صيد الحر … لـ : حسين جرود

صيد الحر ... لـ : حسين جرود

[ult_ihover thumb_height_width=”180″][ult_ihover_item title=”حسين جرود” thumb_img=”id^62137|url^https://ebd3.net/wp-content/uploads/2018/03/حسين-جرود.jpg|caption^null|alt^null|title^حسين جرود|description^null” hover_effect=”effect20″ title_font_color=”#2cd3b4″ desc_font_color=”#0b80b8″ spacer_border_width=”1″ title_responsive_font_size=”desktop:22px;” title_responsive_line_height=”desktop:28px;” desc_responsive_font_size=”desktop:12px;” desc_responsive_line_height=”desktop:18px;”]كاتب سوري[/ult_ihover_item][/ult_ihover]
صفاء

قرع عنيف على الباب.. أتجاهله مواصلاً النوم، لكنه يستمر. أعرف نوع العناد هذا، إن استمر دقيقة أخرى، هذا يعني لا مهرب، يجب أن أفتح.

نمت منذ ساعتين فقط، أسهر مع اللابتوب والقهوة والظلام في غرفة مغلقة، وأحاول النوم بين السادسة والسابعة بعد أن ينام البعوض، لكن يأتي دور الذباب.

رغم أنني لا أفتح باب الغرفة أبداً، إلا أن قدوم ضيف يجلب معه الذباب دائماً، يجبرني هذا، في الجو الحار، على تغطية وجهي وسائر جسمي، فيما تستمر الذبابة بالتنقل بين خدي وزاوية فمي كلما سنحت الفرصة.

ما هذا الإزعاج؟ أين يظن نفسه؟ لو كان تيساً لفهم. أحياناً تأتي الطائرة أربع مرات، أفتح عيني مع كل صوت انفجار ثم أواصل النوم. في الصباح، أظن أن الضرباتِ الثلاثةَ عشرةٌ، أو أن الضربات العشرة خط لا نهائي.

“إنها ضربتين فقط”، يخبرني أحدهم، يا إلهي كم أبالغ في تقدير الأمور. هل كل ما يعكر نومي طائرتين؟

أقف بسرعة وأتوجه نحو الباب. بين باب غرفتي وباب البيت خمسون متراً، لا أنتبه لشيء، ويقع نظري مباشرة على وجهه. “نعم أنا المجرم”، هذا ما يقوله، لكنه يختار سلاحاً أفتك، البساطة البديهية القاتلة:

  • ساعة لكي تفتح..
  • ومن أنت؟ انقلع من هنا.. هيا
  • ماذا؟ ماذا تقول؟
  • البني آدم يدق مرة مرتين ثم ينقلع.. وأنت مثل الجحش تدق تدق
  • أين … عمر
  • ساعة لكي تفتح
  • الواحد يدق مرة مرتين ثم ينقلع مثل الجحش تدق تدق تدق

ترتسم على وجهه علامات عدم التصديق، لا أعرف بداية الكلام من نهايته.. أغلق الباب، وأشعر بنشاط عجيب.

في النهار والليل أكثر من شخص أعاد القصة، لا أحد يبحث عن تاريخ الحدث، بعضهم يريد مغزى أو نتيجة أو خلاص أو نسيان بسيط.

لا أفهم ما الذي يزعجهم، لقد مر الأمر بسلام، إنه حتى غير مسلح. لا بل مر بنجاح، فقد خططت لهذا منذ زمن، أنا أيضاً لا أريد أن أعرفه، لا أمانع حتى بتكرار القصة لكنك لا تعثر كل يوم على صيد كهذا.

[dt_quote type=”pullquote” layout=”left” font_size=”big” animation=”none” size=”1″]

حمود

 

[/dt_quote]

يقتل الطيور ويربي القطط. لا ينام مثل البشر، يسهر حتى الساعة الخامسة عندها تبدأ رحلة صيده في الحارات التركية الهادئة ويطلق النار على كل ما يرفرف ويبتعد عنه أقل من ثلاثين متراً.

في الليل يقوم بإطعام القطط الصغيرة وصناعة الألعاب النارية، وفي الصباح يصطاد طيور الشوارع ليقليها على الفطور.

بندقية سوداء، ومعطف أسود طويل.. صورته على موقع عالمي للصيد. المهم هو الشغف، فكل واحد يمد بساطه قدر ما يستطيع.

أولاد أخته، الجيران، أصدقاؤه.. أو بالأحرى من قذفتهم الغربة في وجهه.. جميعهم تذوقوا ذلك الصيد، وجميعهم يرونه خلال النهار يتنقل من عمل إلى آخر، أو يبحث عن بيت جديد.

أنا وغيث، سكنا معه، وانتقلنا ثلاث مرات، وتناولنا خمس وجبات يومياً، نعم نحن فقط من رأيناه يسقط بلحظة واحدة في نوم عميق في أوقات لا يتوقعها أحد.

في المرة الأولى رأيته نائماً، لولا هذا لتغير مكان سكني بالتأكيد.

عام

صورة صغيرة.. أنا وعمي وأختي الكبيرة، كل ما بقي من تلك الأيام.

يقول عمي إنني كنت مختلفاً، لقد علمني كيف أصافح من يأتي، وكيف أنطق الحروف بوضوح رغم أنني تأخرت في الكلام.

ما الذي تغير؟

عشت حياتي صامتاً، خجولاً، لا أعرف استخدام الكلمات. ما زلت أعاني رغم كل ما تعلمته من ثرثرة في رد المجاملات وتسيير الأحاديث، أتوقف أحياناً لأسأل أمي إذا قال لي أحدهم: “الله يسلمك” بماذا أجيبه؟ ولا أتعلم أبداً.

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية