وفد "البديل" الشعبوي يقدم صورة وردية عن "سوريا الأسد" ومفتيها
في اليوم الأول من زيارتهم إلى دمشق، نواب عن حزب “البديل” الشعبوي يشيدون بسوريا “طبيعية” و”آمنة”، وبالمفتي حسون أحد “دعاة التسامح”، بيد أن هؤلاء النواب تناسوا أنه ذات المفتي الذي توعد سابقا بإرسال إرهابيين إلى أوروبا.
المفتي الأعلى في النظام السوري أحمد حسون يصافح رئيس وفد نواب “البديل من أجل ألمانيا” كريستيان بليكس.
عبر جملة من التغريدات والتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، نشر بعض أعضاء وفد حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي المتواجدين حاليا في دمشق، ما شاهدوه وعايشوه في اليوم الأول ضمن زيارة بدأت أمس الاثنين (السادس من مارس/ آذار 2018) ومن المفترض أن تستغرق سبعة أيام لتشمل حلب وحمص أيضا.
رئيس الوفد كريستيان بليكس النائب البرلماني عن كتلة الحزب في برلمان ولاية شمال الراين ويستفاليا (غرب)، “أعجب” بشوارع دمشق الخالية من مظاهر “العسكرة” وبسوقها الدمشقي الذي أخذ منه 18 صورة نشرها على موقعه على فايسبوك، منوها بالاستقبال الحار من قبل السوريين.
ليس هذا فقط، بل إن النائب عن حزب شعبوي بات يشكل القوة الثالثة في البرلمان الألماني (بوندستاغ)، عبّر في تغريدة عن دهشته من مستوى ما وصفها بـ “الحرية” الذي تنعم بها نساء دمشق، فهناك “يرتدين سراويل الجينز عوض الحجاب الأسود! يجلسن في الحانات. وهذا ما لا يمكن تصوره في مكة- ولا في حي نويكولن في برلين. والحكومة (الألمانية) تدعم الإرهابيين، الذين يريدون قمع النساء تحت البرقع. إنه فعلا لعار”.
Syrische Frauen in #Damaskus. Blue Jeans statt schwarze Schleier! Frauen sitzen in Bars. In Mekka kaum vorstellbar – in Berlin-Neukölln leider auch nicht. Und die Regierung unterstützt “Rebellen”, die solche Frauen unter die Burka pressen wollen. Schande. #syrienreise pic.twitter.com/al9dXTSwLy
— Dr. Christian Blex (@ChristianBlex) March 5, 2018
الحدث الأبرز في جدول أعمال يوم الاثنين، حسب بليكس على موقع فيسبوك، لقاءه مع مفتي سوريا أحمد بدرالدين حسون، الذي يقول عنه إنه “من أكثر المدافعين عن الفصل التام بين الدولة والدين، وأحد دعاة السلام بين الطوائف الدينية المختلفة”.
ونظرة سريعة على مجمل التعليقات الواردة في حسابات نواب “البديل” السبعة تشدد على أن كل شيء “على ما يرام” في دمشق التابعة لسيطرة نظام الأسد، حيث “يعيش الناس حياتهم اليومية باعتيادية”.
وبالتأكيد أن هذه الصورة “الوردية” تخدم بالأساس موقف الحزب الشعبوي المناوئ للمهاجرين الذي يطالب تصنيف سوريا دولة “آمنة” حتى يتسنى ترحيل آلاف اللاجئين السوريين من ألمانيا إلى بلادهم. وزيارة هذا الوفد جاءت بالأساس “للاطلاع على الأوضاع في سوريا عن كثب”، ونقل الحقائق إلى البرلمان الألماني، هكذا يروج الوفد.
كما جاء على لسان توماس روكرمان (النائب الثاني ضمن الوفد عن برلمان ولاية شمال الراين ويستفاليا)، أنه الآن “يتم لم شمل مئات الآلاف من السوريين في ألمانيا”. والتقارير الإعلامية الألمانية “لا تقدم إمكانيات موثوقة لتقييم الوضع فعليا في سوريا. ولهذا فإن الهدف من هذه الزيارة، جمع معلومات وافية من على الأرض لتقييم الأوضاع في سوريا وللاطلاع على مشاريع إعادة الإعمار في المناطق المحررة من الإرهابيين”، هكذا!!!. يأتي ذلك في وقت نفت فيه الخارجية الألمانية أي علم لها بهذه الزيارة وأن الوفد المعني نشر على مواقع التواصل الاجتماعي أنه دخل إلى سوريا عبر لبنان. وتحذر الخارجية الألمانية على موقعها الإلكتروني رعاياها من السفر إلى سوريا بل وتطلب من الذين لم يغادروها القيام بذلك فورا.
ولأنها وحسب أعضاء الوفد زيارة “خاصة” لم تتبناها الكتلة النيابية الاتحادية للحزب مكتفية بالإعلان رسميا عن وجود تنسيق بين الطرفين، لم يكشف هؤلاء لا عن الجهة الممولة للزيارة ولا عن الجهة المسؤولة على ضمان أمن أعضاء الوفد. وفي صورة نشرها موقع “كومباكت” المعروف بتوجهاته اليمينية يظهر أعضاء الوفد برفقة عناصر بلباس موحد لا يتوفر على أي رتبة تدل على الجهة المسؤولة. من المؤكد أن صورا ينشرها ساسة ألمان مهما كانت توجهاتهم السياسية عن سوريا “طبيعية” تخدم بالأساس النظام السوري الذي “احتفل” بالحدث عبر المواقع القريبة منه، متحدثا عن وفد ألماني يزور سوريا، ناقلا تصريحات عن النواب الألمان تتقاطع مع تلك الصادرة عن المسؤولين السوريين.
Wunderbarer Spaziergang über den Basar Suq al-Hamidiya in #Damaskus am Dienstag. Überall viele offene und freundliche Menschen getroffen, die sich über unseren Besuch sehr freuen. Alles total entspannt hier… #Syrienreise pic.twitter.com/6INbvn3ceV
— Dr. Christian Blex (@ChristianBlex) March 6, 2018
وفي هذا السياق نقل موقع “تشرين نيوز” التابع للنظام السوري على سبيل المثال عن رئيس الوفد قوله: “إن الصورة التي كانت لدي يوم أمس تختلف تماما مع بدء الزيارة إلى سوريا”، متحدثا عن “تضليل إعلامي” يروجه الإعلام الغربي، وهوما زكاه رئيس مجلس الشعب حمودة صباغ متحدثا عن “وسائل الإعلام الغربية التي ما زالت تواصل بث الأكاذيب والتضليل”.
غير أن رواية “البديل” كما توثقها مواقع التواصل الاجتماعي حجبت الكثير عن الحقائق عن مخلفات حرب حصدت أرواح 340 ألف شخص حسب أرقام الأمم المتحدة وشردت نصف الشعب السوري. فهناك مناطق في دمشق لم تتأثر من الحرب التي دخلت عامها السابع، ومن هذه المناطق بالذات التقطت صور النواب السبعة، دون أن يذكروا أنها باتت استثناء جغرافيا صغيرا داخل خريطة دمار واسعة أطاحت بغالبية المناطق السورية.
في رواية نواب “البديل” الشعبوي أيضا لم يتم التطرق إلى الجرائم التي قامت بها قوات الأسد والميليشيات التابعة لها بحق المعارضة المعتدلة، ولا إلى السجون الرهيبة التي يقبع فيها مئات المعارضين بشهادات منظمات حقوقية دولية. والأدهى من ذلك أنه تمّ التكتم نهائيا عن القصف المتواصل على رؤوس المدنيين في الغوطة الشرقية التي لا تبعد عن دمشق سوى بضعة كيلومترات.
ومن هذا المنطلق وإلى جانب عدد من التدوينات والتغريدات التي تقدم فيها أصحابها بالشكر لهؤلاء النواب عن حبهم “لكشف الحقيقة”، توالت عشرات التعليقات الغاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي تطلب من هؤلاء النواب الذهاب إلى مناطق الدمار وزيارة سجون النظام، للاطلاع على الحقيقة كاملة.
بليكس تكتم أيضا على حقيقة أن مفتي سوريا الداعي إلى التسامح بين الأديان، هو بعينه من توعد عند بدايات الثورة السورية في عام 2011 بإرسال انتحاريين إلى أوروبا لتنفيذ عمليات إرهابية.