رقصة صينية تكشف كيف يُربّى الجيل على السرعة والخوف، وتدفعنا لمواجهة ما أصبح التعليم عليه في كل مكان.
في بكين عام 2025، لم يكن مهرجان الرقص التاسع عشر مجرد احتفال بريء.
كان عرض “سباق السلحفاة والأرنب مرة أخرى” لوحة حية عن صناعة القلق: كيف يُجبر الأطفال على الركض قبل أن يعرفوا معنى الوقوف، كيف يُقاسون بالسرعة والقدرة على التحمل لا بالفضول أو الفهم.
الرقصة اجتذبت أكثر من 200 مليون مشاهدة على تيك توك، لكنها لم تكن عرضًا للأطفال فقط. كل حركة، كل سقوط، كل ابتسامة مرهقة، كانت صفعة بصرية للنظام التعليمي الذي يحوّل الطفولة إلى مضمار بلا خط نهاية.
الأرنب يركض… السلحفاة تنهار
الأرانب تجري بلا توقف، رمز لأولئك الموهوبين الذين يُتوقع منهم النجاح الفوري.
السلاحف تزحف ببطء، تمثل الطلاب الذين يكدّون بلا توقف، يُثقلهم الواجب، ويثقلهم التشجيع الزائف على “التميز”.
وفي الخلفية، يسقط بعض الأطفال أرضًا، وكأنهم يعلنون إفلاسهم أمام متطلبات النظام التعليمي.
النهاية؟ تخلّص الجميع من الأقنعة، اتحاد رمزي يظهر أن الأطفال يستطيعون التحرر من التصنيفات الاجتماعية، لكن لا أحد يسمع صرختهم إلا الفن نفسه.
التعليم الذي يُربي على القلق
هذا العرض لم ينتقد الصين فقط.
إنه مرآة لكل بيئة تعليمية حول العالم: مدارس تدرّب الأطفال على الأداء لا على الفضول، على العلامة لا على المعرفة، على الخوف لا على اللعب.
تقرير اليونيسكو 2023 يوضح أن 70% من الطلاب الصينيين يعانون من قلق أكاديمي شديد، لكن المسؤولين يعتبرون هذا “حافزًا”.
أي حافز هذا الذي يجعل الأطفال يهتزون قبل أن يتنفسوا؟
الدرس الصادم: التعليم الحديث غالبًا لا يعلّم الأطفال كيف يعيشون، بل كيف ينجون من الاختبارات المستمرة.
الرقصة صينية، لكن الصدى عالمي.
في مدارس عربية عديدة، هناك نفس السباق، نفس الضغط، نفس الممارسة: الواجبات المكدسة، الدروس الإضافية، المقارنة المستمرة.
الفرق أن الأطفال هنا لا يرقصون، بل يسكتون على الألم، يخفون القلق بين دفاترهم ووجوههم الصامتة.
الفن يكشف ما تخفيه الكتب
الرقصة تثبت أن الفن يستطيع قول ما لا تستطيع المحاضرات أو المنهج قوله:
-
التعليم الذي يقتل الطفولة تدريجيًا.
-
الضغوط التي تُصنع منها أرقام بلا روح.
-
الحاجة للتعاون بدل التنافس المميت.
الفن هنا ليس مجرد متعة بصرية، بل صفعة صامتة للنظام التعليمي، يذكّرنا أن الأطفال ليسوا أرانب للتدريب ولا سلحفاة للضغط، بل بشر يحتاجون مساحة للتنفس والخطأ والنمو.
هذه الرقصة دعوة لإعادة التفكير في الطريقة التي نربّي بها أطفالنا، بعيدًا عن السباق الذي يقتل البراءة قبل أن يعرف الأطفال معنى النجاح.