حواريات معلّقة لـ : ماهر حمصي

حواريات معلّقة

[ult_ihover thumb_shape=”square” thumb_height_width=”170″ responsive_size=”on”][ult_ihover_item title=”ماهر حمصي” thumb_img=”id^19823|url^http://ebd3.net/wp-content/uploads/2016/12/Maher-1.jpg|caption^null|alt^null|title^Maher (1)|description^null” hover_effect=”effect13″ title_font_color=”#000000″ info_color_bg=”rgba(255,255,255,0.5)” block_border_size=”1″ title_responsive_font_size=”desktop:22px;” title_responsive_line_height=”desktop:28px;” desc_responsive_font_size=”desktop:12px;” desc_responsive_line_height=”desktop:18px;”][/ult_ihover_item][/ult_ihover]

1

كل واحد منهم أخذ شكله المحدد والمرسوم بيد أو آلة حادة أو بوهم المكان .
إنها طاولة أو جلسة بمحيط منكسر وملتو ومجوف وصاعد أو نازل …بدائرة مغلقة أو حلقة أو …………
مايجمعهم هو هذا الشكل الغرائبي من موزاييك مبعثر ، وواحد أخذ مكانه بإطار فنتازي هكذا أراده وهكذا ماكان وما سوف يعلنه .
صمت لف الأشكال …علت الأصوات ثم راحت عندما أغلق المكان !!! 

2

– صه …………!!؟؟
( ولج المجلس ، وجد أثراً ثم وقف عنده ) .
– كنّا وسعياً ومواكبةً بـ ….
– ( مقاطعاً ) : حسبك .
( يُسمع صرير خافت )
– إنها للدراسة وكفى …( يزمّ شفتيه ويرجع فكّه السفلي بحركة لا إرادية ) .
– الدراسة تعني الأوراق ، والأوراق بيضاء أو سوداء أو ملونة …لا يهم …..ثم الأقلام ، والأقلام تعني الكتابة …الكتابة إذاً : أوراق وأقلام ….والدراسة : أقلام وأوراق وكتابة ……( يضحك ببلاهة ) .
( يعود الصرير ثانيةً ) .
– نعم …نعترف بوجودكم وهذا ( يشير إلى الشكل الغرائبي ، حيث يتحلق الجمع حوله ) .
– لابدّ أن يتجرّد الكلام من حركاته وسكناته ..إنه عار ٍ …والعار يعني الشرف ، والشرف لايكون بأحمر الشفاه بل ….
( تطير بالونة نفخها أحدهم …ينبري الواحد تلو الآخر بصوت جهوري )
– الفضاء يضيق …
– العشق نفير …
– الحصن منيع ….
يميد المجلس طرباً .
يدخل ظلٌ ما …ويبتدي الترجمة بلغة الإشارة .!! 

3

– سُقينا وإياكم …علينا أن نسلّط الحزمة ، ونرقب ما تجود به ( سلّتنا ) من طيب ما تحمل !
– أصبت ..
– ( يستطرد بانفعال ) لن نستكين أو تهدأ عزيمتنا …منذ سنين والثابت صرح ٌ ، ولا نريد الغيم ولا نسأل الهطل ..
– نعم …سمعنا وأطعنا ..
– كونوا وقودا…ومرتعا …كونوا كما العهد ..والصورة لا كما تُرسم ..أجل أكرر : هذي الدماء لـ ( أحمر شفاه ) فتاة تركته وهي تلوّن لقاءها بالحبيب …
– ما أجملها من فتاة !!!
– وهذا السيل لنا وزخّات المطر لكم …ويح ما تريدون ..ويحكم ..ويح ما جنى صالحكم وما سلف …
( يشير إلى فتاة تتمايل بغنج ، وتأخذ مكانها في المشهد )
– ( 1 ) : أعرفها …
– ( 2 ) : كنت ألقاها ..
– ( 3 بهيام ) : لون عينيها …..
وهناك غيمة تقترب مع زخّة عيان …………….

4

تململ في جلسته ، وجال ببصره ، ثم أشار بالمواصلة ، وقد أشاح رافعا أنفه إلى أعلى .
– ( 1 ) : فليكن عبرة .
– ( 2 ) : ليس هذا بمجد …الخوف تجذّر منذ سنين .
– ( 1 ) : دعوه جذرا وساقا وغصنا .
– ( 3 ) : نخشى أن تؤتى بثمار لست تطلبها ؟
– ( 2 ) : إذاَ نبحث في نص ومخرج آخر .
– ( 1 ) : الأمر قضى …
عيل من سقف تدلى ..وأومأ بورقة …أخذها بين يديه ، طواها مرة وثانية وثالثة فكانت طائرة ورقية ..رماها ، فاستقرت فوق جسد مسجى .
– ( 2 ) : الرسالة وصلت .
– ( 1 ) : احملوها إلى أهلها .
– ( 2 ) : إنها قاسية .
– ( 1 ) : وكيف تريدها ؟!!!
– ( 2 يبحث عن جواب ) ….؟
– ( 3 ) : قد تصل حصرما ؟
– ( 1 ببلاهة ) : هههه … هل تريد أن نحشي جلده ؟
أجاز لهم …وأدار ظهره للجسد نحو مخدعه وهو يتقعر بكلمات غير مفهومة …!!!

5

ألقى بثقله على ظل لازمه ، وأخذته غفوة في مسالك الذكريات .
( إنها طاولة وهي عبارة عن قطعة رخام أبيض لايزيد عرضها عن 30 سنتمترا ، نتأت من الجدار وامتدت على طوله ..تريث قليلا وهو يدفع اللقمة في فمه …ساخن هذا الفول ، والخبز ساخن ، ورائحة البصل تشير إلى طعمه الحاد …).
( الظهيرة تلذع …يحث خطوه في أزقتها هربا …ويلثم رائحة الياسمين ..).
( يقلب في الصفحات ، يبحث عن شيء ما …يتوقف عند عنوان ، ويخرج منه إلى إعلان ….ثم يرشف ما تبقى من كوب الشاي مغادرا أصوات المقهى ورائحة التنباك …).

يهزّه الظل أن تبرح المكان .. يتمطى ، يقف ، ويسير في غمرة ذكرى .
– ماذا تفعل هنا ؟
– ( يتلفت حوله مذهولا ) …..!!!
– ( بصوت أجش ) : ألا تسمع أيها الـ ….
– بلى ….كنت نائما ..
– إنه مكان عام ؟
– عام ؟ ….النوم سلطان .
– ( يجره بقوة )
– أنا …أنا…
– سوف نعرف من أنت ، وكيف جاءك هذا السلطان … 

6

حالت المرآة المشروخة والمعلقة دون شعوره بالجدران الأربعة تضيق ..وتقصر المسافة ، وأخذت تكبر صورته شيئا فشيئا ….
– نعم …الملامح ذاتها ، ولكن الشيب غزاه …
فغر فمه ، وكشف عن مكان شاغر لـ ( سن ) قلعه بيديه بعد أن ربطه بخيط ، ولما أراد جرّه كان يتأرجح خارجا ً .
– هههه …سقى الله أيام زمان وهذا اللسان وجد له مخرجا …
– ( صدى ) : وما نفعه ؟!!
– اللسان أم السن ؟
– كلاهما …..
المسافة تضيق …أنفاسه تتقطع …
– ربما …ربما ..
لمّا أحس بحرارة أنفاسه ، وضبابية ملامحه وهي توشك أن ترتمي قطرات من رعشة …
هوت المرآة شظايا بلون الدم .
– (( ربّيتك زغيرون …وكبرت كل شبر بنذر يُمّه …)).
تلفه وتضمه بقوة .
– يا لبسمتك ..إنها اللحظة كبيرة لا يحتويها الأفق والمدى …كنتَ تردد وتقول : سوف أكون طبيبا وأعالجك من داء المفاصل …وسوف أكون مهندسا أبني منزلا كبيرا بغرف واسعة ….ومدرسا أعلمك أبجدية الحرف والحساب …..وسوف ….وسوف ….وتبسم ..تضحك في حضني ، تتعربش على كتفي ……………………..أوّاه ..!!
يالفجيعتي وهذه الرائحة الزكية ..!! من الذي عطّرك ، وصبغ محياك بنور ؟؟
تلثم جبينه وعينيه …تتحسسه …و …ويتحشرج صوتها بزغرودة ..تتبعها بأخرى قوية وأقوى ………………. 

7

استيقظ على وقع كابوس …فتح عينيه ، فركهما ثم حملق شاخصا في السقف حيث تدلت علامات ترقيم بخيوط واهنة ..

 

انتهت الحواريات في غفلة صحوته

 

الجبيل
أيار/ حزيران 2011

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية