أردوغان يناشد زعماء العالم الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني المضطهد

ناشد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، زعماء العالم الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني المضطهد.


جاء ذلك في كلمة خلال جلسة افتتاح الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك الأمريكية.

وأوضح أردوغان أنه يتحدث اليوم من منبر الأمم المتحدة باسم الشعب التركي والفلسطيني الذي يراد إسكات صوته، معربًا عن شكره لكل الدول التي أعلنت عزمها الاعتراف بدولة فلسطين، وداعيًا الدول التي لم تتخذ هذا القرار بعد إلى التحرك بأقرب وقت.

وتمنى أردوغان أن يكون اجتماع الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة خيرًا للبشرية جمعاء، معربًا عن سعادته للخطاب مجددًا من هذا المنبر الذي يمثل الضمير المشترك للإنسانية.

وهنأ رئيس الدورة الـ79 للجمعية العامة فيلمون يانغ بعد إتمامه رئاسة الجمعية العامة، وتمنى التوفيق للرئيسة الحالية، وزير الخارجية الألمانية السابقة أنالينا بيربوك.

وقال أردوغان: ” في بداية خطابي، وفي فترة يتم فيها الاعتراف بفلسطين من قبل عدد متزايد من البلدان، أود أن أعرب عن أسفي لعدم تمكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس من أن يكون بيننا اليوم شخصيًا، وإننا هنا اليوم على هذا المنبر لنتحدث باسم شعبنا والشعب الفلسطيني الذي يراد إسكات صوته”.

وتطرق أردوغان إلى توقيع ميثاق الأمم المتحدة قبل 80 عامًا في سان فرانسيسكو، ودخل حيز التنفيذ في 24 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1945، مبينًا أنه يرغب بالتذكير مرة أخرى بالكلمات الأولى من المادة الأولى في ميثاق تأسيس الأمم المتحدة.

وأضاف: “هدف الأمم المتحدة هو الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وبينما نحتفل في هذه القاعة بالذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة، تجري أحداث خطيرة في العديد من مناطق العالم تلقي بظلالها على الكلمات الأولى من المادة الأولى من الميثاق التأسيسي، خاصة في غزة، حيث تستمر الإبادة الجماعية أمام أعيننا منذ أكثر من 700 يومًا”.

وأردف: “حتى ونحن مجتمعون يُقتل مدنيون في غزة الآن، إذ تجاوز عدد المدنيين الذين قتلوا في غزة 65 ألفًا، وما زال عدد الجثث تحت الأنقاض غير معروف، وأكثر من 20 ألفًا من القتلى هم أطفال، وفي أخر 23 شهرًا في غزة يُقتل بوحشية كل ساعة طفل واحد على يد إسرائيل”.

وتابع: “هؤلاء ليسوا أرقامًا، بل أرواح وأناس أبرياء، والآن يقتل الناس ليس بالسلاح فقط، بل بسلاح الجوع أيضًا، وفي القرن الـ21، وتحت أنظار العالم المتمدن، مات 428 شخصًا بينهم 146 طفلًا جوعًا، والعدد في ازدياد كل يوم”.

وخلال كلمته، عرض الرئيس أردوغان صورة تشرح الحياة اليومية في غزة، قائلًا: ” نساء يحملن أوعية بين أيديهن. رجاءً فلنضع جميعًا أيدينا على ضمائرنا ونجب، هل يمكن أن يكون لمثل هذه الهمجية أي سبب معقول في عام 2025؟ ولكن هذه المشاهد المخزية باسم الإنسانية تتكرر يوميًا في غزة منذ 23 شهرًا، إذ أن مليونين ونصف المليون إنسان من غزة الذين يعيشون داخل 365 كيلومترًا مربعًا، يُهجَّرون يوميًا ويُجبرون على النزوح إلى منطقة أخرى يوميًا”.

وشدد الرئيس التركي على أن النظام الصحي في غزة منهار بالكامل، وأن الأطباء يقتلون أو يعتقلون، وتستهدف سيارات الإسعاف وتقصف المستشفيات وتدمر.

وأكد أن تلقي العلاج وإجراء العمليات الجراحية والعثور على الدواء لم تعد ممكنة هناك.

وأضاف: “انظروا، بصفتي طيب أردوغان، أقول هذا وقلبي محروق وينزف دمًا، حيث أن أطفالًا أبرياءً لا تتجاوز أعمارهم عامين أو ثلاثة بلا أيدٍ أو أرجل أو أطراف، أصبحوا للأسف الصورة المعتادة في غزة اليوم”.

كما أظهر أردوغان صورة لطفل وصل إلى مرحلة الموت جوعًا، وعلق عليها قائلًا: “أي ضمير يحتمل هذا؟ أي ضمير يمكن أن يسكت عن هذا؟ هل يمكن أن يعمّ السلام في عالم يموت فيه الأطفال جوعًا أو بسبب انعدام الدواء؟”.

وأشار إلى أن الجميع أمهات وآباء، ولديهم أبناء وأحفاد يخافون عليهم.

ولفت إلى أنه في حال وخزت شوكة صغيرة يد طفل في الولايات المتحدة الأمريكية وفي أوروبا وفي كل مكان بالعالم يحترف قلب والديه عليه، مبينًا أنه في غزة يتم بتر أيدي وسواعد وأرجل الأطفال دون إجراء تخدير.

وأردف: “عذرًا، لكن هذه هي قاع الإنسانية، ولم يشهد التاريخ الإنساني مثل هذه الوحشية في القرن الماضي، وكل ذلك يجري أمام أعيننا، فالإبادة الجماعية في غزة تُبث بشكل مباشر كل لحظة عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي”.

وذكر أردوغان أن إسرائيل قتلت حتى الآن بشكل متعمد 250 صحفيًا في غزة يعملون بوسائل إعلام محلية ودولية، وحظرت كل أشكال الدخول إلى غزة، لكنها رغم ذلك لم تستطع إخفاء الإبادة الجماعية.

وأعرب أردوغان عن تأييده الشديد للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي لفت الأنظار في كل فرصة إلى الإبادة الجماعية المستمرة في الأراضي الفلسطينية، وهنئه مرة أخرى على شجاعته هذه.

وانتقد الرئيس التركي عدم تمكن الأمم المتحدة من حماية حتى موظفيها في غزة، لافتًا إلى مقتل 500 شخص يسعون لتقديم المساعدة للناس في غزة، بينهم 326 من عاملي الأمم المتحدة.

وأكد أردوغان أن الإبادة الجماعية، مثل الهولوكوست، مفهوم مخز وغير إنساني ووحشي يستخدم للإبادة الجماعية للشعوب.

وأوضح الرئيس التركي أن ما يُقتل في غزة اليوم لا يقتصر على البشر.

وأضاف: “تُستهدف الحيوانات وتُقتل في غزة. تُدمر وتُلوث الأراضي الزراعية والحدائق والأشجار والعشب وأشجار الزيتون المعمرة والمياه. تُهدم المباني والمنازل والمكتبات والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس والمباني التاريخية عمدًا في غزة. وقد اصبحت أرض غزة بلا فائدة للبشر والحيوانات والنباتات”.

وعرض أردوغان صورة أخرى لحشد من السكان بين الأبنية المدمرة قائلاً: “إليكم صورة أخرى. والآن أسألكم، ما علاقة هذه الصورة التي بين يدي بالسعي إلى الأمن؟ ألا يُسمى هذا عداءً للكائنات الحية، عداءً للحياة؟ أقولها بوضوح من هذا المنبر، لا توجد حرب في غزة. لا يمكن أن يكون هناك طرفان في غزة. من جهة، هناك جيش نظامي مُسلح بأحدث الأسلحة وأكثرها فتكًا، ومن جهة أخرى، المدنيون الأبرياء والأطفال الأبرياء. هذه ليست حربًا على الإرهاب. إنها سياسة احتلال وترحيل ونفي وإبادة جماعية، أو بالأحرى، سياسة قتل جماعي، تُنفذ تحت ستار أحداث 7 أكتوبر”.

أردوغان أضاف أن “غزة تُباد بذريعة حماس، وفي الوقت نفسه، يتم احتلال الضفة الغربية تدريجياً، رغم أن حماس لا تسيطر عليها، حيث يُقتل المدنيون الأبرياء بالإعدامات الميدانية”.

وتابع: “إسرائيل لا تكتفي بغزة والضفة الغربية، بل تشنّ هجمات على سوريا وإيران واليمن ولبنان، مما يشكّل تهديداً لسلامة المنطقة”. مذكّراً في هذا السياق بهجوم إسرائيل الأخير على الوفد المفاوض في قطر، الذي كان يجتمع من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

وقال بخصوص الهجوم على قطر: “هذا الهجوم أظهر أن الحكومة الإسرائيلية فقدت السيطرة تماماً. لقد ثبت مرة أخرى أن نتنياهو لا ينوي صنع السلام ولا يريد إنقاذ الرهائن. ليس فقط الجيران، بل كل دول الشرق الأوسط تواجه تهديدات الحكومة الإسرائيلية المتهورة”.

واستطرد: “علينا أن ندرك حقيقة مهمة وهي أن العدوانية المتزايدة لإسرائيل قد ألحقت أضرارًا جسيمة بالقيم التي ظهرت في الغرب، وخاصة في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. فحقوق الإنسان الأساسية، وحرية التعبير، وحرية الصحافة، وحرية التظاهر والاحتجاج، وحقوق المرأة، وحقوق الطفل، والديمقراطية، والمساواة، والعدالة؛ كلها تم تهميشها”.

وأضاف: “علينا أن نرى أن الحكومة الإسرائيلية التي تتحرك بهوس “الأراضي الموعودة”، تنتهج سياسة توسعية تهدد السلام الإقليمي والمكتسبات المشتركة للبشرية. والقدس الشريف، المدينة المقدسة للأديان السماوية الثلاثة، والميراث المشترك للإنسانية، هي الهدف المباشر لهذا التطرف”.

كما أشار إلى أن هذه الحالة الجنونية التي تثير غضب اليهود أصحاب الضمير، الذين لا يوافقون عليها، بل وتؤجج معاداة السامية في أنحاء العالم، لا يمكن أن تستمر أكثر من ذلك.

وشدد على وجوب تحقيق وقف إطلاق نار في غزة بأقرب وقت، وإيقاف الهجمات والسماح للمساعدات الإنسانية بدخول غزة دون عوائق ومحاسبة مرتكبي الإبادة الجماعية بموجب القانون الدولي، معرباً عن أمله في أن هذا سيحدث.

وأكد أردوغان أن كل من لا يرفع صوته ولا يتخذ موقفًا ضد الهمجية في غزة، فهو شريك في هذه الوحشية.

وأضاف: “أخاطب جميع قادة العالم: اليوم هو اليوم المنشود. اليوم هو يوم الوقوف بثبات إلى جانب المظلومين الفلسطينيين باسم الإنسانية. بينما شعوبكم تعبّر عن غضبها تجاه الوحشية في غزة، أظهروا أنتم أيضاً شجاعتكم خطوة بخطوة. قوموا بواجبكم الإنساني تجاه غزة، حيث يربّي الأطفالُ أطفالاً هناك”.

واستطرد: “بهذه المناسبة، أبعث بأحرّ التحيات إلى جميع المدافعين عن فلسطين في مختلف دول العالم، من الأكاديميين والفنانين والسياسيين والناشطين والطلاب، الذين خرجوا إلى الساحات وأبحروا في البحار من أجل دعم ومؤازرة الأبرياء الغزّيين”.

وفي الشأن السوري، قال أردوغان: “على مدى 13 عاما حدثتكم من على هذا المنبر عن المظالم والصراعات التي شهدتها جارتنا سوريا، وكما نرفع اليوم صوتنا من أجل المظلومين في غزة، فقد لفتنا الانتباه طوال 13 عاما إلى صرخات السوريين، كنا هنا صوتا ونفسا لهم”.

وأوضح أن “الظلم الذي أودى بحياة مليون إنسان وتسبب في تهجير الملايين من وطنهم، قد أصبح بحمد الله مع ثورة 8 ديسمبر طيّ النسيان”.

وأضاف: “لقد فتح أشقاؤنا السوريون اعتبارا من 8 ديسمبر أبواب مرحلة جديدة”.

وأعرب عن اعتقاده بأن “الشعب السوري الذي انتصر في معركته ضد نظام تلطخت أيديه بالدماء، سيتوج بإذن الله النصر الذي حققه بعد التضحيات الكبيرة، بتحقيق تطلعاته”.

وأكد أن تركيا ستدعم بكل إمكانياتها رؤية سوريا موحدة ومتكاملة، ويسودها الأمن، وخالية من كل أشكال الإرهاب وعلى رأسها داعش.

وتابع: “كلما ترسخ الاستقرار في سوريا، لا شك أن الرابح سيكون الشعب السوري ومعه جميع دول الجوار وكامل منطقتنا”.

وتوجه أردوغان بالشكر إلى “الدول الشقيقة في الخليج على مساهماتها في مسيرة تعافي سوريا”.

وأكد أن بلاده ستواصل التعاون بنفس الطريقة مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية التي تشاركها المبادئ ذاتها.

وفيما يخص الملف الإيراني، أعرب الرئيس أردوغان عن أمله في أن يتم حل الملف النووي المتعلق بالجارة إيران من خلال الدبلوماسية في أقرب وقت ممكن، مبينًا أنه لا ينبغي أن تُنسى بأن المنطقة لا تستطيع تحمل أزمة جديدة.

ولفت إلى أن استقرار وأمن وازدهار العراق ذو أهمية بالغة لسلامة المنطقة برمتها.

وتابع: “نولي أهمية كبيرة للمشاريع الاستراتيجية التي تعطي الأولوية للازدهار المشترك، مثل مشروع طريق التنمية.

وعن مساعي إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، قال أردوغان: “نستضيف بحماس “مسار إسطنبول” بين روسيا وأوكرانيا، وكلاهما جارتان لنا في الشمال. ومن خلال المفاوضات المباشرة، سهّلنا تبادل العديد من السجناء والجثامين. لقد حاولنا تحديد أشكال مفاوضات السلام بين الأطراف”.

وأضاف: “لا تنسوا بأننا سنواصل السعي لتحقيق وقف إطلاق النار في الفترة المقبلة، تحت شعار أنه لا رابح في الحرب ولا خاسر في السلام العادل.

وتطرق إلى مساعي تركيا لإحلال السلام بين أذربيجان وأرمينيا، مبيناً أن أنقرة شجعت الأطراف على ذلك منذ البداية.

وقال في هذا الشأن: “يسعدنا أن الخطوات المؤدية إلى السلام الدائم قد اتُخذت بين بلدينا في الثامن من أغسطس. وأهنئ مرة أخرى الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، وكذلك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مساهماتهم في هذه العملية. وأود في هذه المناسبة أن أؤكد أن عملية التطبيع بين بلادنا وأرمينيا تسير في مسارها”.

كما ذكر أردوغان أن بلاده تواصل جهودها لحل النزاع بين الصومال وإثيوبيا في إطار “عملية أنقرة”، وهي أحد أنشطة الوساطة التي تقوم بها تركيا.

وتمنى أن تتمكن الأطراف من اختتام هذه المبادرة بسرعة ونجاح.

وأكد أن تركيا تطبق “اتفاقية مونترو”، التي تشكل ضمانة للأمن في البحر الأسود، بشكل صارم ومحايد منذ تسعة وثمانين عامًا.

وتابع: “نريد أن نرى بحر إيجه وشرق البحر المتوسط ​​كحوض للاستقرار والازدهار حيث يتم احترام المصالح المشروعة لجميع الأطراف المعنية. ونحن مستعدون للتعاون البنّاء في جميع القضايا، وخاصةً الطاقة والبيئة، ونتوقع الشيء نفسه من جيراننا”.

واستطرد: “وأود أن أؤكد هنا بشكل خاص على أن المشاريع التي تستبعد تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية في شرق المتوسط ​​لن يكتب لها النجاح”.

وأكد أن لتركيا حقوقٌ وسلطةٌ في غرب جزيرة قبرص، وللقبارصة الأتراك حقوقٌ مشروعةٌ في المناطق المحيطة بالجزيرة.

ولفت إلى أن مؤتمر شرق المتوسط ​​الذي اقترحته تركيا سابقاً من شأنه أن يساهم في إيجاد أرضية مشتركة.

واستطرد: “لا يمكن لحل قضية قبرص البناء على نموذج الاتحاد الذي تمت تجربته عدة مرات من قبل ولكنه استُنزف بسبب الموقف المتصلب للجانب الرومي”.

وقال: “هناك دولتان وشعبان في جزيرة قبرص. القبارصة الأتراك مالكون متساوون للجزيرة، ولن يقبلوا أن يكونوا أقلية. وعلى المجتمع الدولي أن ينهي العزلة الظالمة التي يتعرض لها القبارصة الأتراك منذ نصف قرن

وجدد أردوغان دعوته التي وجهها في الاجتماعات الثلاث الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى المجتمع الدولي للاعتراف بجمهورية شمال قبرص التركية وإقامة علاقات دبلوماسية وسياسية واقتصادية معها.

وفيما يخص علاقات بلاده مع الاتحاد الأوروبي، أكد أردوغان على وجوب أن يكون الاتحاد على نفس القدر من الإرادة والتصميم الذي تتمتع به تركيا.

وأعرب عن أمله في رؤية بداية جديدة في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي خلال الفترة المقبلة.

وأضاف: “لا ينبغي أن تكون هذه الرؤية عابرة، بل رؤية تعيد تعريف الأفق وتشكل مستقبلنا المشترك. لذا فمن المهم بالتأكيد أن يكون الاتحاد الأوروبي على استعداد ومصمم على تحقيق هذا الهدف مثلنا. وباعتبارنا دولة ضامنة للأمن، فإننا نواصل المساهمة في عمليات ومهام الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا والاتحاد الأوروبي”.

وأكد أردوغان أن تركيا تعمل على تعزيز علاقاتها مع حليفتها في شمال الأطلسي (الناتو)، الولايات المتحدة الأمريكية، في العديد من المجالات، وخاصة التجارة والاستثمار والطاقة وصناعات الدفاع.

وأشار إلى أن سلام واستقرار وازدهار الدول الشقيقة في آسيا الوسطى، موطن أجداد الأتراك، أمر لا غنى عنه بالنسبة لتركيا.

وتابع: “منظمة الدول التركية تتجه إلى ما هو أبعد من كونها مظلة إقليمية لتصبح لاعبا دوليا. ونعمل جاهدين للحفاظ على السلام والاستقرار في منطقة البلقان، التي تربطنا بها علاقات إنسانية عميقة الجذور. وتعد منصة السلام في البلقان، التي أطلقناها في شهر تموز/ يوليو، أحدث مثال على جهودنا في هذا الاتجاه”.

وصرح أن بلاده ستتولى مجدداً مهمة قيادة قوات كوسوفو في أكتوبر/تشرين الأول من هذا العام.

وعن أفغانستان، أعرب الرئيس أردوغان عن رغبة بلاده في أن تظهر الحكومة في أفغانستان نهجًا يحتضن ويراعي المجتمع.

وأكد أنه لا ينبغي للمجتمع الدولي أن يترك الشعب الأفغاني وحده خلال عملية التعافي، مشددا على أن تركيا حكومة وشعباً ستواصل الوقوف إلى جانب الأشقاء الأفغان.

كما اعتبر أردوغان أن الحفاظ على السلام والاستقرار في جنوب آسيا أمرا ذا أهمية قصوى، مرحّباً في هذا السياق بوقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه عقب توتر بلغ حد النزاع بين باكستان والهند في شهر نيسان/ أبريل الفائت.

وثمّن الرئيس التركي التعاون بين باكستان والهند في مكافحة الإرهاب.

وأضاف: ” ندعم حل قضية كشمير من خلال الحوار، استنادًا إلى قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتطلعات إخوتنا الكشميريين.

من جهة أخرى، أكد أردوغان أن علاقات تركيا مع القارة الإفريقية تتعزز عاما بعد عام في طيف واسع يشمل التعليم والصحة والبنية التحتية والتجارة.

وذكر أن تركيا تقدم كل أشكال الدعم اللازم لمكافحة الإرهاب في الصومال، في وقت تواصل فيه أيضا أنشطتها في مجال المساعدات الإنسانية.

وأضاف: “إن الصراع المستمر منذ أكثر من عامين في السودان، يؤلمنا أشد الألم”.

وشدد على أن وقف نزيف الدم في السودان وإرساء سلام مستدام هما مسؤولية مشتركة تقع على عاتق المجتمع الدولي، وأن تركيا ستواصل جهودها في هذا الصدد.

وأوضح أردوغان أن منطقة البحيرات العظمى في إفريقيا تعاني منذ سنوات من عدم الاستقرار والصراعات.

وأعرب عن أمله في حل النزاعات الدائرة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وتابع قائلا: “ندعم بصدق الجهود المبذولة بوساطة الولايات المتحدة وتيسير دولة قطر. ونتابع بقلق الأنشطة الإرهابية المتزايدة في غرب إفريقيا، خاصة في منطقة الساحل. وجهودنا تتواصل من أجل أن تنعم شعوب هذه المنطقة، التي تربطنا بها روابط تاريخية، بالسلام والاستقرار”.

وأكد أن السياسة الخارجية التي تنتهجها تركيا وفق رؤية شاملة والمستلهمة من العقاب السلجوقي ذي الرأسين، تولي أهمية استراتيجية كبيرة للعلاقات مع الدول الآسيوية.

وأضاف: “في إطار مبادرتنا “آسيا مجددا”، يتعمق انخراطنا مع المنظمات الإقليمية وعلى رأسها “آسيان”.

وأردف: “كما نولي أهمية كبيرة لتطوير علاقاتنا مع أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي بروح الشراكة ونهج “رابح – رابح”. وإرادتنا ثابتة في تعزيز الروابط الودية التي أنشأناها مع جميع بلدان المنطقة”.

 نساهم في تنمية التجارة العالمية

وأوضح أن تنامي النزعات الحمائية في التجارة الدولية والاضطرابات في سلاسل التوريد، تفتح الطريق أمام تحولات جوهرية في الاقتصاد العالمي.

وتابع: “ندعم إصلاح التجارة الدولية القائمة على القواعد، وفي إطارها منظمة التجارة العالمية، من أجل مجابهة التحديات الراهنة بنجاح. ونعتبر الوصول إلى طاقة رخيصة وآمنة ومستدامة أمرا لا غنى عنه لتحقيق أهداف التنمية خصوصا للدول النامية”.

ولفت إلى أن تركيا تمضي قدما في مشروع “الممر الأوسط شرق-غرب عبر بحر قزوين” ذو الأهمية الاستراتيجية والممتد من الصين إلى أوروبا.

واستطرد: “وبفضل بنيتنا التحتية الحديثة في النقل وخط “باكو – تبليسي – قارص” نساهم في تطور التجارة العالمية”.

كما أشار إلى أن بلاده تمضي في مسيرتها نحو بناء مستقبل يحترم الطبيعة، وتشير بعزم نحو تحقيق هدف “صفر انبعاثات صافية عام 2053”.

وقال في هذا الصدد: “رؤية حركة “صفر نفايات” التي تُدار برعاية عقيلتي أمينة أردوغان وتنمو عاما بعد عام وتصل إلى مزيد من الناس والقلوب، تتحول إلى حلقة متنامية من الوعي. وهذا يُعد مصدر سرور خاص لنا”.

وأوضح أن وفاء الدول المتقدمة بمسؤولياتها في هذه المرحلة، ليس خيارا بل أصبح واجباً.​​​​​​​

وبخصوص العلاقات مع واشنطن، أشار الرئيس التركي إلى أن بلاده تعزز علاقاتها مع حليفتها في حلف شمال الأطلسي “ناتو”، الولايات المتحدة، في العديد من المجالات لا سيما التجارة والاستثمار والطاقة والصناعات الدفاعية.

