الأم ميتشايلد، الراهبة الألمانية في ولاية بافاريا الألمانية، على وشك المثول أمام المحكمة لمجرد قيامها بتقديم اللجوء الكنسي للمهاجرين. مع اقتراب موعد المحاكمة، أكدت الراهبة الألمانية أنها ليست “مجرمة”.
الأم ميتشايلد هي رئيسة دير ماريا فريدن البينديكتين في بافاريا. في نوفمبر/ تشرين الثاني، حاور مهاجر نيوز الأم ميتشايلد حول موضوع إصرارها على تقديم المساعدة للاجئين واستقبال أولئك الذين يواجهون الترحيل، وسمحت لهم باللجوء للكنيسة التي تشرف عليها، معتبرة أنه من “واجبها” مساعدة من هم في حاجة لذلك.
معدل قبول طلبات اللجوء الكنسي في ألمانيا عرف انخفاضا كبيرا في السنوات القليلة الماضية، وهو ما دفع الراهبة البندكتية الأم ميتشايلد ثورمر، إلى الوقوف غير ما مرة أمام قرارات ترحيل في حق لاجئين طلبوا مساعدتها، وهي اليوم في مواجهة مع القانون، وتم تغريمها مرتين وتهديدها بالسجن بتهمة “المساعدة والتحريض على إقامة غير مصرح بها” لطالبي لجوء.
وتصر الراهبة في حديث خاص سابق مع مهاجر نيوز على أنها لم ترتكب أي خطأ، معتبرة أن “اللجوء الكنسي”، وهو اتفاق أبرم مع الدولة يسمح للكنيسة بتوفير ملاذا لعدد صغير جدًا من طالبي اللجوء المهددين بالترحيل.
وشددت الراهبة في حديثها على أن الأشخاص الثلاثين الذين استقبلتهم على مر السنين، كانوا أشخاصا في حاجة ماسة للمساعدة، لجوؤوا للكنيسة لأن وضعهم كان ميئوسًا منه. فقد تلقوا إشعارات تفيد أنه سيتم ترحيلهم إلى إيطاليا أو رومانيا أو بلغاريا أو بولندا.
هل تعتبرين نفسك مجرمة ؟
كان السؤال الأول الذي طرحه عليها المحقق باتريك غايتون، وكانت في المقابل إجابتها بسيطة. “لا على الإطلاق”.
وتابعت الأم ميتشايلد: “أنا وأخواتي نساعد الأشخاص الذين هم في أوضاع صعبة، الأشخاص الذين سيكونون في خطر كبير إذا تم ترحيلهم. وقد اتفقت الكنيسة والدولة على أنه يمكننا تقديم هذا النوع من اللجوء الكنسي وأن سيتم فحص كل حالة من قبل موظفي الدولة. ينتهي الأمر في الغالب بالاعتراف باللجوء. أسجل كل حالة، وأقوم بعملي بشكل واضح وشفاف، لذا فأنا لست مجرمة على الإطلاق. لم ألحق أي ضرر بأي شخص ولم أتسبب في مشاكل لأي شخص”.
أوضحت الأم ميتشايلد أنها بدأت في تقديم اللجوء إلى الكنيسة في عام 2016، عندما ظهر شاب من العراق على باب الكنيسة، رفقة شابة ألمانية. رامان*، الذي تم تغيير اسمه لحماية هويته، لم يكن يعرف ماذا يفعل، حسب الأم ميتشايلد. كان مهددا بإعادته إلى المجر بموجب اتفاقية دبلن، لأنها كانت أول دولة في الاتحاد الأوروبي يصل إليها. لكنه كان خائفًا حقًا من التعرض لسوء معاملة في المجر.
قصة رامان
فر رامان من الموصل بعد أن حوصرت عائلته هناك على يد تنظيم “الدولة الإسلامية”. تتذكر الأم ميتشايلد أنه كان سيواجه “خطرًا كبيرًا” لو أُعيد إلى هناك. وتقول إنه ربما كان سيلقي نفس المصير الذي واجهه شقيقه والعديد من الأشخاص الآخرين هناك، القتل.
رامان اليوم يساعد في مختلف الأشغال داخل الكنيسة ويعمل بجد، فقد ساهم في طلاء الجدران وإطعام الأبقار، وتتذكر الراهبة أنه عشية عيد الميلاد ساعدها لساعات في تحضيرات الكنيسة رغم أنه مسلم.
على الرغم من أن بعض طالبي اللجوء يواجهون مشاكل في التأقلم، تعترف الأم ميتشايلد، مشيرة إلى أن “اللاجئين ليسوا أفضل أو أسوأ من غيرهم”. وتقول الأم ميشثيلد إنه من بين الثلاثين شخصًا الذين أقاموا معهم، واجه “عدد قليل” مشاكل في الاندماج في المجتمع.
التجارب الإيجابية والسلبية
تقول الأم ميتشتيلد إن بعض طالبي اللجوء تم رفضهم. معظم الأشخاص الذين لم يكونوا في الحقيقة في خطر حقيقي. على سبيل المثال، أم وطفل من المغرب، ورجل قال إنه يتعرض للاضطهاد بسبب دينه المسيحي، أرادت السلطات الألمانية إعادته إلى فرنسا، حيث لن يتعرض للاضطهاد بسبب دينه. كما توضح الراهبة بحزم أن أي شخص ارتكب جريمة أو دمر جواز سفره عمداً حتى لا تعرف السلطات من أين أتى يُرفض أيضاً.
عندما سئلت الأم ميتشايلد عن تجربتها الأكثر إيجابية، تذكرت امرأة شابة حامل من إريتريا، والتي تعتبر واحدة من الحالات التي تستخدم لاتهام الأم ميتشايلد بخرق القواعد. أنجبت هذه المرأة وحصلت على حماية إضافية، كما توضح الأم ميتشايلد. عندما اتصلت لتخبرني، سمعت الطفل وهو يبكي. حصل زوجها، والد الطفل، على صفة لاجئ وهو يعمل الآن.
وفي غضون ذلك، فإن أتعس ذكريات الأم ميتشايلد تتعلق بامرأة من إيران. تشرح الراهبة الألمانية أن هذه المرأة أُجبرت على الزواج و “تعرضت للاغتصاب الوحشي عدة مرات”. كان لديها ذكريات كثيرة عن سوء المعاملة والاغتصاب وكانت بحاجة إلى العلاج. ولكن حتى هذه القصة يبدو أنه كانت لها نهاية إيجابية. فبعد زيارة الراهبة الألمانية للسيدة الإيرانية مؤخرًا تبين أنها “تشعر بتحسن الآن”. تؤكدة الأم ميتشايلد.
في انتظار الموعد الحاسم
حتى وهي تواجه المحاكمة، تعتقد الأم ميتشايلد أن تقديم اللجوء إلى الكنيسة هو جزء أساسي من عملها. وهي تعتقد أن الاتفاق الذي يستند إليه اللجوء الكنسي “واضح ومعروف” ، وتأمل أن تنظر إليه المحكمة بنفس الطريقة. تقول الأم ميتشايلد: “سيكون عارًا على ألمانيا أن يُمْنَعَ منح اللجوء الكنيسي”.
وفقًا لصحيفة “ميتلبايريش”، فإنه في عام 2020 في بافاريا كان هناك حوالي 60 حالة لجوء كنسي، 40 في الكنيسة البروتستانتية و 20 في الكنيسة الكاثوليكية. في السنوات الأخيرة، كان هناك تراجعا من حيث أعداد المستفيدين من هذا النوع من اللجوء. وتعتبر بافاريا أكبر ولاية تمنح عدداً من حالات اللجوء الكنسي مقارنة ببعض الولايات الألمانية الأخرى.