قدّمت منظمة العفو الدولية تقريرًا استقصائيًا يرصد أحداث الساحل السوري في مارس / آذار 2025، داعية الحكومة السورية إلى محاسبة المسؤولين عن عمليات قتل جماعي استهدفت المدنيين العلويين وضمان حماية المواطنين من الاستهداف الطائفي. وأفاد التقرير أن ميليشيات تابعة للحكومة نفّذت هجمات أودت بحياة أكثر من 100 شخص في بانياس يومي 8 و9 مارس، موثقًا 32 حالة قتل متعمدة وغير مشروعة ضد الأقلية العلوية. وأشار إلى أن المسلحين استجوبوا الضحايا عن طائفتهم قبل القتل، فيما أُجبرت العائلات على دفن ذويها في مقابر جماعية دون مراسم دينية، وهو ما يخالف القانون الإنساني الدولي.
اندلعت الأحداث في 6 مارس/آذار عندما هاجمت جماعات مرتبطة بنظام أسد البائد مواقع أمنية في اللاذقية وطرطوس، لترد الحكومة بهجوم مضاد استعادت به السيطرة بحلول 8 مارس/آذار . لكن الميليشيات التابعة للسلطات الحالية استهدفت بعدها مدنيين علويين في بانياس ومناطق أخرى، في تكرار لأحداث مماثلة شهدتها المدينة عام 2013.
وسجّلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 420 شخصًا، منهم 39 طفلاً، بينما وثّقت الأمم المتحدة 111 إعدامًا مرتبطًا بجماعات تدعم السلطات أو تنتمي للنظام السابق.
في غياب العدالة، تخاطر سوريا بالوقوع مرة أخرى في دوامة من الفظائع وإراقة الدماء
الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار
في حي القصور ببانياس، أبلغ سكان عن إطلاق نار كثيف يوم 7 مارس /آذار ، تبعه اقتحام الميليشيات في اليومين التاليين. أحد الشهود قال إن زوجه قُتل برصاصة في الرأس بعد استجوابه عن طائفته، بينما تلقى آخر خبر مقتل والده برصاصة في الظهر. وأفاد ثالث بمقتل والده وإخوته عند مدخل مبنى سكني. وأكد التقرير أن السلطات لم توفر الحماية، مما أجبر السكان على الفرار عبر الغابات أو بمساعدة هيئة تحرير الشام، التي اندمجت في القوات الحكومية . وأشار شاهد طبي إلى تراكم الجثث خارج المستشفيات، حيث بحثت العائلات عن ذويها.
أكدت أنييس كالامار، الأمينة العامة للمنظمة، أن “القتل العمد للمدنيين جريمة حرب”، داعية إلى تحقيقات مستقلة ومحاسبة المسؤولين لمنع تكرار الانتهاكات. واستند التقرير إلى مقابلات مع 16 شخصًا وتحليل تسعة مقاطع فيديو وصور جوية، موثقًا مقتل 32 في بانياس، معظمهم في حي القصور، و16 آخرين في ريف اللاذقية وطرطوس. في 9 مارس، أعلن الرئيس أحمد الشرع تشكيل لجنة تقصي حقائق ولجنة للسلم الأهلي، لكن العفو الدولية طالبت بتزويدها بالصلاحيات والموارد للوصول إلى الشهود والمقابر الجماعية والخبرات الجنائية، محذرةً من أن “غياب العدالة قد يعيد البلاد إلى دوامة الفظائع”.
بيان صحفي صادر عن حكومة الجمهورية العربية السورية بشأن تقرير منظمة العفو الدولية
ردًا على ذلك، أصدرت الحكومة السورية بيانًا رسميًا أكدت فيه متابعتها تقرير العفو الدولية باهتمام، مشيرةً إلى أن الخلاصات الأولية متروكة للجنة الوطنية المستقلة للتحقيق، التي تتمتع بتفويض رئاسي وصلاحيات واسعة لتقييم الأحداث خلال 30 يومًا.
وأوضحت أن الأحداث بدأت بهجوم من بقايا النظام السابق على قوات الأمن والجيش في الساحل، أسفر عن انتهاكات وفوضى أمنية بعد استشهاد مئات العناصر، تلتها تجاوزات تحت التحقيق. وانتقدت البيان بعض التقارير الحقوقية لتجاهلها السياق الكامل للأحداث، مؤكدةً التزامها بالعدالة الانتقالية التي تستهدف المجرمين فقط، مع حماية جميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم. وأشادت لجنة التحقيق الدولية بتعاون الحكومة مع المنظمات الحقوقية، مؤكدةً أن مؤسسات الدولة هي المرجع الأساسي لتحقيق المصالحة الوطنية دون أي نزعة انتقامية.