وأيضاً.. يقوم الشتاء قتيلا .. لـ: ياسر الأطرش

ياسر الأطرش
شاعر سوري

وأيضاً.. يقوم الشتاء قتيلا

وأعرف أنّ الذي جاء موتي.. وأقرأ وجهك إلا قليلا


وهذا الوقوف على باب حزنٍ قديمٍ.. يطولْ


ويطفئ في الروح قنديل ذكرى


ويوقد سرباً من الخوفِ


سرباً يضيء احتمال الحياةِ..


وسرباً ضليلا


فلا تكتبيني شتاءً طويلاً


لأنّ الرفاق انتهوا في الزحامِ


ووحدي.. دخلتُ شتاءكِ ناراً


فكنتُ احتراق دمي.. والفتيلا


كوجهي يقوم الشتاء قتيلا


ومن طلعة الثلج نبني الحكايا

ونسقف جوع الحقول بوهمٍ؛ لكي نستريح على قمحنا المستعارْ..


نُشيِّدُ نهراً هنا أو هناك


ونصنع شمساً من الأغنياتِ


ليأتي النهارْ


كذا علّمونا


وكنّا صغاراً نسمّي الغيوم بيوت المطرْ


وكنّا نعذّب حتى الشوارعَ


نطفئ كل شموع الطريقْ..


ونكسر بالماء ضوء القمرْ


وكنّا صغاراً نحاول أنْ نستبين السبيلا


فقام من العمق هذا الحصارْ


يُزنّرُ بالليل خصراً نحيلا


كوجهي يقوم الشتاءُ


وأيضاً.. نعدُّ الرفاق قتيلاً قتيلا..


يعودون من ذكريات الصبايا


عصافير حزنٍ تخبّئ تحت الجناحِ الشراعَ


ونبضَ الحياة وصبراً جميلا..


كذا علّمونا


وما نحن إلا نتاج انكسارات ذاك المسارْ


وما نحن إلا غبار اشتهاءاتِ زوجٍ فقيرْ


تسّرب في العمر.. فوضى


وجئنا إلى العمر من ثقب باب الحوارْ


نجرُّ الصهيلا


على أرجلٍ خاويات الضلوعْ


كأنّا أتينا هنا كي نجوعْ


ونبني الفصولا


بأجسادنا العاريات عن أيّ زرعٍ


بأحلامنا القابعات فينا صليلا


يقوم الشتاء كوجهي قتيلا


وأنتِ تقومين بستان وجدٍ


يشدُّ البقيّة من أرجواني إلى وردةٍ في المساء القديمْ..


هناك.. على ضفّة البرتقالْ


مسحتِ بكفّيكِ وجه الوطنْ


وكان العناق الحميم.. رسولا


ولكنّ قلب المسافات أعمى


ونحن ندور بغير اتجاه!..


لمن سوف نرفع- بعدُ- الصلاه؟!


وصوتكِ ينهض قبلي قتيلا


وهذا الشتاءُ


يمرُّ علينا.. على الفقراء


طويلاً.. طويلاً.. طويلاً.. طويلا


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية