كشف أسرار اغتيال كينيدي: آلاف الوثائق تُنشر بأمر من ترامب

لغز استمر أكثر من 60 عامًا

بقرار من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أصبحت آلاف الصفحات من الوثائق الرقمية المتعلقة باغتيال الرئيس جون كينيدي عام 1963 متاحة للعامة، لتفتح نافذة جديدة أمام المؤرخين، وعشاق نظريات المؤامرة، والجمهور المتطلع لمعرفة المزيد عن واحدة من أكثر اللحظات إثارة في التاريخ الأمريكي.


في مساء يوم الثلاثاء، بدأت النسخ الإلكترونية الأولية للوثائق تتدفق إلى موقع الأرشيف الوطني الأمريكي، بعد ساعات من التدقيق الذي أجراه محامو وزارة العدل. وبحلول الساعة 10:30 مساءً، نشر الأرشيف 2182 ملفًا بصيغة PDF، بإجمالي 63,400 صفحة. كان ترامب قد أعلن في اليوم السابق أن الإصدار سيشمل حوالي 80,000 صفحة، لكن الأرشيف لم يرد بعد على استفسارات حول ما إذا كانت هناك دفعات إضافية ستُنشر قريبًا بناءً على أمر ترامب الصادر في يناير.

تضم مجموعة الأرشيف الوطني المتعلقة باغتيال كينيدي أكثر من ستة ملايين صفحة، تم رفع السرية عن معظمها ونشرها للعامة قبل قرار ترامب الأخير. لكن هذا الإصدار الجديد يُعد خطوة بارزة نحو الشفافية، وفقًا لما أكدته مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد في منشور لها على منصة “إكس”، حيث قالت: “الرئيس ترامب يفتتح عصرًا جديدًا من الشفافية القصوى”.


تكشف الوثائق المنشورة عن مناخ الخوف الذي ساد العلاقات الأمريكية السوفيتية بعد أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، التي كادت أن تُشعل حربًا نووية. ومن بين الوثائق، تقرير سري يعود لعام 1964 يتضمن مقابلة مع لي ويغرن، موظف في وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، أجراها باحث من لجنة وارن، حول تناقضات في المعلومات التي قدمتها الوكالة ووزارة الخارجية عن زيجات بين نساء سوفيتيات ورجال أمريكيين. ويُذكر أن لي هارفي أوزوالد، المتهم باغتيال كينيدي، كان متزوجًا من السوفيتية مارينا أوزوالد وقت الحادث.

كما تضمنت وثائق وزارة الدفاع لعام 1963 تفاصيل عن الحرب الباردة في مطلع الستينيات، والجهود الأمريكية لإحباط دعم الزعيم الكوبي فيدل كاسترو للشيوعيين في أمريكا اللاتينية. وتشير إحدى الوثائق إلى أن كاسترو لم يكن ليذهب بعيدًا لاستفزاز حرب مع الولايات المتحدة، لكنه ربما كثّف دعمه للقوى الثورية في المنطقة.

من أبرز ما كشفت عنه الوثائق تفاصيل عملية “مونغوس” أو “المشروع الكوبي”، وهي حملة سرية قادتها وكالة الاستخبارات المركزية بتفويض من كينيدي عام 1961 للإطاحة بنظام كاسترو عبر عمليات تخريب وتسلل. هذه العملية، التي ظلت طي الكتمان لعقود، تُظهر مدى التوتر الذي ساد العلاقات الأمريكية الكوبية في تلك الفترة.

يرى المؤرخ فريدريك لوغيفال، أستاذ التاريخ بجامعة هارفارد ومؤلف كتاب “جون كينيدي: النضوج في القرن الأمريكي”، أن نشر الوثائق كاملة دون تحرير قد يُثري الصورة التاريخية، لكنه لا يتوقع كشفًا يُغير جذريًا فهمنا للحدث. وتتفق معه المؤرخة أليس جورج، التي أشارت إلى أن فضول الأمريكيين حول الاغتيالات وشكوكهم في شفافية الحكومة يُغذيان الاعتقاد بوجود أدلة حاسمة مخفية، لكنها تشك في أن تُنهي هذه الوثائق الجدل المستمر.


رغم تأكيد وزارة العدل وجهات حكومية أخرى على أن أوزوالد نفّذ الاغتيال بمفرده، تظهر استطلاعات الرأي أن كثيرًا من الأمريكيين لا يزالون يؤمنون بنظرية المؤامرة. ويُضيف إلى هذا الجدل تصريحات روبرت كينيدي الابن، وزير الصحة في إدارة ترامب ونجل شقيق الرئيس المغتال، الذي يعتقد بتورط وكالة الاستخبارات المركزية في مقتل عمه، وهو ادعاء رفضته الوكالة ووصفته بأنه “لا أساس له”.

لم يكتفِ ترامب بكشف وثائق اغتيال جون كينيدي، بل وعد أيضًا بالإفراج عن وثائق تتعلق باغتيالي مارتن لوثر كينغ الابن وروبرت كينيدي، اللذين وقعا عام 1968. وقد منح فرق العمل مزيدًا من الوقت لتخطيط هذه الإصدارات، في خطوة تؤكد التزامه بسياسة الشفافية التي وعد بها منذ توليه المنصب في يناير.


بهذا الإصدار، يُعيد ترامب فتح ملفات واحدة من أكثر الفترات دراماتيكية في التاريخ الأمريكي، لكن السؤال يبقى: هل ستُنهي هذه الوثائق الجدل، أم ستُشعل المزيد من التكهنات؟

 

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية