هل تفرض أوروبا الرسوم على طلبات اللجوء إسوة بواشنطن؟

قررت الولايات المتحدة البدء في فرض رسوم على طالبي اللجوء مقابل معالجة طلباتهم. كثير من الانتقادات وجهت لهذه الخطوة باعتبار أنها تنتهك حق الناس في طلب الحماية. لكن، هل يمكن أن تحذو أوروبا حذو أمريكا؟

في نهاية شهر أبريل/ نيسان الفائت، أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مسؤوليه بالتوصل إلى طريقة يتم بمقتضاها فرض رسوم على طالبي اللجوء لمعالجة طلبهم. وذلك بهدف عدم تشجيع من ليس لديهم أسباب شرعية للجوء إلى الإقدام على الأمر وكذلك تقليل عدد الطلبات المتراكمة.

لكن المدافعين عن حقوق الإنسان قابلوا الخطوة باعتراض شديد، لأنهم يرون أن فرض رسوم على طالبي اللجوء سيتسبب في إفقارهم أكثر وأكثر. وبعد يوم من الإعلان الأمريكي عن التعديلات قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن طلب اللجوء حق إنساني أساسي. ويقول منتقدو القرار إن الاضطرار إلى دفع مبلغ من المال لتقديم ومعالجة طلب اللجوء قد يجعل العملية بعيدة المنال بالنسبة لكثير من طالبي اللجوء الذي هم بحاجة فعلا للحماية، الأمر الذي سيحول دون حصولهم على حق من حقوقهم الإنسانية.

أين عليك أن تدفع المال لتقديم طلب اللجوء؟

 لا تفرض معظم الدول رسومًا على طلب اللجوء، لكن هناك بعضا من الإجراءات التي تتطلب دفع مقابل مالي في بعض الدول، ففي أستراليا يتعين دفع رسوم للحصول على تأشيرة الحماية المؤقتة، وهي الشكل الرئيسي للجوء المتاح للمهاجرين الذين يصلون البلاد على متن قوارب. كما تتقاضى نيوزيلندا رسوم تأشيرة زيارة لطالب اللجوء والتي يتم إصدارها لطالبي اللجوء الذين ينتظرون معالجة طلباتهم.

أما في كندا فيتم تحصيل رسوم للحصول على إقامة دائمة للأشخاص الحاصلين على الحماية وللاجئين، في حين أن إيران تقوم بتحصيل مبالغ مالية من اللاجئين عند طلبهم إصدار وثائق شخصية.

هل يمكن أن يحدث ذلك في أوروبا؟

رداً على هذا السؤال، تقول ويبكي جوديت، المستشارة القانونية لدى منظمة “برو أزويل”، التي تدافع عن حقوق اللاجئين في ألمانيا، لا توجد دولة في أوروبا تفرض رسوما مباشرة على تقديم طلب اللجوء، ومن غير المرجح أن يحدث ذلك لاحقاً. فحسب قوانين الاتحاد الأوروبي المتعلقة باللجوء، فإنه يتعين على دول الاتحاد تمكين الأشخاص من تقديم طلب اللجوء دون أن تصعب الأمر عليهم. وبالتالي فإن فرض رسوم على تقديم طلب اللجوء سيؤثر على الحق في الوصول إلى إجراءات اللجوء، وبالتالي “يجب أن يُسمح للناس بتقديم طلب اللجوء، ولا يمكنك أن تعتمد على ما إذا كان بإمكانهم تحمل تكلفة النظر في الطلب ومعالجته.” بحسب جوديت، التي تضيف أن الرسوم قد تمنع البعص من تقديم طلب اللجوء، والعودة القسرية إلى بلد قد يتعرضون فيه للاضطهاد، الأمر الذي يتعارض مع مبدأ أساسي في القانون الدولي للاجئين.

رسوم “خفية

حتى وإن كانت الدول الأوروبية لا تفرض رسوما مباشرة على طلب للجوء، إلا أن بعض الحكومات استخدمت وسائل مختلفة لتجعل من الصعوبة بمكان على الأشخاص التقدم بطلب الحماية كما هو الحال في هنغاريا، وذلك عن طريق إقامة أسوار أو “مناطق عبور” على الحدود يتم احتجاز المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء فيها، بل ويصل الأمر إلى حرمانهم من الطعام!

وتفرض الكثير من دول الاتحاد الأوروبي بالفعل رسوما غير مباشرة، ما يمكن أن يجعل العملية مكلفة للغاية بالنسبة لبعض الأشخاص. على سبيل المثال، في جمهورية التشيك، يتعين على طالبي اللجوء الموجودين في مقرات سكن اللاجئين المساهمة في تكلفة الغذاء والسكن. وبالمثل، تطلب هنغاريا من طالبي اللجوء دفع تكاليف الاحتجاز، فيما تتقاضى دول أخرى رسوم ترجمة المستندات أو الفحوصات الطبية الإلزامية.

وفي سويسرا، التي لا تفرض رسوما على طلب اللجوء الأول، يتعين على المتقدمين دفع تكاليف إعادة فحص طلباتهم إذا ما تم رفضها في أول مرة. ومن الشائع أيضا في أوروبا أن يُلزم طالب اللجوء الذي تم رفض طلبه والذي يقوم باستئناف القرار بدفع مقابل للمشورة القانونية وللمحامي الذي سيمثله أمام القضاء.

أيضاً هناك حالات يتعين فيها على طالبي اللجوء دفع المزيد من التكاليف “الخفية”. على سبيل المثال، لدى العديد من الدول في أوروبا، بما في ذلك اليونان وإيطاليا والمملكة المتحدة وفرنسا، طرق متنوعة لتسجيل طلبات اللجوء سواء عبر الهاتف أو عبر الانترنت. في فرنسا مثلا تم الإعلان في البداية عن أن خدمة التسجيل عبر الهاتف ستكون مجانية، لكن في الواقع يتقاضى مشغلو الهواتف ستة سنتات في الدقيقة مقابل المكالمات، وقال بعض مستخدمي الخدمة إنهم قد ينتظرون على الهاتف لمدة قد تزيد عن نصف الساعة قبل التحدث إلى مسؤول الهجرة.

إذن فإن التكاليف غير المباشرة ورسوم الإجراءات تشكل عبئا ماليا على طالبي اللجوء، تماماً كما الأسوار التي تصعب الأمور كثيراً على طالبي الحماية في أوروبا. وتري ويبكي جوديت أن هناك فرق بين هذه “العوائق” وبين الرسوم الفعلية لطلب اللجوء، وتقول إنه في الوقت الحالي من غير المتوقع أن تحذو حكومات أوروبية حذو الولايات المتحدة وتطالب المهاجرين بالدفع مقابل معالجة طلب اللجوء والحماية الذي يعتبر واحداً من حقوق الإنسان الأساسية.

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية