لا …لم أنم يوما على قارعة رصيف ! لـ: سعد فنصة

لا ...لم أنم يوما على قارعة رصيف !
لـ: سعد فنصة

[ult_ihover thumb_height_width=”180″][ult_ihover_item title=”سعد فنصة” thumb_img=”id^60179|url^https://ebd3.net/wp-content/uploads/2018/01/سعد-فنصة-.jpg|caption^null|alt^null|title^سعد فنصة -|description^null” hover_effect=”effect20″ title_font_color=”#2cd3b4″ desc_font_color=”#0b80b8″ spacer_border_width=”1″ title_responsive_font_size=”desktop:22px;” title_responsive_line_height=”desktop:28px;” desc_responsive_font_size=”desktop:12px;” desc_responsive_line_height=”desktop:18px;”]كاتب و مؤرخ سوري[/ult_ihover_item][/ult_ihover]
كانت الصورة دون أي افتعال ، في تصويرها بغاية البساطة ، الزوجة غير المحجبة ، تعزف على البيانو ضاحكة والزوج يقف بمحاذاتها ، يصغي اليها ، بود ، أما الصورة فتعود بزمنها الى الاربعينات من القرن الماضي ، أما الزوج فهو المقرئ الشيخ مصطفى اسماعيل، في واحدة من أجمل الصور التي لفتت انتباهي و نشرتها قبل بضعة سنوات لأول مرة .
مصطفى اسماعيل ، من أعظم اصوات القرن في تجويد القرآن ، ويعد بحق صاحب مدرسة في النغم القرآني الذي لا يُغنى ، و لكني أوقن بأن هذا الشيخ قد غنى القرأن بصوته الفريد و أضاف اليه ( بتجويده ) ما لم يضفه أحد من قبل .. أو بعد .. من الذين قدر لعلم الفونوغراف من تسجيل أصواتهم ، بدءا من الشيخ محمد رفعت ، أعجوبة الابداع في التلاوة ، مرورا بالحصري ،الذي لم يصل الى مرتبة عبد الباسط عبد الصمد في انتقاله السريع من التينور الى باس الباريتون ، بتجويده المذهل بروعة قراءاته ، وتعمده القرار و الجواب ، و لكن قصتي ليست في هذا المقام لتحليل أصوات أولئك العمالقة من المقرئين و أُذكّر قبل كل شيء بأن الرسول الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) عندما اختار بلال الحبشي مؤذنا بصوته الرائع .. بُعيّد فتح مكة بقليل كان بوسعه اختيار صوت ، المجرم هبار الاسود .. الأجش، ليؤذن بالناس ، لكنه اختار صوتا محببا كي يألفه المؤمنون ومن لم يقرع الإيمان شغاف قلوبهم بعد ، على حد سواء و ليكون دعوة منه لسمو الدين الجديد بالصوت البشري الشادي، الراقي ، وليس لتنفير الناس ، من رسالته السماوية كما يحصل الآن في النفاق الديني المرضي .
وأعود الى هذه الحادثة الطريفة للشيخ مصطفى اسماعيل عندما كان يستضيفه برنامج حواريّ في التلفزيون المصري في ستينات القرن الماضي من اعداد الصحفي الشهير أنيس منصور ، الذي كان برنامجه يصور معاناة الشخصيات العصامية ، التي نشأت من الحضيض ، و الفقر المدقع ، و حاول أن يفهم ضيفه أن برنامجه قائم على هذه الفكرة ، و أصر على أن يسلط الضوء على معاناة الشيخ في طفولته ، و يفاعته ، قبل أن يصبح شهيرا بين العامة ، و عندما ظهر الشيخ المقرئ مع المذيعة أماني ناشد على الأثير ، قال : لقد قضيت طفولة مدللة ، لم أنم يوما على قارعة رصيف ، أو حرمان ، بفضل من الله و نعمته علي ..كما طلب مني معد البرنامج أنيس منصور ، أن أدعي بهتانا على ذاكرتي و طفولتي .. !!

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية