تحاول أعداد متزايدة من المهاجرين الوصول إلى الاتحاد الأوروبي عن طريق عبور الحدود من تركيا إلى قبرص. وخلال عامين، تضاعفت أعداد طلبات اللجوء لأول مرة في قبرص بأكثر من ثلاثة أضعاف، حيث ارتفع من 730 شخصًا في بداية عام 2017 إلى أكثر من 3000 في بداية عام 2019.
مصطفى، وهو لاجئ قضى 26 ساعة مختبئًا في عبارة قادمة من تركيا إلى قبرص، من بين أولئك الذين يشعرون بالتفاؤل بشأن مستقبله في الجزيرة ويقول لوكالة الأنباء الفرنسية “حالما أغادر المخيم، سأجد عملاً وأعيد بناء حياتي”.
وعلى الرغم من أن عدد اللاجئين والمهاجرين الوافدين إلى قبرص منخفض مقارنة عن أعداد اللاجئين في إيطاليا أو اليونان، إلا أن الجزيرة لديها الآن أعلى معدل من الوافدين المهاجرين إلى أي دولة من دول الاتحاد الأوروبي بالنسبة إلى عدد سكانها. وفقًا لمكتب الإحصاء الأوروبي، يوروستات ، فهو أعلى بثماني مرات من مثيله في فرنسا. ولا يشمل ذلك اللاجئين أو المهاجرين الذين يعيشون في الجانب الشمالي من قبرص ،.
ويقول زينوناس تزياراس الباحث في مركز “بريو” للأبحاث لوكالة فرانس برس “لم تكن قبرص وجهة مفضلة للاجئين فهي جزيرة وبعيدة جدا عن أوروبا” مضيفا “إلا أن الوضع اختلف وباتت الجزيرة خيارهم الوحيد : فطريق الهجرة الى الاتحاد الاوروبي عبر اليونان أقفلت، وأوضاع اللاجئين في الدول المجاورة لسوريا تراجعت كثيرا على غرار ما هو حاصل في تركيا ولبنان. وهكذا أصبحت قبرص فجأة قريبة جدا بالنسبة الى السوريين”.
ولا تبعد الشواطئ القبرصية أكثر من مئة كيلومتر عن لبنان و80 كلم عن تركيا، ما يشجع المهربين على اقتراح هذه الطرق على السوريين من امثال عمر الذين يكررون دائما القول “الموت في البحر أفضل من الموت في سوريا”. ويشكل اللاجئون من الجنسية السورية العدد الاكبر من اللاجئين الذين وصلوا الى قبرص، حسب يوروستات.
اللاجئ السوري عمر ، 33 عاماً، كان يعيش في مخيم للاجئين في لبنان، ولما تمكن من تدبير ألف دولار قرر التوجه الى قبرص . يقول لفرانس برس بهذا الصدد “السعر كان معقولا جدا، والقارب المطاطي الذي استخدمناه لم يكن طوله يتجاوز الثلاثة أمتار”.
ويروي عمر أنه نجا وحده من الغرق بعد ان بقي في البحر ثلاثة أيام متمسكا بعجلة مطاطية، قبل أن تنتشله سفينة شحن كانت مارة في المكان. أما رفاقه السبعة الذين كانوا معه على الزورق فماتوا غرقا.
مراكز استقبال مزدحمة
الأجهزة الخاصة باستقبال المهاجرين واللاجئين باتت عاجزة عن تقديم الخدمات اللازمة لهم مع تزايد عددهم بشكل كبير، وباتت بحاجة لما بين ستة أشهر وسنة لإعطاء رخصة عمل في قبرص للمهاجر، حسب ما يقول مسؤول طلب عدم الكشف عن اسمه. وأضاف “قبلا كنا نستقبل عشرات اللاجئين سنويا، أما الآن فنتعامل مع الآلاف كل ثلاثة أشهر. وفي نيقوسيا سجلت منظمة كاريتاس غير الحكومية “ارتفاعا هائلا” عدد المهاجرين الذين يطلبون المساعدة منها، حسب ما تقول اليزابيت كاسينيس المسؤولة عن هذه المنظمة في قبرص. وتشرح أنه اضافة الى السوريين “بدأنا نرى مهاجرين قادمين من غرب افريقيا”.
في عام 2017، انتقدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الظروف المعيشية في “مركز الاستقبال والإقامة” جنوب نيقوسيا ، الذي تديره خدمة اللجوء في قبرص. ومع ذلك ، قالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن وزارة الداخلية “قد تحسنت بشكل كبير” ظروف المخيم.
الانتقال عبر نصفي الجزيرة
وفقًا للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ، يصل حوالي نصف المهاجرين إلى الجزيرة في الشمال حيث لا يوجد نظام لجوء ساري المفعول. الغالبية العظمى من المهاجرين يهبطون في مطار إرجان ، وهو الجزء الوحيد من الجزء الشمالي، حيث يسهل المرور عبر الحدود .
ثم يأخذ المهاجرون طريق التسلل الجيد المتمثل في التسلل عبر المنطقة العازلة المنقسمة ، أو “الخط الأخضر”. ووفقًا لوزارة الداخلية القبرصية، فإن عدد الأشخاص الذين يعبرون الخط بشكل غير منتظم قد زاد في السنوات الأخيرة. في عام 2019، عبر 3000 لاجئ الخط الأخضر لطلب اللجوء في الجنوب، مقارنة ب 138 شخصًا فقط في عام 2017.