على العالم ألا يدير ظهره لأزمة اللاجئين السوريين

على العالم ألا يدير ظهره لأزمة اللاجئين السوريين

الظروف غير مواتية لعودة أكثر من خمسة ملايين سوري يعيشون كلاجئين في البلدان المجاورة إلى ديارهم.
[dt_fancy_image image_id=”57147″ onclick=”lightbox” width=””]

بعد مرور أكثر من ستة أعوام على أحد أشد النزاعات دموية وأكثرها تدميراً في التاريخ الحديث، يسيطر شعور من اليأس الذي يمكن تفهمه على الشعب السوري في محاولته لإيجاد ضوء في نهاية نفق طويل ومظلم. وقد أدت اتفاقات وقف إطلاق النار الهشة على مدى العام الماضي إلى عودة الهدوء إلى بعض أنحاء البلاد، الأمر الذي أقنع أعداداً كبيرة من النازحين داخل سوريا، وعدداً أقل بكثير من اللاجئين، بالعودة إلى ديارهم.

ومع ذلك، فإن الصراع في أجزاء أخرى من البلاد لم ينته بعد، كما أن معاناة المدنيين قد ازدادت. ولا تزال العمليات العسكرية ضد الجماعات المتطرفة في الرقة ودير الزور مستمرة في وقت لا تزال فيه أعداد كبيرة من الجماعات المسلحة نشطة على الأرض. وتهدد الألغام والمواد المتفجرة المنتشرة في أجزاء كبيرة من البلاد بتشويه أو قتل ضحايا جدد. وفي النصف الأول من عام 2017 وحده، تعرض 1.3 مليون سوري للنزوح حديثاً، بمعدل 7,000 شخص اضطروا للفرار من ديارهم في اليوم الواحد. 

وفي حين أن المجتمع الدولي يركز بشكل مبرر على مستقبل عملية السلام، إلا أن الوضع الإنساني داخل سوريا لا يزال مأساوياً والظروف غير مواتية لعودة أكثر من خمسة ملايين سوري يعيشون كلاجئين في البلدان المجاورة إلى ديارهم.

[dt_fancy_image image_id=”57144″ onclick=”lightbox” width=””]

لا تزال الأزمة السورية أكبر أزمة للاجئين في العالم، ولا يمكن للبلدان المجاورة وحدها أن تتحمل أعباءها. وقد رحبت تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر بملايين اللاجئين السوريين، وما زالت توفر الدعم لهم. لقد تقاسموا معهم مواردهم وأتاحوا لهم فرص الوصول إلى المدارس والمستشفيات والخدمات الأخرى على نطاق استثنائي. ولكن بعد ستة أعوام على الأزمة في سوريا، فقد نال التعب من هذه البلدان وهو أمر يمكن تفهمه.

لقد ساهم المجتمع الدولي بتوفير دعم مالي كبير للاستجابة للاجئين السوريين، ولكنه لم يستطع تلبية الاحتياجات الإنسانية الفعلية. ويساورني قلق بالغ من حقيقة أنه لم يتم الحصول حتى الآن من عام 2017 سوى على 39 في المائة فقط من الأموال المطلوبة لبرامج اللاجئين في الدول المضيفة.  

لعل المحرك من وراء التزامات التمويل التي قُطعت في عام 2016 في لندن والتي تكررت في وقت سابق من هذا العام في بروكسل، هي أزمة اللاجئين التي وصلت إلى شواطئ أوروبا في عامي 2015 و 2016. ومع انحسار التركيز على تلك الأزمة، ينتابني قلق من أن تتعرض هذه الالتزامات للنسيان والإهمال.

إنني أرحب بإعلان الاتحاد الأوروبي استضافة مؤتمر آخر للتمويل في بروكسل في الربيع المقبل، ولكن في تلك الأثناء، هناك حاجة ملحة لضمان تمويل برامج دعم اللاجئين في البلدان المضيفة على نحو أفضل.

وعلى مدى عدة سنوات، وحدت الخطة الاقليمية للاجئين وتعزيز القدرة على مواجهة الأزمات الجهود الرامية لتلبية الاحتياجات الأساسية للاجئين عن طريق تدخلات طويلة الأجل تهدف لبناء عزيمتهم من خلال حصولهم على سبل كسب العيش والتعليم والخدمات. إنه نهج مبتكر يمكن أن يعود بالفائدة على اللاجئين والبلدان المضيفة لهم على حد سواء، ويحتاج للوقت ليؤتي ثماره. ولكن، ما لم يكن هناك دعم متواصل من الجهات الدولية المانحة، فإن التقدم في تنفيذ هذه الخطة قد يواجه خطر الجمود وسوف تُهدر الاستثمارات التي تم القيام بها حتى الآن.

تحتاج البلدان المضيفة إلى ضمانات باحترام التعهدات التي يقطعها المجتمع الدولي على شكل دعم مالي لكي تتمكن من التخطيط للمستقبل. أما اللاجئون السوريون فهم بحاجة لمعرفة ما إذا كانوا سيحصلون على المساعدة والحماية ليس لهذا الشهر فحسب، بل للمستقبل المنظور.

تقع على عاتق المجتمع الدولي المسؤولية بألا يدخر جهداً من أجل إحلال السلام والاستقرار في سوريا، ولتهيئة الظروف بغية عودة طوعية ومستدامة. وفي الوقت نفسه، من الأهمية بمكان أن نعمل معاً في نفس المسار وأن نوفر الدعم للحكومات المضيفة من خلال مواصلة الاستثمار في برامج اللاجئين والمجتمعات المضيفة لهم، وتقاسم المسؤوليات مع تلك البلدان الموجودة في الخطوط الأمامية.

المصدر: UNHCR  ، للاطلاع على الموضوع الأصلي ، اضغط هنا 
 thenational ، باللغة الإنكليزية ، اضغط هنا 

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية