد عملا سويا على عرض بعنوان “جلجامش” قبل 14 عاما، جاء ردة فعل عنيفة على نهب المتاحف التاريخية إبان الغزو الأمريكي للعراق.

هذا التعاون امتد إلى مشروع Home Within  الذي جاء أيضا كردة فعل فنية على كل ما يحصل في سوريا، فبرأي كنان مهمة الفنان خلال أوضاع مماثلة لتلك التي تعيشها بلده سوريا، هي الخلق والإبداع بمواجهة كل ما يحصل.

وإيمانا منه بأهمية دور الفنان، أعلن العظمة عن التبرع بقسم من عائدات العرض لمؤسسة “اتجاهات” التي تعمل على دعم موسيقيين ورسامين وكتاب سوريين يعملون في ظروف صعبة.

إحدى الثيمات الأساسية في العرض كانت توالي رسومات تجسد بناء وتداعي منازل وأحياء في مدن سورية، يرفعها مراد لتنهار بعد ذلك فجأة ما جعل العرض يبدو في بعض مراحله محملا برغبة في الإمساك بوطن يتلاشى.

عن رسومات المنازل والحارات الدمشقية وعن معنى الوطن، قال كنان إن “هناك من يقول إن الوطن هو المكان الذي يعيش فيه ويعيش فيه أهله، وهناك من يقول إنّه المكان الذي يملك فيه ذكريات أو المكان الذي يقدم له شيئا”. أما هو، فيعتبر الوطن هو “المكان الذي أتمنى له أن يصبح بحالة أفضل”، ومن هنا تأتي إحدى أكثر لحظات العرض حميمية، تلك التي كان يقترب فيها مع الكلارينيت من شاشة العرض، محاولا إعادة بناء المنازل والحارات المتداعية، أو على الأقل محاولا دعمها كي لا تسقط.

كنان مقيم حاليا في نيويورك، يقضي معظم وقته متجولا يقدم العروض في مدن وبلدان مختلفة، وكان قد زار لبنان قبل بضعة أشهر وذهب إلى عدد من مخيمات وتجمعات اللاجئين السوريين حيث قدم عروضا موسيقية قال إنه حضر لها وقدمها “بنفس الجديّة التي يعامل بها عرضا من قبيل Home Within”.

وأضاف الفنان السوري “الطبيعي هو أن أذهب إلى هذه المخيمات التي يعيش فيها بعض من أبناء بلدي”.

وعن الأثر الذي تركه أثناء هذه الزيارات، تحدث كنان عن أمنيته أن يكون قد أثر بأحد الأطفال الذين شاهدوا العرض، متذكرا الذهول الذي أصابه عندما حضر عرضا موسيقيا حيا لأول مرة في حياته.

هذا العرض كان استعادة لما حدث في سوريا خلال السنوات الماضية، ولا شك أن من حضره ستعلق في أذهانهم صور وأحاسيس كثيرة. هؤلاء كانوا يملئون قاعة Assembly Hall، وقد وقفوا طويلا تحية للفنانين بعد انتهاء العرض، وكان لبعضهم فرصة الحصول على اللوحات التي رسمها كيفورك مراد والتي وضعت للبيع في النهاية.

كنان العظمة، عازف كلارينيت سوري من مواليد دمشق. وصلت أصداء أعماله إلى الصحافة العالمية التي أطلقت عليه ألقابا من قبيل “الساحر” و”صاحب الصوت الغني بصورة غير معقولة”. قدم العظمة أعمالا في صروح ثقافية كبيرة في عدد من العواصم العالمية مثل أوبرا باستيل في باريس وتشايكوفسكي غراند هول في موسكو وقاعة ألبرت الملكية في لندن.

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية