كتاب عامي أيالون الوزير الإسرائيلي السابق، ورئيس جهاز الأمن العام- الشاباك، بعنوان “نيران قواتنا: كيف أصبحت إسرائيل عدوًا لها وأملًا في مستقبلها“، أثار ضجة كبيرة عقب تخصيصه لأحد الفصول لتوثيق لقاء طويل عقده مع الحاخام يتسحاق شابيرا، أحد مؤلفي كتاب “توراة الملك”، صاحب فتوى قتل الأطفال العرب، مما دفع أنصار الحاخام لاتهام أيالون بأنه ذو نظرة يسارية، وعمل على تشويه صورة الحاخام، وتحويله إلى شيطان.
كالمان ليبسكيند الكاتب اليميني كتب مقالا في موقع “ويللا” العبري ذكر أن “أيالون كتب فصله هذا عقب جلوسه بمنزل الحاخام في القدس المحتلة قرابة ساعتين ونصف، وتحدث معه، وتبادلا الآراء، لكنه صوّره في الكتاب على أنه نازي، واتهمه بأنه يؤيد قتل الأبرياء، والقتل العرضي للأمم، بما في ذلك قتل الأطفال الذين لم يخطئوا، لأنهم قد يكبرون، ويصبحون “أشرارا” مثل آبائهم، بزعم أنه حسب التوراة والإجماع بين حكمائنا اليهود، فإن التحريم المطلق للقتل ينطبق على اليهود فقط، وليس على الوثنيين”.
وأضاف “حسب التوراة فإن عبارة “لا تقتل” تشير للإسرائيليين، مما تسبب بصدمة لدى أيالون من هذه الكلمات، الذي يعقب على كلام الحاخام بالقول إنه حتى في أعنف أحلامي، لم أعتقد أن الديانة اليهودية تسمح بالقتل بدم بارد على أساس معايير عرقية، لقد صدمت جدًا من الإجابة، بل إن واجبنا الأخلاقي وفقًا لقواعد الحاخام ومن معه هو السماح لهم بالقتل، ليس فقط “الإرهابيين” أو الجنود، بل أيضًا النساء وكبار السن والأطفال”.
الكاتب اليميني الإسرائيلي يحاول الدفاع عن الحاخام باتهام أيالون بأنه “لا يفهم جيدًا النصوص اليهودية المعقدة، ومنها أن تحريم قتل اليهودي مبني على آية واحدة، أما عبارة “اقتل غير اليهود” فهي مبنية على آية أخرى، زاعما أن الحاخام حاول شرح الفروق الدقيقة من كل آية، لكن الخلاصة التي قدمها إيلون تشير لسماح الحاخام بقتل “الوثنيين” من غير اليهود، بمن فيهم النساء وكبار السن والأطفال”.
أكثر من ذلك، فإن أيالون وصف الحاخام شابيرا في مقابلة مع مجلة “غلوبس” بأنه “قال بيانًا نازيًا مثل النازيين الكبار الذين ادعوا أن اليهود هم العدو، وقتلهم وهم أطفال مسموح، لأنهم حين يكبرون سيكونون العدو، لكن الكاتب اليميني يتهم أيالون بأنه ضغط بالفعل على الحاخام ليخرج منه هذه الجملة، مستدركا بالقول إنه ليس هناك إذن بإيذاء أطفال العدو بهذه الطريقة، وهم أبرياء تمامًا، وليسوا عاقلين، “إلا في الحالات القصوى التي لا يوجد فيها خيار”، عندما يتعلق الأمر بتحولهم إلى “درع بشري” يعرض حياة الجنود الإسرائيليين للخطر”.
أيالون يعتبر أن “استدراك الحاخام يعني وجود تبريرات لجواز، بل وضرورة قتل طفل فلسطيني رضيع، لأنه من الواضح أنه سيكبر ليكون “آثماً” مثل والديه، صحيح أن الحاخام لم يتحدث عن الفلسطينيين بالاسم، لكنه لم يذهب بعيدا”.
يضيف هذا الكتاب الإسرائيلي، رغم محاولة اليمين نفيه والدفاع عنه، جرعة جديدة لمعرفة حقيقة وخطورة ودموية الفتاوى الحاخامية التي يطلقها رجال الدين اليهود لتبرير قتل الفلسطينيين والعرب من منطلقات عقائدية، ويبثونها في صفوف جنودهم الذين يجدون “رخاوة” في الضغط على الزناد لقتل الأطفال والمدنيين الفلسطينيين الذين لا يشكلون خطرا عليهم، ولعل مجزرة الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل في 1994 نموذج دام على ذلك لأن منفذها هو الحاخام باروخ غولدشتاين، الذي يتشرّب معاني التوراة المحرفة لتبرير قتل “الأغيار”.