نورا أودونيل تكشف عن كواليس أول مقابلة تلفزيونية أميركية مع ولي العهد السعودي
Crown Prince Mohammed bin Salman ahead of the interview with CBS anchor Norah O’Donnell
حرصت شبكة تلفزيون «سي بي إس» أن تبث الأحد مقابلة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قبيل وصوله إلى الولايات المتحدة الأميركية هذا الأسبوع لإجراء اجتماعات رفيعة المستوى مع الرئيس دونالد ترمب. لكن، قبل زيارة البيت الأبيض، اختار الأمير محمد بن سلمان تقديم نفسه للشعب الأميركي. المقابلة أذاعتها القناة خلال برنامجها الرئيسي الذي يتناول الشؤون الحالية «سيكستي مينوتس» (ستون دقيقة). وفي مقابلته الأولى مع قناة أميركية، لم يفرض ولي العهد أي شروط مسبقة أو موضوعات محظورة.
وفي مقابلة أجرتها «عرب نيوز» مع المذيعة نورا أودونيل التي حاورت ولي العهد، كشفت ما حدث وراء الكواليس.
وعن ذلك قالت أودونيل: «أبدى ولي العهد رغبة في إظهار ما يؤمن به للشعب الأميركي، وأن المملكة السعودية في طور التغيّر. وأراد إيصال أفكاره بوضوح إلى المُشاهِد الأميركي».
وكما شاهد الملايين مساء الأحد ، تطرّقت المقابلة إلى الكثير من الموضوعات، وكانت صريحة جداً. تم التداول خلالها بموضوعات تشمل الحرب في اليمن، والتحقيق حول مكافحة الفساد الذي بدأ في العام الماضي بأمر من الأمير، والذي نتج منه توقيف رجال أعمال ومسؤولين سعوديين رفيعي المستوى في فندق الريتز كارلتون.
وخلال المقابلة، كشف الأمير محمد، وللمرة الأولى، عن ما حصل في الريتز كارلتون. وتكلّم بثقة عن إيران، ودور المرأة في المجتمع السعودي. كما وأنّه تكلّم أيضاً عن كيفية إساءة تفسير الإسلام من قبل المتطرفين، سواء تعلّق الأمر بحقوق المرأة، أو التعليم، أو التقاليد الثقافية. وحول ذلك، تقول أودونيل: «أعتقد أن بعضاً مما ورد على لسان الأمير، يستحق أن ينشر في الأخبار».
المقابلة كانت نتيجة ثلاث سنوات من المفاوضات. أودونيل بدأت تسمع عن الملك سلمان، الذي كان قد تبوأ العرش في ذلك الوقت، وعرفت أنه شخصية تستحق المتابعة، وأقنعت برنامج «ستون دقيقة» بأن إجراء مقابلة مع القيادة السعودية فكرة تستحق العمل من أجلها.
ومن هناك، التقت أولاً الأمير محمد بن سلمان، الذي كان لا يزال ولي ولي العهد في ذلك الوقت، في مقر السفير السعودي في واشنطن في يونيو (حزيران) 2016. وقالت: «كانت تلك زيارته الأولى إلى واشنطن، فسألته عن (رؤية 2030)، وسألته عن إمكانية إجراء مقابلة معه شخصياً. كان يعرف عن برنامج (ستون دقيقة)، وشرحنا له أن المقابلة لن تكون من خلال مجرّد اجتماع في فندق لمدة 20 دقيقة. كنا نريد المجيء إلى الرياض والدخول لأول مرّة إلى القصر الملكي. أردنا أن نعرف كيف يمضي عطلة نهاية الأسبوع، وأردنا أن يتعرف الناس عليه.
«وكشفت أودونيل عن أن اللقاءات والمحادثات استمرت. وأضافت: «كنا واثقين من أننا سنحصل على المقابلة، لكن من دون تأكيدات».
وأخيراً، حصلت المذيعة وفريق الإنتاج على الضوء الأخضر، قبل نحو شهر. ولم يطلب السعوديون الأسئلة مسبقاً، ولم يعترضوا على أي موضوع. وقالت أودونيل: «أظهر سلوكهم هذا، أنه (ليس لديهم ما يخفونه). كان ذلك مذهلاً».
وقد أُجرِيت المقابلة الرسمية التي استغرقت 90 دقيقة، قبل أسبوعين في المجمّع الملكي في الدرعية، شمالي غربي الرياض، وذلك قبيل مغادرة ولي العهد إلى بريطانيا.
اختار ولي العهد أن يتكلم بالعربية، مع ترجمة فورية للفريق الأميركي. وقالت أودونيل إن «غالبية الوزراء السعوديين تلقوا تعليمهم الجامعي في الولايات المتحدة أو بريطانيا، وهناك حالياً نحو 150 ألف سعودي مبتعث في الولايات المتحدة». وأضافت: «لكن أحد الأمور المذهلة في ولي العهد، هو أنه تابع دراسته بالكامل في السعودية». وتستطرد: «شرح لنا أن والده، الملك سلمان، أراد أن يتعلم كل أولاده في جامعات في السعودية؛ لأن وقت الطالب تأسيسي. ووجدت ذلك مثيراً للاهتمام».
«في المقابلة، ترون أن ولي العهد يتكلم الإنجليزية عندما التقينا به في مكتبه، حيث يكون الحديث أقل رسمية. لكن عند الحديث عن الأعمال والسياسة، حيث تتوجب الدقة، لم يكن مفاجئاً أنه أراد التكلّم بالعربية»، تقول أودونيل.
وأضافت: «كانت الدقة ضرورية طبعاً للإجابة عن الأسئلة الصعبة حول اليمن وإيران. وكان ولي العهد واضحاً جداً، وقال إنه حالما تحصل إيران على أسلحة نووية فإن السعودية ستحذو حذوها». قالت أيضاً المذيعة أودونيل إنه «لم يتهرّب من أي سؤال».
كانت المقابلة سابقة أيضاً بالنسبة إلى أودونيل؛ فالصحافية المخضرمة غطّت السياسات الأميركية طوال 20 سنة، خلال فترات ثلاثة رؤساء. وخدم والدها في حرب الخليج الأولى، ولطالما أذهلها الشرق الأوسط، لكنها لم تكن قد زارت السعودية من قبل.
وعند سؤالها حول المفاهيم السابقة التي كانت لديها، أو بالمجمل لدى الشعب الأميركي عن البلد، أجابت: «لن أتكلّم عن 300 مليون أميركي، لكن بالنسبة إلى غالبيتنا، فإن السعودية بلد بعيد». وأضافت: «إن المفهوم السائد حول السعودية مرتبط فقط بالنفط والثروة. ولكن السعودية أيضاً حليفة أميركا الأقدم في الشرق الأوسط، وقد اختارها الرئيس الأميركي كأوّل بلد يزوره كرئيس. إذن، السعودية مهمة».وقد التقت أيضاً نساء سعوديات في جامعة الأميرة نورة في الرياض. وعن ذلك قالت: «النساء اللواتي تكلّمت معهنّ أخبرنني أن أهم مسألتين بالنسبة إليهن كانتا القيادة وحضانة الأولاد. وقالت إحدى النساء إن رفع الحظر عن قيادة السيارات يعني أنها ستتمكن من الوصول إلى العمل في الوقت المحدد، وهي ستصبح طبيبة جرّاحة». وأضافت: «كان ذلك مذهلاً بالنسبة إليّ؛ إذ يمكن لأي بلد أن يقول (لديكنّ هذه الحقوق) وينتهي الموضوع هناك. أما السعودية، فقد أمّنت للنساء مدارس تعلّمهن كيفية المحافظة على سلامتهن. بالنسبة إلى بلد كان متأخراً قليلاً، يبدو أنهم يحاولون القيام بالأمور بالطريقة الصحيحة».
كما قالت أودونيل، إنها لاحظت أيضاً تراجعاً لسلطة من أسمتهم «الشرطة الدينية»، في إشارة إلى «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، التي تمت أيضاً من خلال مرسوم ملكي. ورغم أنه لم يُفرض أي قيود على اللّباس، فقد اختارت أودونيل أن ترتدي عباءة أثناء وجودها في الرياض. وعن ذلك قالت: «بدا ذلك مريحاً؛ لأن كل النساء كنّ يرتدين العباءات. وفي النهاية، عندما التقى ولي العهد، مارك زوكربرغ خلال رحلته في عام 2016، كان يرتدي الجينز وسترة».
وحول انطباعاتها عن الرجل الشاب الذي يغيّر بلاده، قالت أودونيل: «يبدو ناضجاً وأكبر من عمره، وواثقاً جداً من نفسه. إنه عميق التفكير وصريح في إجاباته، وهو متأمّل ببلاده. وواقع أنه ترعرع في كنف العائلة وهو في سنّ صغيرة، يظهر أنه يتمتع بثقة والده الذي يخبره الأمير بتفاصيل كل اجتماعاته».
واختتمت حديثها بالقول: «إن ولي العهد يريد أن يظهر للجميع أن السعودية تتغيّر، كما أنه يمتلك رغبة بإظهار ما يؤمن به ورؤياه إلى العلن. كلنا ذهلنا بهذا الشاب المستعجل لإحداث تغيير».