مشروع قانون تقييم التهديد الإرهابي في سوريا: معلّقا في الكونغرس منذ يوليو 2025 !!

لماذا يظل مشروع القانون معلقًا في الكونغرس الأمريكي رغم التطورات الدبلوماسية الأخيرة ؟

في عالم السياسة الدولية، حيث تتحول التحالفات بسرعة البرق، يبرز تقرير لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب الأمريكي (رقم 119-198) كوثيقة مهمة، لم يزل المشروع معلقًا في الجدول اليومي للمجلس منذ 10 يوليو 2025 دون تصويت نهائي. التقرير، الذي يدعم مشروع قانون H.R. 1327 لإلزام وزارة الأمن الداخلي بتقييم التهديدات الإرهابية المحتملة من سوريا، يظل محور اهتمام في المشهد السوري والدولي.



لم يخفِ الرئيس دونالد ترامب إعجابه الواضح بالشرع ووصفه بأنه “شاب جذاب، قوي، ذو ماضٍ قوي جداً، مقاتل”، مشددًا على أنه “يحبه” ويُتفق معه، وأنه “قائد قاسٍ” قادر على “إنجاز المهمة”. ففي مايو 2025، أعلن الرئيس دونالد ترامب في الرياض رفع العقوبات مؤقتًا عن دمشق وإزالة اسم أحمد الشرع من قوائم الإرهاب. تبع ذلك قرار مجلس الأمن في 6 نوفمبر برفع اسم الشرع من لائحة عقوبات القاعدة وداعش، ثم جاء اللقاء التاريخي في البيت الأبيض يوم 10 نوفمبر، حيث وقّع الشرع انضمام سوريا إلى التحالف العالمي ضد الجماعات الإرهابية، مع تمديد إيقاف العقوبات لستة أشهر إضافية.

هذا التحول السريع – الذي وصفه ترامب بـ”فرصة تاريخية” لإعادة بناء سوريا – يجعل نشر التقرير الآن يبدو متناقضًا على السطح، لكنه في الواقع يُكشف عن طبقات أعمق من الاستراتيجية الأمريكية الداخلية. فالغاية ليست في تعزيز التوتر مع دمشق، بل في فرض رقابة تشريعية صارمة على الإدارة التنفيذية، تضمن أن الشراكة الجديدة لا تُفتح أبوابًا لمخاطر غير محسوبة. في جوهره، التقرير يُمثل “اليد الخفية” للكونغرس، الذي يحتفظ بسيطرته على إلغاء قانون قيصر لعام 2019 – العمود الفقري للعقوبات الأمريكية – ويُستخدم كورقة ضغط لاستخراج ضمانات ملموسة من الشرع قبل أي تطبيع دائم.

يبدأ الأمر بالتوتر بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. ترامب، الذي يرى في الشرع “شابًا قويًا” و”شريكًا موثوقًا” في مكافحة داعش، يُسارع نحو الإفراج التنفيذي عن العقوبات، مستفيدًا من قرار مجلس الأمن وتعليق الاتحاد الأوروبي التدريجي. لكن الكونغرس، بغالبيته الجمهورية في اللجان الأمنية، يُدرك أن هذا الإفراج مؤقت وغير ملزم تشريعيًا. بإبقاء المشروع معلقًا، يُجبر التقرير الإدارة على تقديم تقييم استخباراتي مفصل من وزارة الأمن الداخلي خلال 60 يومًا، يغطي قدراتها على تتبع التهديدات من “أفراد مرتبطين بجماعات إرهابية” في سوريا. هذا ليس مجرد إجراء روتيني؛ إنه شرط ضمني لأي رفع نهائي للعقوبات، يُطالب فيه الشرع بمشاركة قوائم بالجهاديين الأجانب، السماح باستمرار الوجود العسكري الأمريكي في شرق سوريا، وطرد الميليشيات الإيرانية بشكل كامل.

ثم هناك البعد الانتخابي، الذي يُضفي على التوقيت طابعًا استراتيجيًا واضحًا. مع اقتراب الانتخابات الوسطى عام 2026، يسعى الجمهوريون في الكونغرس إلى رسم صورة لأنفسهم كحراس الأمن القومي، مستقلين عن “حماسة” الإدارة. التقرير، بتركيزه على مخاطر “عودة المقاتلين الأجانب” و”أجانب ذوي اهتمام خاص” إلى الحدود الأمريكية، يُذكّر الناخبين بأن 2000 جندي أمريكي لا يزالون يحرسون معسكرات احتجاز داعش في الشرق السوري، وأن 12 مليون نازح ولاجئ يُشكلان تحديًا مستمرًا. هذا النهج يُعزز من مصداقية الكونغرس كمؤسسة تُحمي المصالح الأمريكية، حتى لو تعارض مع الدبلوماسية الترامبية التي تُركز على “الفرصة التاريخية” لإعادة بناء سوريا.

أخيرًا، يُمثل التقرير أداة تفاوض دبلوماسي خفية، تُستخدم لاستكشاف نوايا الشرع في الشراكة الجديدة. رغم توقيعه على الانضمام للتحالف ضد داعش، يُطالب الكونغرس بـ”دليل عملي” على التزام دمشق، مثل اعتقال المزيد من المتطرفين (كما حدث مع 70 مشتبهًا بداعش قبل اللقاء في نوفمبر) أو تسهيل الوصول إلى معلومات استخباراتية عن الشبكات المتبقية. هذا الضغط يُعزز موقف الولايات المتحدة في المفاوضات الإقليمية، حيث يُشترط على سوريا التعاون مع إسرائيل في اتفاقيات أبراهام، وطرد الوجود الإيراني، مقابل رفع كامل للعقوبات.

في جوهره، التقرير  يُعيد تشكيل الشراكة السورية الأمريكية وفق شروط واضحة، محافظًا على توازن دقيق بين الفرص والمخاطر في مرحلة انتقالية هشة. الكونغرس، باختصار، يقول لترامب والشرع: “الأبواب مفتوحة، لكن المفاتيح في يدنا”.

 


قانون تقييم التهديد الإرهابي في سوريا لعام 2025

نشر الكونغرس الأمريكي تقرير لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب رقم 119-198، حيث توصي اللجنة بتقديم مشروع قانون H.R. 1327، المعروف بـ”قانون تقييم التهديد الإرهابي في سوريا لعام 2025“، إلى المجلس الكامل دون تعديلات، بعد إقراره في اللجنة.

يُلزم المشروع وزير الأمن الداخلي بإجراء تقييم للتهديدات الإرهابية الموجهة إلى الولايات المتحدة من أفراد في سوريا مرتبطين بمنظمات إرهابية أجنبية أو منظمات إرهابية عالمية محددة بشكل خاص، مثل أنصار الإسلام، اتحاد الجهاد الإسلامي، كتيبة الإمام البخاري، وكتيبة التوحيد والجهاد. يُقدَّم التقييم كتابيًا إلى اللجان المعنية في الكونغرس خلال 60 يومًا من صدور القانون، مع إحاطة توضيحية، ويشمل تحديد الأفراد وبلدانهم الأصلية، وتقييم قدرة الوزارة على تتبعهم، ووصف الإجراءات للتخفيف من التهديدات أو منع دخولهم إلى الولايات المتحدة.

يذكر التقرير وجود نحو 2000 قوة عسكرية أمريكية في شرق وسوريا الجنوبية لدعم احتجاز أكثر من 9000 سجين من داعش وإدارة معسكرات تضم 40 ألف فرد، إلى جانب غارات جوية أمريكية ضد معسكرات التنظيم. كما يبرز مخاوف أمنية داخلية من النازحين: 7.4 مليون سوري داخليًا نزوحًا، و4.7 مليون لاجئ، مع ارتفاع في وصول “أجانب ذوي اهتمام خاص” من سوريا إلى الحدود الأمريكية، والذين قد يشكلون مخاطر وطنية بناءً على أنماط سفرهم.

أقرت اللجنة الفرعية لمكافحة الإرهاب والاستخبارات المشروع بالتصويت الصوتي، ثم أقرته اللجنة الكاملة بنفس الطريقة، دون جلسات استماع رسمية في المؤتمر الـ119 ودون تسجيل الأصوات وفق القواعد.

يقدر مكتب الميزانية في الكونغرس تكلفة التنفيذ بأقل من 500 ألف دولار حتى 2030، دون انتدابات فيدرالية جديدة. المشروع لا يتعلق بشروط التوظيف أو الخدمات العامة، ولا يحتوي على امتيازات ضريبية.

يظل المشروع في الجدول اليومي للمجلس (Union Calendar No. 162)، بعد إحالته في 13 فبراير 2025 من النائب مورغان لوتريل بدعم ثنائي الحزبين، دون تصويت في المجلس الكامل أو إحالة إلى السناتور.

 


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية