هل أنت مطلوب.. حقيقة أم دسيسة؟ لـ : منذر مصري
آخر صرعات الحالة السورية، لأنه ما إن يخرج السوريون من صرعة حتى يدخلوا ويعلقوا بصرعة أكبر وأدهى، هي النسخة الأخيرة والمحدثة من لعبة (هل أنت مطلوب؟). التي جرى مؤخراً إصدارها وتسويقها، على أحد المواقع الإلكترونية، وتناقلتها عنه مواقع عديدة، بعنوان صارخ (مليون ونصف مطلوب)، تتبعه عبارات تزيد العنوان تشويقاً، (أضخم محرك بحث…)، و(أكبر تسريب لأسماء المطلوبين في سوريا)، ثم في التحديث الأخير (الدفعة الثالثة+ الدفعة الثانية+ الدفعة الأولى= /1500000/ مطلوب.
أينما ذهبت هذه الأيام، وأينما جلست، ومع من كنت، في بيت أحد الأصدقاء تتابع مباراة كرة قدم، أو في مقهى رصيف، أو في مطعم شعبي يقدم فطائر على التنور، تبلغ فاتورة /3 /فطائر فليفلة و/3/ جبنة مع عبوتي بيرة: /3500/ ل.س. فجميع هذه الأماكن باتت توفّر لزبائنها الكرام خدمة الانترنت المجانية ظاهراً ولكن المضافة على الفاتورة ضمنياً، أو في سهرة عائلية عند الجيران، فإن عمليات البحث تجري على قدم وساق، كلّ على جهازه، أو يتطوع أحد الموجودين لتلبية طلبات الآخرين، ما إذا كان ابن أو قريب أو صديق، خارج البلاد أو داخلها، مطلوباً:
– (ميساء)..لا اسم لها/ تستطيع المجيء/ زوجها (جمال)/اعتقال.
– أبناء جارتنا (أم برهان) الثلاثة/ برهان وزياد وأكرم/ دائرة تجنيد…/ متخلفون عن السوق.
-(علي)/ سافر على أنه سيعود/ اسم أبيه!؟ (تحسين)/ اعتقال.
– صديق في الخارج/ كنت أحثّه دائماً على العودة/ اعتقال.
-(د) في ألمانيا منذ /5/ سنوات/الأم: (نوفه) وزارة التعليم/ منع سفر.
-الشاعرة (هـ) صاحبة (هذا الخوف)/ مراجعة السلطات.
-الشاعرة (م) حاملة جائزة (دانتي) تشاركني اسمَي أبي وأمي/ مراجعة السلطات.
-(س) ابن صديق/ اعتقال. ما دفع صديقي ليقوم عن كرسيه ويأخذ سيارة أجرة إلى فرع الأمن الجنائي، ويتقدم بطلب (لا حكم عليه) باسم ابنه. وعندما أعطوه شهادة البراءة هذه، بطريقة نظامية تامة، أخبروه، لو أن على ابنه أي إشارة لما تم ذلك. ولكن كيف لقلب أب سوري أن يطمئن!.
نعم..السوريون، باتوا شعباً يرتاب بكل شيء، ولا يصدق أي شيء، وهذا حقهم، فعلى موقع التسريب يوجد تساؤلات وتعليقات:
1- هل التسريبات صحيحة؟ يتكرر كثيراً:”كذب”، “كله كذب”، “كذابين”، “كلام فارغ”.
2- هل تتضمن أسماء كل المطلوبين؟: يكتب (أ): “هناك وزراء في حكومة المعارضة غير مطلوبين”. (ب): “أنا مطلوب لثلاثة جهات..ولا اسم لي!”. يفسر(ج): “افهموا (مليون ونصف اسم مسرب) هذا لا يعني أنهم كل المطلوبين”. (د) يقول: “هذه الأسماء قبل/2015/ بعدها غير موجود”.
3- كيف تسربت؟ هل سُربت من قصد؟ حدث هذا كثيراً في السابق. يكتب (م): “الخوف من كون البرنامج ملغوم، لإضافة الأسماء التي يسأل عنها”!.
4- لأي غاية؟ وما نتائجها؟ ومن تفيد؟ يكتب (و): “هذا يعني أنه لن يفكر أحد بالعودة لسوريا بعد الآن”.
5- ولأن شرّ البلية ما يضحك، يكتب (ز): “كل الشعب السوري مطلوب”، (ح) “الحمد لله طلعت مطلوب”، “مطلوب ولي الشرف”، (ي) “باركولي.. لقيت اسمي”.
كأنه صحيح، أن سوريا، (غير شكل) عن جميع البلدان التي ابتلاها الله بالثورات والحروب على أنواعها، ولن أذهب بعيداً إلى فيتنام وتشيلي وجنوب إفريقيا، فعلى مرمى حجر منّا يقع اللبنان الشقيق، الذي عاد إليه متغربوه، بعد انتهاء حربه الأهلية، دون أدنى مساءلة، كما وضعت الميزانيات لإعادتهم إلى بيوتهم. فإلى أن تنتهي الحرب عندنا، وتستقر الأمور على حال ما، ويبدأ الحلّ السياسي المنشود، الذي يخرج فيه المعتقلون السياسيون، وتتوقف فيه الملاحقات الأمنية وتلغى قوائم الاعتقالات ومراجعة السلطات ومنع السفر، فلا مانع من أن يتسلّى السوريون ويبحث كل واحد منهم ما إذا اسمه موجود في هذه القوائم، أم ليس بعد..