بريطانيا تسعى لاعتماد قانون جديد “يجرّم” المهاجرين ويمنعهم من طلب اللجوء

تعتزم الحكومة البريطانية اعتماد قانون جديد يحظر على طالبي اللجوء الذين يصلون في قوارب عبر المانش الوصول للقضاء، ويقضي باحتجازهم إلى أن يتم ترحيلهم لبلد ثالث. هذا الاقتراح تقول الجمعيات غير الحكومية إنه غير عملي، ويتعارض مع التزامات بريطانيا الدولية بشأن حماية اللاجئين.


تستعد الحكومة البريطانية للإعلان عن تبني قانون جديد يسعى لوقف عمليات عبور قوارب المهاجرين الصغيرة للمانش، الموضوع الذي شغل عددا من الحكومات السابقة والذي يعتبر واحدا من أولويات رئيس الحكومة الحالي ريشي سوناك الخمس لهذا العام.

موقف الحكومة المتشدد من هذه القضية يوحي بالمزيد من المحاولات لإيجاد حلول لظاهرة الهجرة عبر المانش، لكن بالنظر إلى الإجراءات التي اتبعتها الحكومات الماضية يظهر أن التشدد لم يؤت أي حلول، على العكس، ارتفعت أعداد الوافدين عبر المانش بشكل كبير.

وفقا لمراقبين لأداء الحكومة البريطانية، يبدو أن الأولوية تكمن في إظهار نفوذها القوي. فبموجب القانون الجديد، سيتم احتجاز المهاجرين الذين يصلون عبر القناة مؤقتا ثم نقلهم من المملكة المتحدة إلى دولة ثالثة. بعد ذلك سيتم منعهم من العودة إلى بريطانيا في المستقبل، ولن يتمكنوا من التقدم بطلب للحصول على الجنسية البريطانية. وقال سوناك لصحيفة “دايلي ميل” يوم الأحد موجها كلامه للمهاجرين “لا تخطؤوا، إذا أتيتم إلى هنا بشكل غير قانوني فلن تتمكنوا من البقاء”.

التهديد يوحي بأن لدى الحكومة البريطانية مكان لإبعاد من لا يستجيبون للتحذير، لكن معذر التوصل لاتفاقيات ثنائية دول الاتحاد الأوروبي أو دول أخرى، فليس من الواضح إلى أين سترحل بريطانيا هؤلاء، مع الأخذ بعين الاعتبار تعذر تطبيق الاتفاق المثير للجدل مع رواندا حتى الآن.

“انتهاك واضح لاتفاقية اللاجئين”

من جهتها، قالت وزيرة الداخلية سويلا برافرمان لرويترز “مشروع القانون هذا يسمح باحتجاز الوافدين غير الشرعيين دون كفالة أو مراجعة قضائية خلال أول 28 يوما من التوقيف حتى يمكن ترحيلهم”. مضيفة “لن يتوقفوا عن المجيء إلى هنا حتى يعرف العالم أنك إذا دخلت بريطانيا بشكل غير قانوني فسوف يتم القبض عليك وترحيلك بسرعة”.

أما مجلس اللاجئين، وهو منظمة بريطانية غير حكومية، فاعتبر أن حبس عشرات الآلاف من طالبي اللجوء مثل المجرمين، يتعارض مع التزامات بريطانيا بموجب اتفاقية الأمم المتحدة بشأن اللاجئين.

هذا ما نفته برافرمان التي اعتبرت أن الحكومة مقتنعة بأن القانون يتوافق مع التزامات البلاد الدولية والأوروبية.

في لقاء على قناة “بي بي سي”، قالت ممثلة مفوضية اللاجئين في المملكة المتحدة فيكي تينانت، إن هذا الإجراء من شأنه أن يخالف القانون الدولي، “نعتقد أنه انتهاك واضح لاتفاقية اللاجئين، فحتى الأشخاص الذين لديهم أسباب مقنعة للغاية (للحصول على اللجوء) لن تتاح لهم الفرصة ببساطة لتقديمها”.

وأظهر استطلاع للرأي أجري في تشرين الثاني\نوفمبر الماضي، أن ملف الهجرة يحتل مرتبة متقدمة ضمن اهتمامات الناخبين البريطانيين الرئيسية. ويعتقد 87% ممن شملهم الاستطلاع أن الحكومة تسيء التعامل مع قضية الهجرة. كما قالت أحزاب معارضة ومنظمات غير حكومية إنها تشك في أن تكون خطة الحكومة التي تعتزم تنفيذها (لمنع المهاجرين من عبور المانش) أكثر فعالية من المحاولات السابقة.

وكانت الحكومة السابقة قد أبرمت سلسلة اتفاقات مع فرنسا لمراقبة الحدود ومنع القوارب من المغادرة باتجاه إنكلترا. وكان من ضمن بنودها زيادة الدوريات الحدودية ومشاركة عناصر بريطانية فيها. مع ذلك، لم يكن لتلك الإجراءات آثارا ملموسة، حيث لوحظ خلال العام الماضي ارتفاع كبير بأعداد المهاجرين المغادرين للسواحل الفرنسية.

ومن المتوقع أن يستغل ريشي سوناك القمة الفرنسية البريطانية المقررة في نهاية الأسبوع ليطلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيادة التعاون من باريس في محاربة مجموعات “المهربين” عبر القناة.

المرتبة 16 أوروبيا من حيث عدد طلبات اللجوء

مع عدم وجود حلول سريعة، علقت الحكومة آمالها على عمليات الترحيل، وجعلت من المستحيل تقريبا على طالبي اللجوء الاستئناف أمام القضاء عند رفض طلباتهم، وهو حق يحميه القانون الدولي. فضلا عن ذلك، نجت اتفاقية ترحيل المهاجرين إلى رواندا (حتى الآن)، على الرغم من الانتقادات الشديدة التي تعرضت لها والتحديات القانونية، فحتى الآن لم يتم ترحيل أي مهاجر. إضافة إلى ذلك، ووفقا للاتفاق، لن تتمكن رواندا من استقبال سوى جزء صغير من آلاف المهاجرين الذين تأمل المملكة المتحدة في إبعادهم.

وينص الاتفاق المثير للجدل الذي أبرمه العام الماضي رئيس الحكومة السابق بوريس جونسون على ترحيل المهاجرين إلى رواندا – معظمهم من أفغانستان وسوريا ودول أخرى مزقتها النزاعات.

لكن الرحلة الأولى التي كان من المقرر إجراؤها بموجب هذا الاتفاق في تموز\يونيو الماضي تم منعها بموجب أمر قضائي من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

وفي تعليق على الإجراءات التي تعتزم الحكومة اتباعها مع المهاجرين، أشار جيمس ويلسون، مدير منظمة “Detention Action” إلى أن بريطانيا تحتل المرتبة 16 في أوروبا من حيث عدد طلبات اللجوء التي تتلقاها سنويا، “يجب أن نوفر الحماية للأشخاص على أساس الحاجة، وليس تسجيل نقاط سياسية لحكومة عرّضت بشكل متكرر حياة وسلامة طالبي اللجوء للخطر”.

ووصل خلال 2022 أكثر من 45 ألف شخص إلى بريطانيا على متن قوارب صغيرة عبر المانش، معظمهم من فرنسا.

ما هي أبرز بنود القانون الجديد:

  • سيتم إبعاد المهاجرين الذين يصلون بشكل غير قانوني ومنعهم من العودة أو السعي للحصول على الجنسية البريطانية في المستقبل.
  • سيكونون مؤهلين فقط للحصول على اللجوء في بلد ثالث “آمن” (رواندا).
  • لن يتم الإفراج عن المهاجرين بكفالة ولن يتمكنوا من التماس المراجعة القضائية خلال أول 28 يوما من الاحتجاز.
  • سيكون هناك حد أقصى لعدد اللاجئين الذين ستستقبلهم المملكة المتحدة من خلال “طرق آمنة وقانونية” – يحدده البرلمان سنويا.
  • الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما، أو غير القادرين صحيا على الطيران، أو المعرضين للخطر في البلد الذي يتم ترحيلهم إليه، سيكونون قادرين على تأخير الترحيل.
  • سيتم استقبال طلبات اللجوء عن بعد.

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية