الاحتلال الاسرائيلي يُهاجم سوريا مجددًا: تصعيد يُشعل المنطقة ويستفز العالم

دمشق – في ليلة هادئة تحولت إلى جحيم، عادت طائرات الاحتلال الإسرائيلي لتخترق الأجواء السورية، مستهدفة محيط الكسوة بريف دمشق مساء الخميس، بعد يوم واحد فقط من قصف عنيف أودى بحياة 9 مدنيين وجرح 23 آخرين في درعا. هذه الضربات، التي تأتي في ظل انتقال سوريا لمرحلة جديدة بعد سقوط نظام بشار الفار في 8 ديسمبر 2024، أثارت غضبًا عربيًا ودوليًا واسعًا، مع مطالبات عاجلة بوقف العدوان الذي يهدد بجر المنطقة إلى هاوية جديدة.

أثار قصف الاحتلال الاسرائيلي على قاعدة جوية قرب حماة وسط سوريا


“سمعت صوتًا كأنه الرعد، لكن الأرض اهتزت تحتنا”، هكذا روى أحد سكان ريف دمشق لحظة استهداف الطائرات الإسرائيلية للواء 75 قرب الكسوة. وكالة “سانا” أكدت الخبر، مشيرة إلى أن الغارات ضربت المنطقة مرتين متتاليتين، مخلفة أضرارًا مادية كبيرة. مصادر محلية قالت إن الهدف كان موقعًا عسكريًا سابقًا للدفاع الجوي، لكن الضربات لم تتوقف عند هذا الحد.

قبل ساعات فقط، كانت سوريا تلملم جراحها من قصف إسرائيلي مكثف مساء الأربعاء استهدف خمس مناطق في البلاد خلال نصف ساعة. مطار حماة العسكري تحول إلى ركام، وأرياف دمشق وحمص وحماة شهدت دمارًا واسعًا، بينما دفع المدنيون في درعا الثمن الأكبر: 9 شهداء و23 جريحًا. الخارجية السورية وصفت الهجوم بـ”الوحشي”، محذرة من أنه يقوض أي أمل في التعافي بعد سنوات الحرب.

في تل أبيب، خرج جيش الاحتلال الإسرائيلي ببيان مقتضب، قال فيه إن الغارات استهدفت “قدرات عسكرية متبقية” في قواعد حماة وT4 بحمص، إلى جانب بنى تحتية في دمشق، معتبرًا أنها “تهديد أمني”. لكن في دمشق، لا أحد يشتري هذه الرواية. الحكومة الجديدة بقيادة أحمد الشرع، التي لم تُظهر أي نية لمواجهة إسرائيل، اتهمت تل أبيب باستغلال الفراغ السياسي لفرض أجندتها.

“إسرائيل لا تريد سوريا مستقرة”، هكذا علق مصدر حكومي سوري لـ”سانا”، مشيرًا إلى أن الضربات تأتي في وقت تحاول فيه البلاد النهوض من تحت أنقاض 61 عامًا من حكم عائلة أسد  . ومع احتلال إسرائيل لهضبة الجولان منذ 1967، ثم توسعها للمنطقة العازلة بعد انهيار اتفاقية 1974، يرى مراقبون أن تل أبيب تسعى لتثبيت هيمنتها على حساب جارتها الممزقة.

لم تمر الغارات مرور الكرام. المبعوث الأممي غير بيدرسون خرج الخميس ببيان ناري، قال فيه: “هذه الهجمات تقتل المدنيين وتدمر آمال سوريا الجديدة”. وحذر من أن استمرار التصعيد قد يُعتبر “انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي”، داعيًا إسرائيل إلى وقف ضرباتها فورًا والعودة إلى طاولة الحوار.

في الشارع العربي، كانت النبرة أكثر حدة. قطر وصفت القصف بـ”الاعتداء الصارخ”، ومصر حذرت من “تعدٍ سافر”، بينما رأت الأردن أنه “تصعيد خطير سيُشعل المنطقة”. السعودية طالبت بمحاسبة إسرائيل، والكويت دعت مجلس الأمن للتحرك، وطالب مجلس التعاون الخليجي المجتمع الدولي التدخل  ، فيما انضم العراق  وميليشيا حزب الله إلى الجوقة، مؤكدين أن الهجمات تهدد الاستقرار الإقليمي. “كل قنبلة تُلقى تُقربنا من الحرب”، هكذا لخصت الخارجية القطرية المشهد.

في تطور لافت، خرج وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الجمعة من بروكسل، على هامش اجتماع وزراء خارجية “الناتو”، بتصريحات حاسمة حول الغارات الإسرائيلية. “إذا أرادت دمشق تفاهمات مع إسرائيل، فهذا شأنها”، قال فيدان، لكنه حذر من أن “الضربات الإسرائيلية تهدد الاستقرار الإقليمي”، خاصة أن إدارة أحمد الشرع تُعد حليفًا وثيقًا لأنقرة. وأضاف: “ننظر إلى هذه الهجمات كتعدٍ صارخ، لكن تركيا لا تسعى لمواجهة مباشرة مع إسرائيل في سوريا”.

على الأرض، الوضع يزداد قتامة. في درعا، دفن الأهالي شهداءهم وسط دموع وغضب، بينما تحول مطار حماة إلى حطام يروي قصة جيش منهار. في الكسوة، لا يزال السكان يترقبون الليلة التالية بخوف. “نريد السلام، لكن القنابل لا تتوقف”، قال أحد الناجين في تصريح لوسائل إعلام محلية.


سياسيًا، تواجه الحكومة السورية الجديدة اختبارًا مبكرًا. فمع كل غارة، تتآكل قدرتها على حماية شعبها، بينما يضغط المجتمع الدولي لوقف العدوان. لكن مع استمرار إسرائيل في تحدي القوانين الدولية، يبقى المشهد مفتوحًا على كل الاحتمالات: هل تنجح الضغوط في لجم تل أبيب، أم أن سوريا مقبلة على فصل جديد من الفوضى؟

الكرة الآن في ملعب العالم. الغارات الإسرائيلية ليست مجرد ضربات عسكرية، بل تحدٍ صارخ لسوريا الناهضة وللاستقرار الإقليمي. والسؤال الأكبر: من سيُوقف هذا الجنون؟

 


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية