وزيرة الداخلية البريطانية تضع حجر الأساس لمركز طالبي اللجوء الذين سيرحلون إلى رواندا

لا تزال وزيرة الداخلية البريطانية تدافع عن المشروع الحكومي بنقل طالبي اللجوء إلى رواندا، وأبدت إعجابها بتصاميم الوحدات السكنية المخصصة للمهاجرين خلال زيارتها العاصمة كيغالي. ورغم أن الخطة لا تزال تواجه الكثير من العراقيل القانونية إلا أن الحكومة عازمة على تشديد سياسة الهجرة وردع الأشخاص من التوافد إلى المملكة المتحدة.

Suella Braverman attends a ceremony to mark the beginning of construction for a new building project in Kigali

“شراكة رائدة مع رواندا”، “مشروع مبهر”، “خطة عطوفة وعادلة”.. بضع مصطلحات استخدمتها وزيرة الداخلية البريطانية سويلا بريفرمان في تغريدات متتالية غطّت حسابها على تويتر، أثناء زيارتها العاصمة كيغالي، خلال يومي السبت والأحد 19 آذار/مارس.

تؤكد المسؤولة البريطانية على أهمية تطبيق الخطة الحكومية التي تقتضي وضع طالبي اللجوء الوافدين إلى بريطانيا على متن طائرة تنقلهم على بعد 6,400 كيلومتر إلى رواندا، الدولة الواقعة شرق أفريقيا. وبالتالي، ستصبح رواندا المسؤولة عن دراسة ملفات لجوئهم ولن يحق لهم العودة إلى المملكة المتحدة.

“أحب مصمم الديكور… أحتاج إلى بعض النصائح”

شاركت برافرمان، الأحد، في وضع حجر الأساس لبناء 500 وحدة سكنية على الأقل في رواندا لاستقبال المهاجرين المرحلين من المملكة المتحدة. وقالت إن مشاريع الإسكان والبناء في رواندا “متقدمة بشكل جيد” وتوشك على الانتهاء.

وتظهر لقطات مصورة، نشرتها صحف بريطانية ، جولة الوزيرة في إحدى الوحدات السكنية مبتسمة غير مترددة بإطلاق نكات، “هذه المنازل جميلة حقا وذات جودة عالية ومرحّبة. أحب حقا مصمم الديكور الخاص بكم. أحتاج إلى بعض النصائح لنفسي”.

تعرّضت الوزيرة لانتقادات واسعة إثر هذه الزيارة، ووصفتها الصحفية جيمي فورت بأنها تتصرف “كما لو كانت تزور” حديقة ترفيهية. فيما قال الصحفي جيمس أوبريان “بعد 200 عام بالضبط من تأسيس ويليام ويلبرفورس لجمعية مكافحة الرق، ها هي سويلا برافرمان في منشأة، تأمل في ترحيل ضحايا الاتجار بالبشر والعبودية المعاصرة”.

تقدّم الوزيرة هذه الخطة على أنها الحل الأمثل لـ”مكافحة الهجرة غير الشرعية” وردع طالبي اللجوء من ركوب القوارب الصغيرة، والإبحار من سواحل شمال فرنسا باتجاه الضفة الإنكليزية.

في رأي مماثل، أكد وزير الخارجية الرواندي فينسينت بيروتا على أن الخطة تساهم في تحقيق هدف الحكومة البريطانية في تفكيك شبكات الاتجار بالبشر، قائلا إن هذا المشروع “يوفر فرصا أفضل للمهاجرين والروانديين على حد سواء”. لا سيما وأن ذلك يأتي في إطار اتفاق قيمته 120 مليون جنيه إسترليني (146 مليون دولار) وقعت عليه الدولتان في نيسان/أبريل من العام الماضي.

كما رفضت الوزيرة السماح لوسائل إعلام مثل صحيفة “الغارديان” وقناة “بي بي سي” و”ذا إندبندنت” بمرافقتها وتغطية هذه الزيارة، لا سيما وأن الصحافيين العاملين فيها، نشروا العديد من المقالات التي تنتقد الخطة الحكومية. لكنها في الوقت نفسه، وجهت دعوة لمعارضي هذه الخطة و”شجعتهم” على زيارة رواندا “فعليا قبل أن يطرحوا شكوكا وآراءا متحيزة ومتغطرسة بشكل لا يصدق حول ما يمكن أن يقدمه هذا البلد الجميل”، وفقا لتصريحات أدلت بها لوسائل إعلام بريطانية.

عوائق قانونية أمام تنفيذ الخطة

لكن رغم مرور حوالي العام على توقيع الاتفاق، لم تتمكن السلطات من تنفيذ أي عملية ترحيل إلى رواندا. وتدخلت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في اللحظة الأخيرة لمنع أول رحلة طيران من الإقلاع في حزيران/يونيو الماضي. وأصدرت أمرا قضائيا بموجب القاعدة 39، يمنع فعليا أي إجراء حتى تنتهي الطعون ضد شرعية الخطة أمام المحاكم البريطانية.

لكن صحف بريطانية أشارت أمس الإثنين إلى انعقاد مناقشات “بناءة” بين لندن والمحكمة الأوروبية، ونقلت عن مصدر حكومي لم يذكر اسمه، قال إن القضاة كانوا على وشك التراجع.

لكن هذه العوائق القانونية وقرارات المحكمة البريطانية العليا والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لم يقف أمام إجراءات الحكومة البريطانية المشددة تجاه المهاجرين.

مطلع الشهر الجاري، أعلنت الحكومة عن دراستها مشروع قانون يسمح باحتجاز الوافدين غير الشرعيين دون مراجعة قضائية وترحيلهم خلال 28 يوما، وبالتالي لن يحق لهم تقديم طلب اللجوء. وإذا أقر البرلمان القانون، ذلك يعني أن أي شخص يصل إلى المملكة المتحدة عبر بحر المانش يتعرض للاحتجاز والترحيل إما إلى بلده الأم أو إلى “دولة ثالثة آمنة” مثل رواندا.

في لقاء على قناة “بي بي سي”، قالت ممثلة مفوضية اللاجئين في المملكة المتحدة فيكي تينانت، إن هذا الإجراء من شأنه أن يخالف القانون الدولي، “نعتقد أنه انتهاك واضح لاتفاقية اللاجئين، فحتى الأشخاص الذين لديهم أسباب مقنعة للغاية (للحصول على اللجوء) لن تتاح لهم الفرصة ببساطة لتقديمها”.

واعتبر مجلس اللاجئين أن احتجاز عشرات الآلاف من طالبي اللجوء والتعامل معهم وكأنهم “مجرمين”، يتعارض مع التزامات بريطانيا بموجب اتفاقية الأمم المتحدة بشأن اللاجئين.

وذكرت وزارة الداخلية البريطانية في بيان نشرته السبت الماضي أن حكومة رواندا “أكدت أنها قادرة على استيعاب آلاف الأشخاص المؤهلين لإعادة التوطين”.


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية