الشرع يدعو لفتح صفحة جديدة مع واشنطن

دعا الرئيس السوري أحمد الشرع، يوم الاثنين، إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الولايات المتحدة، وذلك خلال لقائه في نيويورك الجنرال الأمريكي المتقاعد ديفيد بترايوس على هامش قمة “كونكورديا” المنعقدة بالتوازي مع اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وفي هذا اللقاء الذي جمع رجلين كانا في السابق على طرفي جبهة قتال، أشاد بترايوس بالرئيس السوري واصفاً إياه بأنه “شخصية مثيرة للإعجاب”، فيما أكد الشرع أن هناك تقاطع مصالح مع واشنطن وأن سوريا بحاجة إلى مرحلة جديدة في العلاقة معها، محذراً في الوقت نفسه من أن استمرار العقوبات قد يؤدي إلى مفاقمة معاناة السوريين قائلاً: “يجب ألا يُقتل الشعب السوري بالعقوبات مرة ثانية”.

ويُنظر إلى اللقاء على أنه محطة تعكس التحول البارز في مسيرة الشرع الذي انتقل من موقع القائد الميداني إلى رئيس يقود سوريا الجديدة. وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت في ديسمبر الماضي إلغاء المكافأة المالية التي كانت مرصودة مقابل رأسه بعد اجتماع مهم في دمشق، في خطوة رُبطت بالمتغيرات السياسية والميدانية في البلاد.
وعندما سأله بترايوس عن سر إسقاط نظام أسد بقوة محدودة، أجاب الشرع بأن “القوة الصغيرة المنضبطة تهزم الكبيرة غير المنضبطة، عبر اختيار التوقيت والمكان المناسبين وتنفيذ ضربات سريعة ومفاجئة”، وهو ما اعتبره بترايوس “إنجازاً مثيراً للإعجاب من منظور عسكري”.

وقال الرئيس الشرع خلال الجلسة الحوارية: “انتقلنا من ساحات الحروب إلى ساحات الحوار”، مشدداً على أن “قضية الشعب السوري كانت قضية نبيلة وعادلة”. وأضاف: “يجب أن نركز على حماية الإنسان من الاضطرابات التي تحدث من حوله”.

وأشار إلى أن “النظام السابق عمل على تقسيم الشعب السوري عرقياً وطائفياً”، مؤكداً أن “حصر السلاح بيد الدولة يساهم في استقرار الدولة السورية”.

أوضح أن “سنستطيع تعزيز الأمن وهناك علاقة بين التنمية الاقتصادية والأمن والاستقرار”، مضيفاً أن “هناك مصالح متطابقة بين سوريا وأميركا”.

كشف الشرع: “عرضنا على قسد أن تنضم للجيش السوري”، موضحاً: “قلنا لمظلوم عبدي إن حقوق الأكراد محفوظة في الدولة السورية الجديدة”. وأكد أن “هناك تباطؤاً في تنفيذ الاتفاق مع قسد”، داعياً إلى “استغلال اللحظة التاريخية التي نعيشها”.

وأشار إلى أن “أنشأنا لجاناً لتقصي الحقائق في أحداث الساحل، ولأول مرة في تاريخ سوريا دخلت لجنة خاصة من الأمم المتحدة”. كما كشف أن “هناك أكثر من 250 ألف مفقود في سوريا حتى الآن، ومليون إنسان قتلوا خلال 14 سنة الماضية”.

وأكد الشرع: “نرفض المحاصصة في تقسيم السلطة ونعمل على التشاركية”، مشدداً على أن “الحكومة تمثل كل أطياف الشعب السوري”. وأضاف: “نسير بسرعة كبيرة نحو بناء سوريا الجديدة”.

وأوضح أن “انتهاكات وقعت في السويداء والساحل ونحن ملتزمون بمحاسبة أي طرف مهما كان”، مؤكداً أن “الأرض السورية لن تكون مصدر تهديد لأحد”.

ويمثل حضور الشرع في نيويورك أول مشاركة لرئيس سوري في اجتماعات الجمعية العامة منذ عام 1967، في وقت تسعى فيه دمشق إلى إعادة بناء علاقاتها مع الدول الغربية والعربية، متزامناً مع الإعلان عن موعد الانتخابات البرلمانية في الخامس من أكتوبر المقبل.
وخلال حديثه عن الملف الإقليمي، كشف الشرع أن مفاوضات جارية مع إسرائيل بشأن اتفاق أمني محتمل، مؤكداً أن المحادثات بلغت مراحل متقدمة وأن الهدف هو التوصل إلى تفاهم يحمي الأراضي السورية ويأخذ في الاعتبار هواجس إسرائيل.
وأضاف أنه في حال التوصل إلى هذا الاتفاق، يمكن الانتقال إلى مناقشة مستقبل الجولان والعلاقات الثنائية، مشدداً على أن الكرة باتت في ملعب إسرائيل والمجتمع الدولي للإجابة عما إذا كانت مخاوفها أمنية فعلية أم تعبيراً عن خطط توسعية. وأشار إلى أن إسرائيل نفذت منذ ديسمبر الماضي نحو ألف غارة وأكثر من 400 توغل داخل الأراضي السورية، بينها قصف استهدف القصر الرئاسي مرتين، مؤكداً في المقابل أن بلاده تتجنب الدخول في صراعات مباشرة وأن الخطوة الأولى في المفاوضات تتمثل في انسحاب إسرائيل إلى حدودها السابقة.

واختتم الشرع بالقول إن ما يدعمه في مواجهة الضغوط الجديدة هو إيمانه بالله وفريق عمل قوي يقف إلى جانبه، فيما عقّب بيتريوس قائلاً بابتسامة: “أنا معجب بك”.

 


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية