موقع “politics today” نشر تقريرا أثار الجدل حول حقيقة إسلام زوجة الرئيس الفرنسي بريجيت ماكرون؛ بالنظر إلى بعض الأفعال التي قامت بها بريجيت ماكرون خلال فترة ولايتها كسيدة أولى لفرنسا، والتساؤلات التي تثيرها هذه المسألة حول حقيقة الشفافية في السياسة وحق الأفراد في حياتهم الشخصية في فرنسا.
بحسب غابرييل أتال، وزير التربية الوطنية والشباب الفرنسي، فإنه من الممكن أن تكون السيدة ماكرون قد أسلمت سرا؛ حيث ربما كانت لتُمنع من دخول المدرسة بفستان لويس فويتون الأبيض الطويل الذي ارتدته في حفل الاستقبال بالبيت الأبيض في كانون الأول/ ديسمبر 2022، أو بالثوب الأسود الطويل الذي ارتدته أثناء زيارة زوجها للصين.
هو ما حدث الأسبوع الماضي؛ حيث مُنعت طالبة ترتدي سترة وسروالا أسودين من الدخول لأن ملابسها كانت “سوداء للغاية”، كما مُنعت طالبة تدعى نسيمة، ترتدي سترة وسروالا قطنيا بلون كريمي، من دخول مدرستها، وكلتا الطالبتين مسلمتان، فهل تكون السيدة ماكرون مسلمة سرا؟
وأشار الموقع إلى أن الجواب قد يتضح إذا استجوبتها المذيعتان في قناة “بي إف إم” كما فعلا مع نسيمة: “لباسك ليس لباسا دينيا بالنسبة لك، أليس كذلك؟ إذن لماذا ترتدين هذا الزي المغطى قليلا؟ هل هذا الزي مرتبط بمعتقداتك الدينية؟ هل ترتدين الحجاب خارج المدرسة؟”.
وبالتالي فلو كانت السيدة ماكرون تلميذة مراهقة، لتمكنت من إثبات أنها ليست مسلمة في بداية هذا الاستجواب وكان بإمكانها دخول المدرسة دون أي مشاكل.
البعض قد يجد هذا الخطاب خياليا سخيفا، لكن ذلك هو مجرد محاولة لشرح كلمات صحيفة لوفيغارو المقتضبة، أن “حظر العباءة، هو رمز لنظام تعليمي يفشل في نقل ثراء المنطق، ومتعة الحرية، وفخر التراث المشترك”.
وأفاد الموقع بأن وزير التربية الوطنية والشباب غابرييل أتال أعلن مع بدء العام الدراسي الجديد حظر الفساتين الطويلة للفتيات المسلمات في المدارس، لكن الحظر الفعلي يبدو هو من ارتداء العباءة في المدارس حتى لا تكون قادرا على تحديد الدين الذي ينتمي إليه الطلاب.
وكما هو الحال مع الحظر الذي فرض عام 2004 على استخدام الصلبان الكبيرة، والكيباه، وأغطية الرأس في المدارس، فإن المسلمين الآن هم موضوع الحظر ويواجهون التمييز الصريح والعنصرية والاضطهاد، وبما أن الطلاب الذين يرتدون الصلبان يذهبون إلى المدارس الكاثوليكية الخاصة، والطلاب اليهود الذين يرتدون القلنسوة يذهبون إلى المدارس اليهودية الخاصة، فليس سرا أن الحظر الذي فرض منذ البداية في عام 2004 استهدف الفتيات المسلمات الملتحقات بالمدارس العامة.
الدولة الفرنسية تحاول الآن السيطرة على جسد الفتيات المسلمات من الرأس إلى أخمص القدمين، ومثل أسلافه، لا يقول عتال علنا “إننا نمارس العنصرية الثقافية أو الإسلاموفوبيا”، بل يعلن بدلا من ذلك أن “هذه الملابس هي تعبير ديني يختبر مقاومة الجمهورية في المدارس التي من المفترض أن تكون ملجأ للعلمانية!”، وبحسب الوزير، فقد تم تحديد 298 طالبا يرتدون سترات وفساتين طويلة فضفاضة في الأسبوع الأول، و67 لم يسمح لهم بدخول المدرسة؛ حيث أطلقت فرنسا حملة تعبئة لتنفيذ الحظر بنجاح.
وعلق الرئيس ماكرون أيضًا على الحظر، بأنه “ليس في نيتنا أن نصنف”، مشددا على أن الشعب الفرنسي يعيش مع أقلية في المجتمع الفرنسي “تتحدى الجمهورية والعلمانية” و”تسيء إلى الدين”، مما يؤدي أحيانا إلى عواقب “سيئة للغاية”.
جيروم ليغافر، النائب عن حزب فرنسا الأبية اليساري المتطرف قال : “هل هؤلاء الفتيات مشتبه بهن ويردن قطع رأس معلمتهن؟ ما الذي يبحث عنه ماكرون؟ هل يريد خلق صراعات أسوأ؟”، من المفترض أنه لا يريد ذلك، لكن إذا تذكرنا أن الفجوة بينه وبين منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان في الانتخابات الرئاسية لعام 2017 تقلصت من 32 نقطة إلى 17 نقطة في انتخابات 2022، فستكون لدينا فكرة الاتجاه الذي تذهب إليه فرنسا.
تم استهداف اليهود، الذين لم تعد فرنسيتهم موضع شك اليوم، بنفس الطريقة قبل ثمانين عاما، إلى أن أصبحت فرنسا في النهاية شريكة في المحرقة، ولكن بفضل الحماية القانونية ضد معاداة السامية بعد المحرقة، لا أحد يتحدث اليوم عن التزام اليهود بنظام كوشير الغذائي، والتنانير الطويلة للنساء اليهوديات، والقلنسوات أو العمائم التي ترتديها بعض النساء اليهوديات، وأردية الرجال اليهود، واللحى التي تصل إلى منتصف صدورهم… إلخ.
وبعد ثمانين عامًا، تتم شيطنة المسلمين بمساعدة وسائل الإعلام والمثقفين من خلال “قانون المبادئ الذي يعزز احترام قيم الجمهورية”، و”ميثاق الأئمة”، واختراع ما يسمى بالإسلام الفرنسي، ويتم تصوير الإسلام باعتباره دينا خطيرا يحتاج إلى مراقبة جماعية وقمع، ويتم تصوير المسلمين باعتبارهم تهديدا وجوديا لـ”حضارة” و”تقاليد” و”قيم” البلاد، فيما قال المتحدث الرسمي باسم الحكومة أوليفييه فيران إن هذه الأزياء لا ترقى فقط إلى مستوى “الهجوم السياسي”، ولكنها أيضا “عمل من أعمال التبشير” و”محاولة لتحويل الناس إلى الإسلام”.
وفقا لصيغة وزير التعليم الوطني، فلن يكون من الممكن معرفة ديانة الطالب عندما يدخل إلى الفصل، ولكن عندما يُسأل عن اسمه، “سيكون واضحا من هو المسلم!”، بعبارة أخرى، يمكن تعريف أسماء الطلاب المسلمين على أنها “مخالفات” أيضا، وقد اقترح الزعيم اليميني المتطرف إيريك زمور بالفعل أن أسماء المسلمين يجب أن تكون فرنسية أيضا، وبالنظر إلى أن وزير الداخلية السابق لماكرون، جيرالد دارمانين، انتقد مارين لوبان لكونها “متساهلة مع المسلمين”، فلماذا لا؟