نحن.. من أين يأتي المستقبل إلى سورية؟ لـ: منذر مصري

نحن..

من أين يأتي المستقبل إلى سورية؟

[ult_ihover thumb_shape=”square” thumb_height_width=”180″ responsive_size=”on”][ult_ihover_item title=”منذر مصري” thumb_img=”id^19586|url^https://ebd3.net/wp-content/uploads/2016/12/Monzer-Masri-.jpg|caption^null|alt^null|title^Monzer Masri–|description^null” hover_effect=”effect13″ title_font_color=”#000000″ desc_font_color=”#000000″ info_color_bg=”rgba(255,255,255,0.5)” block_border_size=”1″ title_responsive_font_size=”desktop:22px;” title_responsive_line_height=”desktop:28px;” desc_responsive_font_size=”desktop:12px;” desc_responsive_line_height=”desktop:18px;”]

شاعر سوري

[/ult_ihover_item][/ult_ihover]

[dt_quote type=”pullquote”]سوف يصعب كثيراً في القادم من السنوات أن يكتب أحد في دستوره أنّه لا يقبل بتداول السلطة. سوف يصعب كثيراً أن تعتدي على حقوق الناس وحرياتهم الأساسية بالشكل الذي كان يُعتدى فيه على حرياتنا وحقوقنا.[/dt_quote]

لا أدري أي عزاء، أي تعويض، أي مكافأة، يحاول البعض تقديمها للسوريين مقابل الأثمان العالية التي دفعوها، فالصحافي والمحلل السياسي اللبناني، (…..) المعروف، منذ عقود، بمواقفه المناهضة للنظام السوري، ومناصرته للثورة السورية منذ، وربما قبل، بدايتها، إلا أنه بات معروفاً أيضاً بحسه المأسوي الزائد، يأخذ، ككثيرين من الكتاب الذين قرأت لهم، بفكرة (التعرية( هذه؛ أي كشف حقيقة الطرف الآخر. وكشف الحقيقة هنا، بمعنى كشف خداع، وسقوط أقنعة، فهو يكتب في بداية مقاله (الثورة السوريّة التي نظّفت وانهزمت):

… فالثورة السوريّة مثلاً، بوصفها أكثر شقيقاتها دراميّةً وأكلافاً وتأثيراً في محيطها، يكفيها أنّها نظّفت التاريخ المحلّيّ، وجزئيّاً العربيّ، الذي سبق أن خطّه الدجل والتدليس“.

واسمحوا لي هنا بالتدقيق، والتوقف عند بعض الكلمات، لأقول: بالتأكيد لا يكفي (الثورة) السورية بتكاليفها الإنسانية غير المسبوقة، أنها نظفت!؟. “نظفت” ليست المقابل الكافي، أو حتى الأقل الأقل كفاية، لكل الثمن الذي دفع. ثم “نظفت التاريخ المحلي” من ماذا؟ من الدجل والتدليس”، وليس من (النظام الاستبدادي بكل رموزه ومرتكزاته)، كما كانت تطالب حتى المعارضة الداخلية (المدجنة)، على حد تعبير البعض. ولكن السؤال؛ من قال إن هذا التاريخ المحلي لم يكن مكشوفاً ومفضوحاً في الماضي، كما الآن في الحاضر، وربما أكثر؟. فما بالك بالتاريخ العربي، كلياً وليس جزئياً، ذلك الشريط الطويل المهترئ من الهزائم والنكبات و…المهازل!؟. إلاّ أن (…..) ينهي مقاله بعبارة:

أنّ الهزيمة لا تهزم الأمل، وأنّ الكذب لا يحجب الحقيقة إلى ما لا نهاية، وأنّ العبوديّة لن يكون لها مستقبل… هذا إذا كان ثمّة مستقبل!”.

وبالتأكيد هناك مستقبل، أي سؤال هذا؟.

(…..) المعارض الأشد صلابة، بالمقارنة مع صفة (الرخو)، التي أطلقها البعض علي وعلى أمثالي من جماعة (ليتها لم تكن)، والذي يصدر صفحته على الفيسبوك بعبارة، صدمت البعض: (العدل ولو انهار العالم)، والتي بجوهرها صيغة أخرى لمقولة ابن خلدون (العدل أساس الملك)، فالملك حينها هو العالم اليوم. والذي من معرفتي به، لا أراه إلاّ الأشد ألماً، أجابني:

“المستقبل.. لا يأتي من أي مكان يا صديقي. جوهر مشروع الأبد المتجه نحو الانتصار هو إدامة الحاضر ومنع المستقبل من القدوم. انفتحت أبواب الماضي لأن النظام السياسي في البلد قام خلال جيلين الحرب على المستقبل. وهو يعني عملياً تكرار الشيء نفسه إلى ما لا نهاية. فرصنا في المستقبل مرهونة بوضع نقطة نهاية نهائية لمشروع الأبد، وهذا سيضعنا في وضع أفضل لمواجهة مشروع الماضي. المستقبل لا يأتي دون التخلص من المشروعين معاً

مجيباً على سؤالي؛ من سيضع هذه النقطة، وكيف؟

: “كل الدور للسوريين. المعركة تتغير أشكالها، ولكن تبقى مستمرة. والثقافة برأيي ميدان أساسي للصراع. وبعد قليل السياسة من جديد“.

ليختم بدوره بعبرة إنسانية: “أرى اليأس والأمل يمشيان معاً؛ اليائس أكثر هو من لديه أمل أكثر”.

 (…..) معارض سياسي تاريخي، كرس حياته برمتها للنضال في سبيل هدف واحد، دون سواه، وأعترف أنه ليس من الحكمة ذكره هنا. كما أعترف أني خضعت، راضياً مرضياً، طوال هذه السنوات الست، لمحاسبته وأحكامه، ليس فقط على أخطائي الإملائية والإعرابية، التي يلتقطها، كما يلتقط المغناطيس الدبابيس والإبر داخل علبة الخياطة، بل على أي رأي أو فكرة سياسية، هرفت وهرطقت بها، فإذ بها، لسبب أو لآخر، بحاجة إلى تدقيق ومراجعة تاريخية شاملة، أجابني:

هذا سؤال الأسئلة، يا صديقي. ليس للسوريين مستقبل يرتاحون إليه إلا من خلال تحفيز الروح الوطنية السورية كهوية وطنية جامعة في مواجهة كل الهويات الجزئية ما قبل الوطنية، التي جرى إنعاشها وإيقاظها لتكون في خدمة الاستبداد وفي ديمومته أيضاً. ليس للسوريين مدخل آخر إلى مستقبل آمن سوى هذا.. وفيما عدا ذلك، فعلى سورية والسوريين السلام“!؟.

(…..) معارض من نوع آخر، ليس معارضة النظام فحسب، فهذا بالنسبة له، أمر لا يحتاج منه تأكيده، فهو أيضاً ممن دفعوا سنين عديدة من أعمارهم في زنازينه، وتحت وطأة ملاحقاته ومساءلاته، بل أيضاً معارضة المعارضة، في الوسائل والطرق التي انتهجتها بالتعامل مع (الثورة، أو ما يحمل مولود الثورة)، والتي أدت، بالمشاركة مع عوامل كثيرة، لا يمكن لأحد نكرانها، إلى ما برأيه، إضاعة هذه الفرصة التاريخية على سورية والشعب السوري. قرأت له الجواب التالي:

“كيف أرى المستقبل؟ الوضع الحالي بالغ السوء، كارثي، سوداوي، مأساوي.. هذه هي الكلمات التي يجدر بنا استخدامها عند وصفه. لكنني لا أظنّ، حتى بالتحليل (العلمي) و(النظري)، أن دماء السوريين ستذهب هدراً. هناك كثير من تجارب الشعوب في التاريخ، مثل ثورات 1848 في أوروبا، أُغرِقت في الدماء وأخفقت وهُزمت، لكن المنتصر اضطر لأن يأخذ بالحسبان مطالب الثّوار.
سوف يصعب كثيراً في القادم من السنوات أن يكتب أحد في دستوره أنّه لا يقبل بتداول السلطة. سوف يصعب كثيراً أن تعتدي على حقوق الناس وحرياتهم الأساسية بالشكل الذي كان يُعتدى فيه على حرياتنا وحقوقنا.
لا أعلم التعرجات التاريخية التي سيمرّ فيها حصول مثل هذا الشيء، أظنّه سيحصل بفضل ما سال من دماء على هذا الطريق، وما سال من آلام الناس الذين فروا وهربوا، وبفضل حتى ما هو سلبي من أخطاء ارتكبتها القوى التي ادّعت المعارضة.
أظنّ التاريخ رغم كل التعرجات التي يمر فيها والآلام التي تطفو على السطح… لن يقبل أن يسير إلى الخلف، لا على المستوى المحلي ولا على المستوى الأشمل”.

أما الكاتبة (….) التي بعد نشرها لمقالها (العودة إلى سورية) لم يتوقع عودتها أحد، لكنها عادت، فقد فاجأتني بجوابها، الذي لا أريد الإضافة عليه، أو توضيحه حتى بكلمة واحدة:

 نحن.

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية