لم يجد سكان محافظة إدلب السورية، مهربًا من استهداف قوات النظام لهم، سوى اللجوء إلى الكهوف والمغارات التي حمتهم من القصف، لكنها أصابتهم بالأمراض والأوبئة جراء الأجواء الرطبة وانعدام أشعة الشمس داخلها.
وتواصل قوات نظام الأسد، انتهاك الاتفاقات الدولية لوقف إطلاق النار في إدلب، والتي تم التوصل إليها بهدف حماية ما يقارب 4 ملايين نسمة.
وكانت محافظة إدلب، الواقعة شمال غربي سوريا، من أكثر مناطق البلاد تعرضًا لاستهداف نظام الأسد، حتى أن سكان المنطقة اضطروا لترك بيوتهم والعيش في المغارات التي تقيهم من عمليات القصف المحدودة، دون الهجمات الجوية الكبيرة.
إلا أن ظروف العيش داخل الكهوف والمغارات ليست بالسهلة أيضًا، وإن جنبت من بداخلها أهوال القصف، حيث تسودها الأجواء المظلمة، والشروط غير الصحية، وينعدم فيها الهواء النظيف، ولا تدخلها أشعة الشمس.
الأطفال كانوا أشد المتأثرين سلباً من هذا الأمر، بالإضافة إلى الجوانب السلبية المذكورة، فقد حُرموا من المحيط الاجتماعي الذي يحتاجونه في تلك المرحلة العمرية، ليتسبب ذلك في العديد من الاضطرابات الفيزيائية والنفسية لديهم، أبرزها اضطرابات الكلام.
وفي حديثه للأناضول من داخل المغارة التي لجأ إليها في إدلب، قال السوري محمد خضيري الأب لـ 5 أولاد، إنه فقد اثنين من أولاده في قصف للنظام السوري.
وأضاف أنه لجأ إلى إحدى مغارات المنطقة برفقة أفراد أسرته، بعد أن تهدم منزله نتيجة القصف.
وأوضح أن سبب لجوئه إلى المغارة هو حماية نفسه وأسرته من القصف، لا سيما وأن منطقتهم تُستهدف يومياً بأكثر من 50 قذيفة صاروخية ومدفعية، على حد قوله.
وأشار إلى أن المغارات تحمي من قصف النظام، دون أن تقيهم من غارات المقاتلات الروسية، مستشهدًا على ذلك بمصرع كافة أفراد أسرة جارة لهم نتيجة غارة للطيران الروسي، بينما كانوا داخل مغارة لجأوا إليها.
ولم يستبعد المواطن السوري أن تتحول المغارة التي يلجأون إليها حالياً، إلى مقبرة لأسرته في حال تعرضها لغارة جوية.
وأفاد “خضيري” أن أولاده يرغبون دوماً في اللعب واللهو خارج المغارة إلا أنهم لا يجدون زملاء للعب والتحدث معهم، مبيناً أن هذا الأمر تسبب باضطرابات نفسية لدى أطفاله الصغار.
وتابع قائلاً: “ولدي الصغير يعاني اضطرابات في الكلام، لعدم وجود زملاء وأقران يلعب معهم في المغارة التي نتواجد فيها، إذ أن الأطفال الذين في سنّه يجيدون الكلام في الأحوال الطبيعية. كما أنهم محرومون من قضاء أيام طفولتهم كما ينبغي”.
وذكر أنهم يمكثون يومياً قرابة 13 ساعة داخل المغارة، متسائلاً: “ما ذنب أطفالي كي يعيشوا هذا الواقع؟”
من جهتها، قالت رنا حضري التي تعيش هي الأخرى داخل إحدى مغارات إدلب، إن والدتها لا تسمح لها بالذهاب إلى خارج المغارة نظراً لما تتعرض المنطقة لها من قصف وغارات جوية.
وتشكو الطفلة البالغة من العمر 7 سنوات، من عدم وجود أطفال حولها كي تلعب وتقضي أوقاتًا معهم.
أما حيّان خطّاب فيقول إنه كان في الصف السادس الابتدائي، واضطر لترك دراسته بسبب نزوح جميع من في قريته نتيجة القصف.
ويعرب الطفل عن شوقه للأيام التي كان يعيشها برفقة زملائه في الحي، متمنياً عودة تلك الأيام بأقرب وقت.
يُشار إلى أن 147 مدنياً فقدوا أرواحهم وأصيب أكثر من 440 في إدلب منذ مطلع العام الجاري، وذلك نتيجة الهجمات البرية والجوية التي ينفذها النظام السوري والمجموعات الإرهابية المدعومة إيرانياً، منتهكين بذلك الاتفاق الذي تم التوصل إليه حول “مناطق خفض التوتر” في المحافظة.