وأوضح الرئيس أردوغان أن تركيا، باعتبارها واحدة من الدول التي تقدم أكبر قدر من المساعدات الإنمائية في العالم، تسعى جاهدة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.

وأضاف “لكي نحقق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 وتمكين مئات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم من العيش بكرامة، فإننا ندعو إلى أن يتماشى هيكل التمويل العالمي مع مبدأ ‘عدم ترك أي أحد يتخلف عن الركب”.

وتابع “أود أن أُشير إلى هذه النقطة بشكل خاص: بينما نتعامل مع تحديات جيوسياسية، يشهد العالم قفزة استثنائية في مجال الذكاء الاصطناعي”.

واستطرد “يجب ألا يُحرم أي مجتمع من القوة التحويلية والفوائد التي توفرها هذه التقنيات الرائدة، وينبغي استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لمصلحة البشرية، لا أداة جديدة للهيمنة”.

وأشار إلى أن “بنك التكنولوجيا” التابع للأمم المتحدة، الذي تستضيفه تركيا لدعم الدول الأقل نموًا، ويؤدي دورًا حيويًا في سد الفجوة الرقمية والتكنولوجية.

وأضاف “نؤمن بأن اتفاقية حقوق الطفل في عصر الرقمنة التي أعددناها وسيتم قريبًا فتحها للتوقيع بإجماع عالمي، ستسهم في إيجاد وعي عالمي في هذا المجال، ونتطلع إلى دعمكم القوي لجهودنا”.

معاداة الإسلام

وتطرق أردوغان إلى العنصرية وكراهية الإسلام قائلا: “في عالم اليوم، حيث وصلت العنصرية وكراهية الأجانب وخاصة معاداة الإسلام إلى أبعاد خطيرة، أصبح التصدي لهذه التيارات التي تهدد ثقافة العيش المشترك ضرورة ملحّة للبشرية”.

وأضاف أن تعيين السيد (ميغيل أنخيل) موراتينوس، الممثل السامي لتحالف الحضارات، مبعوثًا خاصًا للأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإسلاموفوبيا، أمر بالغ الأهمية”.

من جهة أخرى، أشار إلى أردوغان إلى أن مؤسسة الأسرة اليوم معرضة لخطر لم يسبق له مثيل.

وأضاف: “الدفاع عن الأسرة المكونة من الرجل والمرأة يعني الدفاع عن الإنسان في الوقت نفسه، وعن الفطرة، والحياة، والمستقبل، وتركيا ستواصل الدفاع عن الأسرة في مواجهة الهجمات المتزايدة”.

العالم أكبر من خمسة

وقال أردوغان إن جذور الأمم المتحدة، التي أُنشئت لتجنّب البشرية كارثة الحرب مرة أخرى، مليئة بالقيم التي ستُضيء هذه الحقبة المظلمة التي نعيشها.

وأضاف: “ندعم بشكل تام مبادرة الأمم المتحدة الـ80، التي أطلقها الأمين العام السيد غوتيريش، لجعل منظمتنا أكثر فعالية وكفاءة، أتمنى أن تكلل هذه المبادرة بالنجاح، وأن تعزز جميع أنشطة الأمم المتحدة”.

وتابع: “انطلاقا من رؤيتنا لجعل إسطنبول مقرا للأمم المتحدة، نحن على أهبة الاستعداد لتقديم دعم قوي لهذه العملية، ومن مسؤوليتنا المشتركة جميعا اتخاذ خطوات تعيد الأمم المتحدة إلى روحها التأسيسية في ذكراها الثمانين”.

وأردف: “سنواصل ترديد إن ‘العالم أكبر من خمسة حتى يُقام نظام يكون فيه المحق قويا وليس القوي محقا”.

وأكد أن مهمتنا ليست مغادرة النظام، بل إصلاحه وإعادته للعمل بشكل سليم. بلا شك، من الممكن بناء عالم أكثر عدلا”.

وختم: “ستواصل تركيا نضالها بصبر لبناء عالم أكثر عدلاً، أسأل الله أن يكون عونا وسندا لنا”.

 


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية