انتخابه ضرب أسواق المال وأقلق حلفاء واشنطن
فاجأ المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب العالم بعد أن ألحق هزيمة غير متوقعة بالمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في الانتخابات لينهي ثمانية أعوام من حكم الديمقراطيين ويدفع بالولايات المتحدة إلى طريق جديد غامض.
وقد يسبب القلق من فوز ترامب حالة من الغموض في الأوساط السياسية والاقتصادية العالمية، وأحجم المستثمرون بالفعل عن الأصول عالية المخاطر مثل الأسهم، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز، الأربعاء 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
وذكر تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” نشرته، اليوم الأربعاء، أن مثل هذا الانتصار يُمكن أن يُعيق سير العلاقات الدولية، فالانتقادات الموجهة للتجارة والهجرة كانت مركزية في حملته الانتخابية؛ وترامب يحمل إعجاباً عميقاً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما نعت التغير المناخي ذات مرة بأنه “خدعة صينية”؛ وانتقد الحروب التي قادتها أميركا في العراق وأفغانستان؛ وطالب بأن يدفع حلفاء الولايات المتّحدة ثمن حمايتهم.
الحليف قلق
عقدت وزارة المال اليابانية ووكالة الخدمات المالية وبنك اليابان، الأربعاء، اجتماعاً طارئاً لبحث الوضع في الأسواق.
وقال نائب وزير المالية المكلف الشؤون الدولية ماساتسوغو أساكاوا بعد الاجتماع “نشهد تقلبات حادة جداً في أسواق المال بما في ذلك العملات”، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
وأضاف “سنتخذ الإجراءات اللازمة إذا استمرت التقلبات الحادة”، مؤكداً أن “ليس هناك أي شيء مستبعد”.
وقال يوشيهايد سوجا، أمين مجلس الوزراء الياباني، في مؤتمر صباحي روتيني في طوكيو، “بغض النظر عن هوية المرشح الفائز، التحالف بين الولايات المتحدة واليابان هو العامل الرئيسي في الدبلوماسية الأميركية اليابانية، وستظل اليابان تعمل مع الولايات المتّحدة من أجل تحقيق السلم والرخاء، من أجل منطقة آسيا والمحيط الهادئ، والعالم كلّه”.
وبسؤاله عن الشراكة العابرة للأطلنطي-اتفاقية التجارة متعددة الأطراف المُقترحة والتي بدأت إدارة أوباما التفاوض حولها مع 11 دولة أخرى، لكن لا يدعمها ترامب ولا هيلاري- فقد أشار سوجا إلى أن الولايات المتّحدة أكّدت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أنها ستهدف إلى التصديق على الاتفاقية في أقرب وقت ممكن، مضيفاً، “إننا نتفهم أن الرئيس أوباما يبذل كامل جهده لتمرير المشروع خلال هذا العام. كما قال إن اليابان ستمرّر الاتفاقية “بالطبع”.
ووصلت الاهتزازات إلى أسواق المال الأميركية، وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إن أسواق المال انخفضت في أميركا، وكذلك بورصة نيويورك بأكثر من 5 في المئة، مع تقدم ترامب على كلينتون.
كوريا الجنوبية تحذّر الشمالية
وفيما يحتدم الصراع بين الكوريتين، قال جيونغ جون هي، المتحدّث باسم حكومة كوريا الجنوبية، يوم الأربعاء إن بلاده ستبقى معتقداتها راسخة بشأن الحفاظ على تحالف عسكري قوي مع الولايات المتحدة بغض النظر عن هوية الفائز.
وأضاف جيونغ إن “كوريا الشمالية لا يجب أن تُخطئ في تقدير صلابة تحالفنا مع الولايات المتّحدة وقدرتنا المشتركة على الاستجابة” لأي استفزازات.
وأضاف إن كوريا الجنوبية ستبقى متيقّظة لمحاولات كوريا الشمالية استفزازها لرفع التوترات على شبه الجزيرة الكورية بينما واشنطن منشغلة بالدراما السياسية الداخلية.
وتظل حكومة الرئيسة بارك جيون هاي متورطة في فضيحة سياسية على أرض الوطن أدّت إلى مطالبات لها بالتنحي.
وأزعج ترامب الكوريين في جنوب كوريا بما قاله عن احتمالية سحبه للقوات الأميركية في حال لم تدفع كوريا الجنوبية المزيد من أجل بقائها.
وأشار أيضاً إلى أنه ربما يسمح لليابان وكوريا الجنوبية بالتسلح بالأسلحة النووية وأنه ربما يتفاوض مباشرة مع زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أهد سيون.
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن تشيونغ سيونغ تشانغ، المحلل بمعهد سيجونغ في سيونجنام، كوريا الجنوبية، قوله إن انتخاب ترامب “سيفتح الباب أمام كوريا الجنوبية لامتلاك الأسلحة النووية عن طريق اتفاقية مع الولايات المتّحدة”.
مواقف متضاربة بالصين
وقالت الصين، اليوم الأربعاء، إنها ستعمل مع الرئيس الأمريكي الجديد لضمان نمو مطرد وقوي للعلاقات الثنائية.
وأدلى بالتصريح لو كانغ المتحدث باسم الخارجية الصينية خلال إفادة صحفية قبل قليل من إعلان دونالد ترامب فوزه بالرئاسة، بحسب وكالة رويترز.
وأضاف: “نتطلع للتعاون مع الإدارة الأميركية الجديدة لدفع العلاقات الصينية الأميركية المستمرة والقوية والمستقرة للأمام والتي من شأنها أن تفيد شعبي البلدين والعالم بأسره.”
واتسمت ردود الفعل إزاء فوز ترامب بالمتناقضة في الصين، فاالمسؤولون الصينيون قلقون من إدارة متقلّبة تحت رئاسة ترامب، بينما يتوقعون في الوقت نفسه سياسة أميركية تميل إلى الحلول العسكرية تجاه بكين في المسائل المتعلقة ببحر الصين الجنوبي، في حالة انتخاب كلينتون.
سوهاو، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الشؤون الخارجية في بكين، قال إن الحكومة الصينية مستعدة على الأرجح لرئاسة ترامب، مضيفاً – بحسب نيويورك تايمز – أنه “ربما تكون هناك نزاعاتٍ أقل بين الولايات المتّحدة والصين”.
لكن سو يرى أن “تراجعاً من المحتم أن يصيب العلاقات الصينية الأميركية” إن أصبح ترامب رئيساً، إذ أنّه قد اتهم الصين بالتلاعب بعملتها والمشاركة في ممارسات تجارية غير نزيهة.
ويقول سو: “احتكاكات أكثر ستنشأ حول التجارة خلال فترة رئاسته. لكن بشكلٍ عام، أثبت الجمهوريون أن بإمكانهم المحافظة على علاقات مستقرة بالصين. إننا نتوقع أن تبقى هذه الروابط قائمة”.
أميركا تفاجئ أكبر ديمقراطيات العالم
وظل المواطنون الهنود متفاجئين بالأخبار، حتى مع حلول أواخر الصباح في الهند، وأغلب الخبراء كانوا غير مستعدين للحديث عن انتصار ترامب. لكن مناقشة على قناة NDTV الإخبارية تحدّثت عن رئاسة ترامب المحتملة.
برانوي روي، المؤسس المساعد والمدير التنفيذي المساعد للقناة، سأل المتناقشين، “إن كنت لا تحترم رئيساً، فهل يعني ذلك أن تتوقف عن احترام الشعب الأميركي الذي صوت لرجلٍ مثل هذا؟”
لاحقاً، تحدّثت ليلا بونابا، النائبة السابقة لمستشار الأمن القومي في الهند، تحدّثت عن الريبة التي تعمّ القارة -الأكبر حجماً وسكاناً- ناحية الولايات المتّحدة. تقول، “ترامب سيضيف إلى هذه الشكوك. ماذا سيحدث بشأن التحالف الياباني؟ ماذا سيحدث بشأن التحالف الكوري؟”.
ابتهاج اليمين الأوروبي
هلل اثنان من قيادات اليمين المتطرّف القومية المعادية للمهاجرين، جيرت ويلدرز في هولندا ومارين لوبان في فرنسا، بعد أداء ترامب القوي.
ويلدرز، المشرّع والذي يرأس حزب من أجل الحرية، والذي يواجه اتهامات بتوجيه خطاب الكراهية، كتب على تويتر، “الأميركيون يستعيدون بلدهم”.
أما لوبان، قائدة الجبهة الوطنية في فرنسا والمرشحة للرئاسة، كتبت على تويتر، “تهانيّ للرئيس الجديد للولايات المتحدة، دونالد ترامب، وللشعب الأميركي.. الحر!”
وقالت وكالة الأناضول، الأربعاء، أنه بحسب إذاعة “أر تي أل” الفرنسية، فإن الرئاسة قامت بإعداد رسالة تهنئة واحدة لهيلاري كلينتون.
وتردّدت جميع المكوّنات السياسية تقريباً في فرنسا في تقديم التهنئة بفوز ترامب، بدءاً بالحكومة نفسها، وذلك خلافاً لنظيراتها الروسية والهندية واليابانية، ممن أرسلوا تهانيهم إلى المرشح الجمهوري الأميركي.
من جانبه قال سفير الولايات المتحدة في ألمانيا، جون إيمرسون، على إذاعة ZDF إن الناخبين الأميركيين يبدو أنهم “قد فقدوا الأمل في العملية السياسية واتبعوا رسالته”.
وأشار إلى أن ترامب يمكنه أن يبدأ في لمّ شمل “بلد مقسّم” من خلال خطاب تقبل الآخر.
والأسبوع القادم، سيزور الرئيس أوباما ألمانيا ليشكر واحدة من أهمّ حلفائه، المستشارة أنغيلا ميركل. بيتينا شاوستين، مذيعة ZDF والتي حاورت إيمرسون، قالت إنها تتخيل “أن ألمانيا ستستقبل أوباما استقبالاً حاراً”.
وقال إيمرسون إن العلاقات الألمانية الأميركية ستظل مهمة، مضيفاً، “هذا لن يتغير”.