تبنت إسرائيل عقيدة عسكرية جديدة شديدة العدوانية تتضمن الاستيلاء على أراضي الدول المجاورة، تدمير قرى، وبناء مناطق عازلة، بهدف إعادة تشكيل الشرق الأوسط، وفق تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز . هذه الاستراتيجية، التي أثارت انتقادات إقليمية حادة، تأتي كرد فعل على هجمات 7 أكتوبر 2023 التي شنتها حماس من غزة.
توسع عسكري في سوريا
في ديسمبر الماضي، استولت إسرائيل على مئات الكيلومترات المربعة من الأراضي السورية بعد سقوط النظام البائد وفرار بشار من قمة جبل الشيخ في مرتفعات الجولان المحتلة، يشرف الجنود الإسرائيليون على مواقع استيطانية جديدة وطرق ممهدة وخنادق محفورة حديثًا. وقال مسؤول عسكري إسرائيلي: “نحن نشهد عالمًا جديدًا”، مشيرًا إلى تقدم قواته إلى داخل سوريا.
شنت إسرائيل غارات جوية دمرت أصولًا عسكرية سورية لمنع وقوعها بأيدي معادية، وأرسلت قوات برية للسيطرة على منطقة منزوعة السلاح تراقبها الأمم المتحدة، معلنة بقاءها “لأجل غير مسمى”. كما اقترح رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إنشاء “منطقة نفوذ” تمتد 50 كيلومترًا جنوبي دمشق.
عمليات في لبنان وغزة والضفة الغربية
في لبنان، تحتفظ القوات الإسرائيلية بخمسة مواقع استراتيجية داخل الأراضي اللبنانية، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في نوفمبر الماضي. وتواصل إسرائيل استهداف مواقع لميليشيا حزب الله شبه يوميًا، بينما دمرت قرى مثل كفركلا والخيام. وقال وزير الدفاع إسرائيل كاتس: “هكذا يبدو النصر، قواتنا هنا والمجتمعات المحلية محمية”.
في غزة، حولت الحرب المستمرة منذ 18 شهرًا القطاع إلى أنقاض، مع خطط لإقامة منطقة عازلة بعرض كيلومتر. وفي الضفة الغربية، أدت عمليات عسكرية واسعة إلى نزوح 40,000 فلسطيني، مع تدمير مخيم جنين وإنشاء مواقع استيطانية في مخيمات أخرى. وأكد جيش الاحتلال أن هذه المواقع “مؤقتة”، لكنه منع عودة السكان حتى نهاية العام.
مبررات إسرائيلية وانتقادات إقليمية
يبرر المسؤولون الإسرائيليون هذه السياسة بـ“دروس” هجمات 7 أكتوبر، مشيرين إلى أن السماح لحماس بتعزيز سيطرتها على غزة كان خطأ استراتيجيًا. وأعلن نتنياهو أن إسرائيل “تغير وجه الشرق الأوسط”، في إشارة إلى انتهاك الحدود الدولية.
لكن هذه التحركات أثارت غضب الجيران. وصف قادة لبنان استمرار الوجود الإسرائيلي بأنه يهدد السلام، بينما اتهمت الحكومة السورية الجديدة إسرائيل بـ“العدوان المستمر” وانتهاك القانون الدولي. وحذرت باربرا ليف، دبلوماسية أمريكية سابقة، من أن تصرفات إسرائيل في سوريا قد تثير “عداءً غير مسبوق”.
مخاطر التصعيد
تعرضت القوات الإسرائيلية في سوريا لهجمات متفرقة، مما يثير مخاوف من تمرد محتمل مع محاولة النظام السوري الجديد توحيد البلاد. وأشارت ليف إلى أن الأمن يمكن تحقيقه عبر قنوات دبلوماسية بدلاً من القوة العسكرية وحدها.
في غزة، أعرب نتنياهو عن رغبته في “سيطرة أمنية شاملة”، مع تبنيه لفكرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتحويل القطاع إلى “منطقة سياحية”. ووفقًا لإيهود يعاري، باحث في معهد واشنطن، فإن دعم ترامب يخفف الضغط الدولي على إسرائيل، مما يتيح لها مواصلة هذه الاستراتيجية.