في خطوة تاريخية غير مسبوقة، أصبح أحمد الشرع أول رئيس سوري يزور البيت الأبيض.
خلال مقابلة حصرية مع واشنطن بوست يوم الاثنين، تحدث الشرع عن إعادة بناء الدولة السورية الجديدة، استقرارها الاقتصادي، العنف الطائفي، ومفاوضاته المباشرة مع إسرائيل، مستعرضًا رحلته الاستثنائية من مقاتل في العراق وسوريا إلى رئيس دولة يلتقي رئيس الولايات المتحدة.
العقوبات والعلاقات مع الولايات المتحدة
التقيتم اليوم بالرئيس دونالد ترامب وأعضاء الكونغرس. أود أن تخبرنا ما هي أهداف رحلتك، وهل شعرت أنك حققتها بعد اللقاء؟
أحمد الشرع:
الهدف الأهم هو بدء بناء العلاقة بين سوريا والولايات المتحدة، لأن العلاقة لم تكن جيدة خلال المئة عام الماضية.
بحثنا عن مصالح مشتركة بين الولايات المتحدة وسوريا، ووجدنا أن لدينا الكثير من المصالح المشتركة التي يمكن البناء عليها، مثل المصالح الأمنية والاقتصادية. استقرار سوريا سيؤثر على المنطقة بأكملها، وعدم استقرار سوريا أيضًا سيؤثر على المنطقة.
الاستقرار مرتبط بالاقتصاد، والتنمية الاقتصادية مرتبطة برفع العقوبات. هذه المناقشات مستمرة منذ عدة أشهر، وأعتقد أننا وصلنا إلى نتائج جيدة. ولكننا ما زلنا ننتظر القرار النهائي.
أوستن تايس والمفقودون
سؤال: زميلنا أوستن تايس اختفى في سوريا. أيمكنك أن تخبرنا بما تعرفه عن البحث عنه ومكانه، وهل كنت تتواصل بشأنه مع البيت الأبيض وأطراف أخرى في واشنطن؟
أحمد الشرع:
خلال الحرب التي شنتها الحكومة السابقة ضد الشعب السوري، لدينا نحو 250,000 شخص مفقود — بينهم بعض الأشخاص من جنسيات أخرى مثل أوستن تايس.
تمكنا من الإفراج عن مواطن أمريكي من السجون عند وصولنا إلى دمشق وسلمناه فورًا للسلطات الأمريكية. أنشأنا لجنة للشخصيات المفقودة، وهناك تركيز على الأشخاص الذين يحملون الجنسية الأمريكية وفقدوا في سوريا، ونحن نتعاون مع السلطات الأمريكية.
التقيت ببعض عائلات المفقودين، بما في ذلك والدة أوستن تايس. إنها امرأة عظيمة. وقد جعلتها تلتقي بأمي أيضًا، لأن والدتي لها قصة مشابهة. لقد كنت مفقودًا لمدة سبع سنوات، وكان الجميع يظن أنني قد قتلت، ما عدا والدتي، التي كانت مؤمنة إيمانًا قويًا أنني سأعود يومًا ما.
ماضي الشرع كمقاتل في سوريا والعراق
سؤال: ماذا تقول لمواطن أمريكي يناقش العقوبات ويقول: “لماذا نرفع العقوبات عن رجل كان يقاتل ضد الولايات المتحدة؟”
أحمد الشرع:
أولًا، القتال ليس شيئًا مخزيًا إذا كان لأهداف نبيلة، خاصة إذا كنت تدافع عن أرضك وشعبك الذين يعانون من الظلم. أعتقد أن هذا شيء جيد يجب أن يُشاد به. لقد خضت العديد من الحروب، لكنني لم أتسبب أبدًا في موت أي بريء.
وعندما يشارك شخص في القتال، يجب أن يكون لديه خلفية أخلاقية قوية. المنطقة تأثرت بالسياسات الغربية وسياسات الولايات المتحدة، واليوم هناك العديد من الأمريكيين الذين يوافقوننا الرأي بأن بعض هذه السياسات كانت خطأ وأدت إلى الكثير من الحروب التي لم يكن لها داعٍ.
العنف الطائفي والأقليات في سوريا
سؤال: أحد المخاوف التي يثيرها المعارضون لرفع العقوبات هو العنف المستمر في بلدكم. في ظل النظام السابق، كان هناك جهود لإشعال النزاعات بين المجموعات، وبعض هذه المجموعات لا تزال تقاتل. كيف ترد على المنتقدين الذين يقولون إنك لم تفعل ما يكفي للحد من هذا النوع من العنف، وما خطتك لضمان عدم استمرار الهجمات على الأقليات؟
أحمد الشرع:
سوريا خرجت لتوها من حرب شرسة، وكانت تعيش تحت الدكتاتورية ونظام صارم حكم البلاد لمدة 60 عامًا. نحن الآن نمر بمرحلة انتقالية، وفي المرحلة الانتقالية هناك ظروف وقوانين تختلف عن الدول المستقرة.
على سبيل المثال، الحرب الأهلية في الولايات المتحدة — بعد انتهائها، هل استقر الوضع بعد سنة واحدة؟ أم استغرق الأمر سنوات عديدة؟ نحن في مرحلة إعادة بناء الدولة، وإعادة بناء القانون. ولكنني لا أقول إن سوريا خالية من المشاكل، فهذه ليست نهاية القصة.
هناك مصالح فردية لبعض المجموعات التي ترغب في الاستقلال أو الحكم الذاتي. بعض هذه الأطراف تريد إيجاد مبرر لمصالحها، فتستخدم طائفتها أو دينها كغطاء.
ويتحدثون عن تهديد وجودي لطائفتهم أو دينهم. في سوريا، نحن نعيش في تعايش مع مختلف المجموعات الدينية منذ 1,400 سنة. نحن ما زلنا موجودين، وما زلنا نحافظ على هذا التنوع.
محاربة تنظيم الدولة الإسلامية
سؤال: لا يزال هناك تنظيم الدولة في شرق البلاد. يقول الأمريكيون إن سبب وجودهم هو محاربة التنظيم. هل يمكنك التحدث عن وضع الاتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية والمجموعات الكردية، وهل تعتقد أن الولايات المتحدة وهذه المجموعات لازالت ضرورية كقوة؟
أحمد الشرع:
خضنا حربًا مع تنظيم الدولة لمدة 10 سنوات، وفعلنا ذلك دون تنسيق مع أي قوة غربية أو أي دولة أخرى.
اليوم، سوريا قادرة على تحمل هذه المسؤولية. إبقاء سوريا مقسمة، أو وجود أي قوة عسكرية خارج سيطرة الحكومة، يمثل أفضل بيئة لازدهار داعش.
أعتقد أن أفضل حل هو أن تشرف القوات الأمريكية الموجودة في سوريا على دمج قوات سوريا الديمقراطية ضمن قوات الأمن المركزية. مهمة حماية الأراضي السورية ستكون مسؤولية الدولة.
إسرائيل وسوريا
سؤال: تعرضت سوريا لهجمات متكررة من الجيش الإسرائيلي، كما تحتل أراضٍ سورية ويبدو أنها تحاول إثارة النزاعات الطائفية، خصوصًا ضمن المجتمع الدرزي. كيف تخطط لحماية السيادة السورية من القوى الداخلية والخارجية؟
أحمد الشرع:
دخلت سوريا في حرب مع إسرائيل قبل 50 عامًا. ثم في عام 1974، كان هناك اتفاق فك الاشتباك. هذا الاتفاق استمر 50 عامًا. ولكن عندما سقط النظام السابق، ألغت إسرائيل هذا الاتفاق. وسعت وجودها في سوريا، وطردت بعثة الأمم المتحدة واحتلت أراضٍ جديدة.
لقد نفذوا أكثر من 1,000 غارة جوية في سوريا منذ 8 ديسمبر، شملت قصف القصر الرئاسي ووزارة الدفاع. لكننا، لأننا نريد إعادة بناء سوريا، لم نرد على هذه العدوانات.
التقدم الإسرائيلي في سوريا ليس لأسباب أمنية، بل لأطماع توسعية. إسرائيل دائمًا تقول إنها قلقة بشأن سوريا بسبب التهديدات التي تشكلها الميليشيات الإيرانية وحزب الله اللبناني، ونحن نحن من طرد هذه القوات من سوريا.
نحن منخرطون في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، وقطعنا شوطًا كبيرًا نحو الوصول لاتفاق. ولكن للوصول إلى اتفاق نهائي، يجب على إسرائيل الانسحاب إلى حدود ما قبل 8 ديسمبر. الولايات المتحدة معنا في هذه المفاوضات، والعديد من الأطراف الدولية تدعم وجهة نظرنا. اليوم، وجدنا أن السيد ترامب يدعم وجهة نظرنا أيضًا، وسيعمل على دفع الأمور بسرعة للوصول إلى حل.
سؤال: هل ستوافق سوريا على نزع السلاح في المنطقة جنوب دمشق؟
أحمد الشرع:
الحديث عن نزع السلاح عن منطقة بأكملها سيكون صعبًا، لأنه إذا حدث أي فوضى، من سيقوم بحمايتها؟ إذا استخدمت هذه المنطقة كمنصة لإطلاق ضربات ضد إسرائيل، من سيكون مسؤولًا؟ وفي نهاية المطاف، هذه أرض سورية، ويجب أن يكون لسوريا الحرية في التعامل مع أراضيها.
إسرائيل احتلت الجولان لحماية نفسها، والآن تفرض شروطًا في جنوب سوريا لحماية الجولان. بعد سنوات قليلة، ربما يحتلون وسط سوريا لحماية جنوبها، وسيصلون على هذا الطريق إلى ميونيخ.
العلاقة مع روسيا
سؤال: بشار أسد موجود في موسكو تحت حماية الحكومة الروسية. هل طرحت هذا الموضوع مع الروس؟ هل طلبت إعادة محاكمته على الجرائم التي ارتكبها؟
أحمد الشرع:
خضنا حربًا ضد روسيا لمدة 10 سنوات، وكانت حربًا صعبة وقاسية. لقد أعلنوا مرات عديدة أنهم قتلوني.
نحن بحاجة لروسيا لأنها عضو دائم في مجلس الأمن. نحتاج تصويتهم لدعم مصالحنا في بعض القضايا، ولدينا مصالح استراتيجية معهم. لا نريد دفع روسيا للبحث عن خيارات بديلة في التعامل مع سوريا.
قضية بشار الأسد تمثل إشكالية لروسيا، وعلاقتنا معهم ما زالت في بدايتها. سنحافظ على حقوقنا كسوريين للمطالبة بمحاكمة الأسد.






ماهر حمصي