واشنطن تدعم خطة تعيين “بلير” حاكمًا مؤقتًا لـ/غزّة

تقارير تفيد بأن المقترح لإنشاء هيئة دولية تدير القطاع لمدة تصل إلى خمس سنوات يتعارض مع الخطة المدعومة من الأمم المتحدة التي تدعو لانتقال أسرع إلى الحكم الفلسطيني.

تدعم البيت الأبيض خطة من شأنها أن تضع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير على رأس إدارة مؤقتة لقطاع غزة – في البداية من دون إشراك مباشر للسلطة الفلسطينية، بحسب ما أوردته وسائل إعلام إسرائيلية.

وبموجب الخطة، سيقود بلير هيئة تسمى “السلطة الدولية الانتقالية لغزة” (GITA)، والتي ستحمل تفويضاً لتكون “السلطة السياسية والقانونية العليا” في غزة لمدة تصل إلى خمس سنوات.


ووفقاً لتقارير في صحيفتي هآرتس وتايمز أوف إسرائيل، فإن النموذج المقترح يستند إلى الإدارات التي أشرفت على انتقال تيمور الشرقية وكوسوفو نحو الدولة. وتشير الخطة إلى أن مقر GITA قد يكون في البداية بمدينة العريش المصرية، قرب الحدود الجنوبية لغزة، على أن تنتقل لاحقاً إلى داخل القطاع بمرافقة قوة متعددة الجنسيات ذات غالبية عربية وبتفويض من الأمم المتحدة. وت envision الخطة “توحيد كافة الأراضي الفلسطينية مستقبلاً تحت مظلة السلطة الفلسطينية”.

وتؤكد الخطة أن الفلسطينيين لن يُجبروا على مغادرة القطاع، خلافاً للمخاوف السابقة من مشاريع أمريكية لتطوير ما سُمي بـ”ريفييرا غزة”.

في حال إقرارها، سيترأس بلير أمانة عامة تضم حتى 25 شخصاً، ويرأس مجلس إدارة من سبعة أعضاء للإشراف على هيئة تنفيذية تدير القطاع.

إلا أن أي دور لزعيم حزب العمال البريطاني الأسبق سيؤدي حتماً إلى جدل واسع. فبعد استقالته عام 2007، تولى بلير منصب مبعوث اللجنة الرباعية للشرق الأوسط حتى 2015، ويتمتع بمكانة رفيعة لدى العديد من قادة الخليج. لكنه في المقابل يلقى رفضاً شديداً من الفلسطينيين الذين يعتبرونه عائقاً أمام مساعيهم لإقامة دولتهم، كما يُنظر إليه على نطاق أوسع في المنطقة بسبب دعمه غزو العراق عام 2003.

وأكد دبلوماسيون غربيون أن الأمر لم يُحسم بعد بشأن تولي بلير هذه الإدارة الانتقالية، مرجحين أن تقتصر مدتها على عامين. وأوضحوا أن خطة ترامب لـ”اليوم التالي” مرتبطة بوقف إطلاق النار وصفقة شاملة للإفراج عن الرهائن.

ظهرت أنباء الخطة بعد أيام من إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة خطة أخرى تدعو لتشكيل إدارة تكنوقراطية لتولي المسؤولية في غزة، والمعروفة بـ”إعلان نيويورك”. وتقضي تلك الخطة بأن تعمل الإدارة المؤقتة لعام واحد فقط، على أن تسلم بعدها السلطة لقيادة فلسطينية منتخبة بموجب دستور معدل.

غياب جدول زمني واضح لانتقال السلطة إلى السلطة الفلسطينية في الخطة الأمريكية يُنظر إليه كعقبة أمام قبولها فلسطينياً وعربياً. لكن هذا الغموض، إلى جانب شخصية بلير، قد يُعد ضمانة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ترى واشنطن أن الخطة الجديدة تمثل حلاً وسطاً بين مقترح ترامب الأولي لتولي الولايات المتحدة وإسرائيل السيطرة على غزة، وبين إعلان نيويورك الذي حظي بتأييد أكثر من 140 دولة. وكانت اقتراحات ترامب السابقة بإمكانية “تطهير” غزة من الفلسطينيين تُعتبر بمثابة تطهير عرقي بحق نحو مليوني نسمة. لكن الخطة الجديدة تؤكد أن الفلسطينيين لن يُشجعوا على مغادرة القطاع.

وقد عرض ترامب النسخة الأوسع من الخطة خلال اجتماع في نيويورك مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ورئيس إندونيسيا برابوو سوبيانتو، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وقال ترامب عقب اللقاء إن “الاجتماع كان ناجحاً، ونحن قريبون من إبرام اتفاق ما”.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحاول بدوره التوفيق بين الطرحين

وتشترط الدول العربية المشاركة في قوة حفظ السلام الدولية أن تكون هناك خارطة طريق واضحة نحو قيام دولة فلسطينية. ويرى بعض المراقبين أن خطة بلير لا ترسم مساراً لا رجعة فيه نحو الدولة، بل تمثل شكلاً “أكثر ليونة” من الاحتلال مقارنة بالسيطرة الإسرائيلية.

ستضم GITA مجلساً من سبعة إلى عشرة أعضاء، من بينهم “ممثل فلسطيني واحد مؤهل على الأقل (قد يكون من قطاع الأعمال أو الأمن)”، ومسؤول أممي رفيع، وشخصيات دولية بارزة ذات خبرة تنفيذية أو مالية، و”تمثيل قوي لأعضاء مسلمين”.

وستشرف أمانة تنفيذية على خمسة مفوضين مسؤولين عن مجالات رئيسية في إدارة غزة: الشؤون الإنسانية، إعادة الإعمار، التشريع والشؤون القانونية، الأمن، والتنسيق مع السلطة الفلسطينية.

وتنص الخطة على أن المفوض المسؤول عن الشؤون الإنسانية سيكون مكلفاً بالتنسيق مع وكالات الإغاثة، بما في ذلك “مؤسسة غزة الإنسانية” المثيرة للجدل، والتي تصر غالبية الدول العربية والوكالات الإنسانية على حلها.

أما مفوض التنسيق مع السلطة الفلسطينية فسيكون مسؤولاً عن “ضمان توافق قرارات GITA مع السلطة الفلسطينية قدر الإمكان، تمهيداً لتوحيد الأراضي الفلسطينية تحت مظلة السلطة”. وسيتابع أيضاً “جهود إصلاح السلطة بالتنسيق مع المانحين الدوليين والمؤسسات المالية والشركاء العرب”.

كما ستنشأ “الهيئة التنفيذية الفلسطينية” (PEA) لتكون حلقة وصل مباشرة مع سكان غزة، عبر إدارة مهنية غير حزبية لتقديم الخدمات. وسيقود هذه الهيئة رئيس تنفيذي يُعين رسمياً من مجلس GITA، ويشرف على وزارات تكنوقراطية تشمل: الصحة، التعليم، المالية، البنية التحتية، الشؤون القضائية، والرعاية الاجتماعية.

وستتلقى الهيئة تقارير من بلديات غزة المكلفة بالخدمات المحلية، ومن قوة شرطة مدنية “وطنية، مهنية وغير حزبية” لحفظ النظام وحماية المدنيين، ومن مجلس قضائي يرأسه قاضٍ عربي للإشراف على المحاكم والنيابة، إضافة إلى “وحدة حماية حقوق الملكية”.

وللتخفيف من المخاوف بشأن تهجير الفلسطينيين خلال إعادة الإعمار، ستنشأ وحدة خاصة لضمان “حق العودة والاحتفاظ بملكية الأراضي” لأي شخص يخرج طوعاً من القطاع.

وخلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن حركة حماس “لن يكون لها أي دور في حكم غزة بعد الحرب”، وهو شرط أساسي لإسرائيل والولايات المتحدة. لكنه شدد على أن غزة “جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين، ونحن مستعدون لتحمل كامل المسؤولية عن الحكم والأمن هناك”.

وقد ألقى عباس كلمته عبر الفيديو بعد أن ألغت الولايات المتحدة تأشيرته قبيل انعقاد الدورة الـ80 للجمعية العامة.

وفي وقت لاحق مساء الخميس، شدد ترامب من البيت الأبيض على رفضه القاطع لأي محاولة إسرائيلية لضم أجزاء من الضفة الغربية، قائلاً: “لن أسمح لإسرائيل بضم الضفة. كلا. لن يحدث ذلك”.

 


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية