بابا الفاتيكان في كندا لطلب الصفح عن دور الكنيسة في العنف ضد آلاف أطفال السكان الأصليين

يزور البابا فرنسيس الإثنين، مدرسة داخلية سابقة للسكان الأصليين لكندا، حيث سيطلب مجددا الصفح عن الدور الذي لعبته الكنيسة في مأساة المدارس الداخلية التي عانى منها السكان الأصليون وبخاصة الأطفال الذين فصلوا عن أسرهم ولغتهم وثقافتهم وغالبا ما كانوا ضحايا أعمال عنف بشعة، وهو نظام دمج ثقافي تسبب في وفاة ستة آلاف شخص على الأقل بين نهاية القرن التاسع عشر وتسعينات القرن الماضي، وأحدث صدمة استمرت لأجيال.

يقوم البابا فرنسيس الإثنين بزيارة مدرسة داخلية سابقة للسكان الأصليين في كندا، حيث ينتظر أن يطلب الصفح مجددا عن دور الكنيسة في العنف الذي تعرض له آلاف الأطفال لأكثر من قرن.

وكان البابا البالغ 85 عاما قد وصل إلى إدمنتون في مقاطعة ألبرتا الأحد في زيارة تستمر ستة أيام، والتي كانت انتظترها الشعوب الأمريكية الهندية التي تضم الشعوب الأولى والإنويت، منذ سنوات.

وستركز رحلة “التوبة” هذه، على الفصل المؤلم الذي ميز تاريخ “المدارس الداخلية” لأطفال السكان الأصليين، وهو نظام دمج ثقافي تسبب في وفاة ستة آلاف شخص على الأقل بين نهاية القرن التاسع عشر والتسعينات وأحدث صدمة استمرت لأجيال.

وكانت الحكومة الكندية قد اعتذرت بشكل رسمي قبل 14 عاما عن إنشاء هذه المدارس التي أقيمت “لقتل الهندي في قلب الطفل”، ودفعت مليارات الدولارات كتعويضات لتلاميذ سابقين.

وكان البابا فرنسيس قد وصل الأحد إلى كندا قادما من الفاتيكان في زيارة تدوم ستة أيام قد يجدد خلالها طلب الصفح عن دور الكنيسة في مأساة المدارس الداخلية للسكان الأصليين.

وكان البابا قد وجه رسالة عبر تويتر إلى “إخوانه وأخواته الأعزاء في كندا” قبل مغادرة الفاتيكان، وكتب “آتي إليكم للقاء السكان الأصليين. آمل، بعون الله، أن تساهم رحلة التوبة التي أقوم بها في طريق المصالحة التي بدأت. أرجو أن ترافقوني بالصلاة”.

وستخصص هذه الزيارة أولا للسكان الأصليين الذين يمثلون خمسة في المئة من سكان كندا.

وللتذكير، بين نهاية القرن التاسع عشر وتسعينات القرن العشرين، تم تسجيل حوالي 150 ألف طفل من السكان الأصليين قسرا في أكثر من 130 مدرسة داخلية مدعومة من الدولة وكانت معظمها تحت إدارة الكنيسة الكاثوليكية.

وتم فصل هؤلاء الأطفال عن أسرهم ولغتهم وثقافتهم وغالبا ما كانوا عرضة لأعمال عنف، في بعض الأحيان جنسية.

وتوفي حوالي ستة آلاف طفل، فيما اعتبرته لجنة تحقيق وطنية “إبادة جماعية ثقافية”، في بلد أثار فيه اكتشاف أكثر من 1300 قبر لمجهولين في العام 2021 صدمة حقيقية ما دفع السلطات إلى إعلان “يوم مصالحة”.

ومن الأرجح أن يقوم البابا بمبادرات رمزية من بينها إعادة عدد من أعمال وقِطع كانت ملكا للشعوب الأصلية والمعروضة في متاحف الفاتيكان منذ عقود.

وقال جورج أركاند جونيور الرئيس الأكبر لـ “اتحاد الشعوب الأولى في كونفدرالية المعاهدة 6” في مؤتمر صحافي الخميس بإدمونتون إن “هذه الرحلة التاريخية جزء مهم من رحلة الشفاء” لكن “ما زال يتعين القيام بالكثير”.

بينما حذر إيرفين بول زعيم قبائل لويس بول كري من أن “أحداث الأسبوع المقبل قد تؤدي إلى فتح جروح ناجين”.

واستعدت مدينة إدمونتون صباح الأحد لاستقبال البابا الذي اضطر إلى استخدام رافعة منصة للصعود إلى طائرته على كرسي متحرك السبت.  

وسيلتقي البابا فرنسيس، أفرادا من السكان الأصليين للمرة الأولى صباح الإثنين في ماسكواسيس التي تبعد نحو مئة كيلومتر جنوب إدمونتون، حيث ينتظر حضور ما يقارب 15 ألف شخص. علما أن ألبرتا كانت المقاطعة التي تضم أكبر عدد من المدارس الداخلية.

وقالت شارلوت روان (44 عاما) التي كانت جالسة على مقعد في ماسكواسيس، لوكالة الأنباء الفرنسية “أتمنى أن يأتي عدد كبير من الأشخاص” ليسمعوا أن “الأمر لم يكن اختراعاً”.

وهناك آخرون ينظرون بمرارة إلى الحدث. وبالقرب من سانت بول (200 كيلومتر شرق إدمونتون)، قالت ليندا ماكجيلفيري (68 عاما) التي أمضت ثماني سنوات من طفولتها في مدرسة داخلية “بالنسبة الي، فات الأوان لأن كثيرين تألموا”. وأضافت هذه السيدة التي قالت أنها لن “تلتفت” لترى البابا “فقدت الكثير من ثقافتي وأصلي ومرت سنوات طويلة من الضياع”.

وبعد ظهر الإثنين، سيلقي الزعيم الروحي للكاثوليك البالغ عددهم 1,3 مليار شخص، خطابا ثانيا في كنيسة القلب المقدس للشعوب الأصلية في إدمونتون. وسيترأس الثلاثاء قداسا في ملعب يتسع لستين ألف شخص في هذه المدينة قبل أن يتوجه إلى بحيرة سانت آن التي تعتبر موقع حج سنوي.

ويعد البابا فرنسيس ثاني حبر أعظم يزور كندا بعد يوحنا بولس الثاني الذي زارها ثلاث مرات في 1984 و1987 و2002.

ويأتي هذا في ظل أزمة كنيسة تشهدها كندا التي يشكل الكاثوليك 44 بالمئة من سكانها، إلى جانب بلدان أخرى مع تراجع حاد في المشاركة في ممارسة الشعائر في السنوات الأخيرة.


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية