تتقدم الحياة
يتأخر عنها الموت عادة
أما أنت أيها الشعر تقدَّم في العتمة
امض بلا قدمين
تقدم موجَزا لغويا لحدس الكائن
مازال في الوقت متسع
ليضحك الغرقي في عرق المعنى ؛
يُقلل العطر من حزن الوردة
ومشاكلها العائلية .
تهبط السماء كثيرة ,
كثيفة
بلا ألوان تظل بعيدة ,
النهارات هنا كعادتها
تركض خلف ظلال فاتتها,
تسقط قبل الشمس
بين أحضان سكارى أعقاب الوهم
لا احد يأتي في موعده .
تتقدم الحياة مجروحة , مكسورة , مهدودة , معطوبة ,
تتقدم مغدورة , محبوسة , محجوزة , معدومة تتقدم ؛
أما أنت أيها العمر لو كنت صديقا؛
صديقا كحديقة أعقاب نهار صيفي طويل
حطت على كتفيها غيوم محلولة الشعر
لو كنت خفيفا ؛
خفيفا كهواء يمد ذراعيه للراحلين في العزلة
دون توقعات مفاجئة ,
دون مؤنة عاطفية .
سوف يدَّعي الضوء أنه يمشي قدامنا؛
يتعثر أحيانا في صمتنا ,
يفقد أنفاسه
وهو يقع عند منعطف شارع يفتح على البحر؛
لن يصلنا حديثه عنا
لن يحلم الرصيف بعودة الغرباء لجمع أحزانه وما ترك
الراحلون من حلوى
ولن تعود الرياح
بالضالين في لفتات اللواتي مررن في الكلام على عجل .
لا أحد يأتي في موعده ..
لا الكلام
ولا الهواء
ولا عادة الضحك بلا سبب .
المحطات أيضا أخلفت مواعيدها ,
تتقدم الحياة بعيدة كأعلى الشجرة وقت الخريف
أما أنت أيتها السماء
كنت لي في البدء صفحة بيضاء في حصة التلوين
وكنت أغنية الماء تعيد للهواء البصر والتحليق أثناء الحصار
أنت أيتها ا لسماء يا خوذة دون كيشوت الفولاذية
تتقدم الحياة دائما
تتعثر في الموت وهو يطلع من تنهيدة الأشجار
تلك الشبابيك
الشبابيك التي تنفتح مرايا ؛
تتعلق بجدران الذاكرة دانتيلا
ليس تلك الشبابيك التي تحدث عنها ريلكة
وليست تلك التي تطلُّ منها ظلال البياض ؛
هي الهامش على حاشية قيلولة
يعزف الرعاة أشجانهم بفرح غارق في سراب الماء ؛
هي الهامش على حيطان الصمت
تلك النوافذ لم تأتي في مواعيدها أيضا
تتقدم الحياة
عادة ما يتركها الموت خلفه