رويترز: تدقيق ولقاءات مع أباطرة الأعمال الموالين لنظام بشار الفار

تدقق الحكومة السورية الجديدة في إمبراطوريات الشركات التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات والمملوكة لحلفاء رأس النظام البائد بشار الفار ، وأجروا محادثات مع بعض هؤلاء الأثرياء فيما يقولون إنها حملة لاستئصال الفساد والنشاط غير القانوني.

بعد تولي السلطة في ديسمبر كانون الأول، تعهدت السلطة التي تدير سوريا الآن بإعادة إعمار البلاد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاما وكذلك بإنهاء النظام الاقتصادي شديد المركزية والفاسد الذي هيمن عليه أتباع بشار الفار .

Vehicles drive as the Syrian central bank is seen in the background in Damascus, Syria February 12, 2025. REUTERS/Yamam al Shaar

ولتحقيق هذه الأهداف، شكلت السلطة التنفيذية بقيادة الرئيس الجديد أحمد الشرع لجنة مكلفة بتحليل المصالح التجارية المتشعبة لكبار رجال الأعمال المرتبطين برأس النظام البائد بشار الفار مثل سامر فوز ومحمد حمشو، حسبما ذكرت ثلاثة مصادر لرويترز.

ووفقا لمراسلات اطلعت عليها رويترز بين مصرف سوريا المركزي والبنوك التجارية، فإن الإدارة الجديدة أصدرت أوامر بعد أيام من السيطرة على دمشق تهدف إلى تجميد الأصول والحسابات المصرفية للشركات والأفراد المرتبطين بالأسد، وشملت في وقت لاحق على وجه التحديد أولئك المدرجين على قوائم العقوبات الأمريكية.

 

وذكر مسؤول حكومي ومصدران سوريان مطلعان على الأمر، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، أن حمشو وفوز عادا إلى سوريا من الخارج والتقيا بشخصيات بارزة في هيئة تحرير الشام في دمشق في يناير كانون الثاني.

وتفرض الولايات المتحدة عقوبات على حمشو وفوز منذ عامي 2011 و2019 على الترتيب.

وأوضحت المصادر الثلاثة أن الرجلين، اللذين يثيران استهجان العديد من السوريين العاديين بسبب علاقاتهما الوثيقة مع بشار الفار ، تعهدا بالتعاون مع جهود تقصي الحقائق التي تبذلها القيادة الجديدة.

وتتهم وزارة الخزانة الأمريكية مجموعة أمان القابضة التي يملكها فوز بالتربح من الحرب في سوريا، وتتنوع أعمالها بين صناعة الأدوية وتكرير السكر والتجارة والنقل.

وبالمثل، فإن مصالح حمشو التي تندرج تحت مجموعة حمشو الدولية واسعة النطاق، وتتراوح بين البتروكيماويات والمنتجات المعدنية إلى الإنتاج التلفزيوني.

ولم يستجب حمشو، الذي اتهمته وزارة الخزانة الأمريكية بأنه واجهة لبشار الفار وشقيقه ماهر، لطلب من رويترز للتعليق. ولم يتسن الوصول إلى فوز للتعقيب.

ولم يسبق الإعلان عن إنشاء اللجنة، التي لا يُعرف أعضاؤها، أو المحادثات بين الحكومة السورية الجديدة واثنين من رجال الأعمال اللذين ربطتهما صلات وثيقة بحكومة الأسد ويسيطران على قطاعات كبيرة من الاقتصاد السوري.

ويقول محللون ورجال أعمال سوريون إن النهج الذي ستتبعه الحكومة السورية الجديدة تجاه الشركات القوية المرتبطة ببشار الفار ، والذي لم يتضح بالكامل بعد، سيكون أساسيا في تحديد مصير الاقتصاد في الوقت الذي تكافح فيه الإدارة لإقناع واشنطن وحلفائها برفع العقوبات.

Syrian Trade Minister Maher Khalil al-Hasan speaks during an interview with Reuters in Damascus, Syria, January 6, 2025. REUTERS/Firas Makdesi

وأكد وزير التجارة ماهر خليل الحسن ورئيس هيئة الاستثمار السورية أيمن حموية لرويترز أن الحكومة على اتصال ببعض رجال الأعمال المرتبطين بالأسد دون تحديدهم أو الخوض في تفاصيل.

وأكد خلدون الزعبي الذي تعاون مع فوز لفترة طويلة أن شريكه أجرى محادثات مع السلطات السورية لكنه لم يؤكد معلومة زيارته للبلاد.

وقال الزعبي من بهو فندق فور سيزونز في وسط دمشق والذي تملك مجموعة فوز حصة أغلبية فيه “أبلغهم فوز أنه مستعد للتعاون مع الإدارة الجديدة وتقديم كل الدعم للشعب السوري والدولة الجديدة. وهو مستعد للقيام بأي شيء يُطلب منه”.

وقال المصدران السوريان إن فوز، الذي يحمل الجنسية التركية، غادر دمشق بعد المحادثات. ولم يتسن لرويترز التأكد من مكان حمشو.

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على فوز وحمشو وآخرين ذوي دور اقتصادي بارز، بما في ذلك ياسر إبراهيم، المستشار الأكثر ثقة لبشار الفار .ويقول محللون سوريون إن نحو اثني عشر رجلاً يشكلون الحلقة الضيقة من أباطرة الأعمال المرتبطين بالنظام البائد.
ويعتبر المسؤولون الحكوميون المعينون من قبل الحكومة الحالية جميعهم أشخاصاً محل اهتمام.وأمرت السلطات السورية الشركات والمصانع التابعة أو المرتبطة برجال الأعمال بالاستمرار في العمل، تحت إشراف سلطات الحكومة ، بينما تحقق اللجنة في أعمالهم المختلفة.

A man stands near cars parked at Four Seasons Hotel in Damascus, Syria February 12, 2025. REUTERS/Yamam al Shaar

وقال وزير التجارة حسن لرويترز في مقابلة في أوائل يناير كانون الثاني “سياستنا هي السماح لموظفيهم بمواصلة العمل وتوريد السلع إلى السوق مع تجميد حركة أموالهم الآن”.
وأضاف “إنه ملف ضخم. (حلفاء بشار الفار من رجال الأعمال) يسيطرون على اقتصاد الدولة. ولا يمكنك أن تطلب منهم ببساطة أن يرحلوا”، موضحا أن الحكومة الجديدة لا تستطيع تجنب التعامل مع رجال الأعمال.

وتعتبر مجموعة حمشو الدولية من بين المجموعات التي وضعت تحت إشراف الحكومة الحالية ، بحسب مصادر مطلعة.
وأظهرت زيارة قامت بها رويترز في أواخر يناير/كانون الثاني أن القليل من العمل يجري في مقرها الحديث المتعدد الطوابق في دمشق، حيث تعرضت بعض المكاتب للنهب في أعقاب سقوط النظام البائد وفرار بشار.

وقال أحد الموظفين، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن التعليمات صدرت للموظفين بالتعاون الكامل مع الإدارة السورية الجديدة، حيث يقوم أعضاؤها بزيارة الشركة بانتظام للحصول على المعلومات.
ويقول بعض خبراء الاقتصاد إن الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه البلاد يتطلب من الشركات المحلية الكبرى مواصلة عملها بغض النظر عن هوية الشركات التابعة لها.

وتقول الأمم المتحدة إن 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر.ورغم تراجع النقص في السلع الأساسية بعد رفع الضوابط التجارية الصارمة في أعقاب سقوط النظام البائد وفرار بشار ، فإن العديد من السوريين ما زالوا يكافحون من أجل تحمل تكاليفها.وقال كرم شعار، مدير شركة استشارات اقتصادية متخصصة في الشأن السوري تحمل اسمه، إن “السلطات السورية بحاجة إلى الحذر من شن حملة صارمة على أتباع النظام البائد لأن هذا قد يؤدي إلى نقص كبير (في السلع)”.


لقد أدى سقوط النظام البائد السريع  ، والذي بلغ ذروته بهروبه إلى روسيا في الثامن من ديسمبر/كانون الأول، إلى عدم إتاحة الوقت أمام العديد من الأثرياء السوريين للتخلص من أصولهم المحلية التي تم تجميدها منذ ذلك الحين أو نقلها، وهو ما أعطى حكام سوريا الجدد نفوذا قويا في التعامل مع هؤلاء الأثرياء، وفقا لرجلي أعمال بارزين ومسؤول حكومي.

لكن الافتقار إلى الشفافية من جانب سلطات الحكومة الجديدة في التعامل مع رجال الأعمال وشركاتهم من شأنه أن يثير خطر ردود الفعل العنيفة.وقال الشعار الذي يدعو إلى اتباع مسار قانوني صارم: “النهج العام تجاه هؤلاء المقربين من نظام بشار الفار ليس واضحا وقد يعتمد على الجهة الفاعلة وكذلك على مقدار الدعم الذي يحظى به”.واعترف حموية، الذي تم تعيينه للتعامل مع المستثمرين الأجانب المحتملين وتقديم المشورة للسلطات الحاكمة الجديدة بشأن السياسة الاقتصادية، بالمخاوف العامة بشأن مستقبل الشركات المرتبطة بالنظام، والتي تتفاوت في الحجم والأهمية.

وقال إن رجال الأعمال العاديين الذين أجبروا على دفع رشاوى أو العمل مع النظام حتى يتمكنوا من العمل ليسوا تحت مراقبة الإدارة الجديدة.لكن العملية قد تكون مختلفة بالنسبة لقلة من الذين تعاونوا مع بشار الفار وحققوا ثروات على حساب الدولة وانخرطوا في أنشطة غير قانونية، على حد قوله.

على سبيل المثال، كان ماهر  شقيق بشار ، الذي تقول الولايات المتحدة إنه كان له صلات مع حمشو، يدير الفرقة الرابعة في الجيش السوري التي ارتبطت فيما بعد بإنتاج مخدر الكبتاجون المشابه للأمفيتامين.

وقال الحموية “إذا ضربت أحداً (من رجال الأعمال) أو ألقيته في السجن، فمن سيستفيد؟ عليك أن تعمل ببطء، من خلال اللجان والمعلومات والتحقيقات، حتى تحصل على أكبر قدر ممكن من العدالة“.في هذه الأثناء، قال الزعبي، الذي حافظ على علاقات مع بعض مجموعات المعارضة السورية إلى جانب شراكته مع فوز، إنه فهم من تعاملاته مع الحكام الجدد أنهم يسعون إلى نهج “تصالحي”.وقال “أنا متفائل بأن الإدارة الجديدة لا تقوم بشخصنة الأمور”.

 

reuters


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية