إلى الممثلة أمل عرفة مع الحب ..لـ : محمد السلوم

كيف اكتشفتِ تمثيلنا يا ملعونة؟!!

محمد السلوم
كاتب سوري ساخر

شاهدت اليوم مقطعاً “كوميدياً” من تمثيلك، وفيه وضع لك ممثلون يلبسون ثياب “الخوذ البيضاء” طفلاً بين يديك، ثم رشوا عليك وعلى الطفل بودرة أطفال وبدأ التصوير الذي قدّمت فيه شخصية أمّ قُتل طفلها بالكيماوي..

كان المشهد مضحكاً حقاً، كيف اكتشفتِ تمثيلنا يا ملعونة؟ أتعلمين.. كنا نظنّ خلال ثماني سنوات من التمثيل أننا نصنع مسلسلات تراجيدية، الكثير من مشاهد الدماء والأمهات الثكالى والأشلاء، مشاهد تدعو إلى البكاء والحزن، ولكنك يا أمل اكتشفتِ بعبقريتك الفنية والإنسانية أن كل تمثيلنا كان كوميدياً ويدعو للضحك، كانت تنقصنا عينك الخبيرة لنكتشف ذلك، وأنا الذي كنت أظن أن عينك لا تجيد سوى ذرف الدموع في المواقف الإنسانية “النص كم” في برنامجك “في أمل”!

اسمحي لي يا زميلة أن أحدثك عن أعمالنا، فخلال ثماني سنوات صنعنا الكثير من المسلسلات والأفلام، يا الله كم مثّلنا! يمكنك طبعاً الاستفادة من أعمالنا كلها وتحويلها إلى مسلسلات كوميدية أيضاً.

فمن مسلسل الكيماوي وحده أنتجنا ثلاثة أجزاء حتى الآن، في استديوهات الغوطة وخان شيخون ودوما. وكلها – والحمد لله – حظيت بنسب مشاهدة عالية وحققت أرباحاً هائلة، ويمكنك أيضاً الاستفادة من مشاهد الشبيحة وهم يخاطبون السيد الرئيس بالقول: اضربوهم بالكيماوي وخلصونا منهم، تمثيل طبعاً، كلّه تمثيل لا تشغلي بالك.

لدينا أيضاً مسلسل الهجرة والنزوح، صنعنا منه ثمانية مواسم حتى الآن، وكلها ناجحة وعُرضت على أضخم القنوات، لو أنك تشاهدينه يا أمل، ملايين مملينة، أكثر من نصف الشعب مثّل معنا فيه، أما مشاهد الخيام في استديو الزعتري واستديو عرسال فتفقّع من الضحك، أمّا مشاهد الغرق في البحر، يا الله كم كانت مضحكة، ستقلبين على ظهرك من شدة الضحك وأنت تشاهدين الأطفال وهم يمثّلون الغرق ويبلعطون في الماء، شياطين هؤلاء الأطفال، شاقين الأرض وطالعين.

لدينا أيضاً مسلسل المدن المدمّرة، هذا استديوهاته أكثر من الهمّ على القلب، في حلب وحمص ودير الزور والغوطة ودرعا، لن تعرفي كم عانينا في هدم تلك المدن حتى أصبحت قابلة للتمثيل، كنا نعمل ليلاً فقط، هدمناها حجراً حجراً وفي الصباح كنا نمثّل أن طائرات النظام هي من قصفتها ودمّرتها. كم ضحكنا على القنوات العالمية وهي تأخذ منا مشاهد انهيار المستشفيات والمدارس والمساجد وتعرضها على أنها حقيقية… كنا نخدع أولئك الحمقى بسهولة فهم لا يفهمون في التمثيل. الحمد لله أنك موجودة يا أمل فبدونك كيف لأحد أن يعرف أنها كانت تمثيلاً، وأنها كانت مضحكة؟

من أعمالنا أيضاً كان فيلم “المعتقلون”، عذّبنا هذا الفيلم كثيراً، استخدمنا فيه عشرات آلاف الكومبارس، غلبنا نجدت إسماعيل أنزور، منعناهم من الطعام شهوراً طويلة حتى نحلت أجسادهم، ثمّ شلّحناهم ثيابهم، وقمنا بعمليات كثيرة جداً من المكياج عليهم ليظهروا وكأنهم قُتلوا تحت التعذيب، كم كانت أشكالهم مضحكة، وكم ضحكوا هم أيضاً على أنفسهم عندما كانوا يشاهدون وجوههم في المرآة، أمهاتهم لم تعرفهم!

كل من شاهدهم كان يبكي ويصدق أن عيونهم مقلوعة وأسنانهم متطايرة وألسنتهم مقصوصة، ولكن هذا كله كان تمثيلاً طبعاً، وأنت اكتشفت ذلك.

لا تنتهي مسلسلاتنا وأفلامنا يا أمل، باتت لدينا خبرة كبيرة جداً في التمثيل وأفكار لا تنتهي، لكن ثمة سر سأبوح لك به، هو وراء كلّ نجاحاتنا الفنية، فنحن لا نقول: “أكشن” عندما يبدأ المشهد، نحن نقول: الشعب يريد إسقاط النظام، وفور الانتهاء من نطق هذه العبارة السحرية يبدأ التمثيل.

جربي.. جربي بالله عليك يا أمل، جربي أن تقفي في ساحة الأمويين بدمشق واصرخي: أكشن… أقصد: الشعب يريد إسقاط النظام، وشاهدي حينها كيف سيبدأ التمثيل، يا الله كم سنضحك!
أه.. كدت أنسى، أمّولة.. خذي أولادك معك ليصبح المشهد أكثر إضحاكاً!

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية