أم الشاعر
‹‹ساعدتها في كلّ شيء، سمحت لها أن تدرس ما تريد وفي الجامعة التي تشاء، وما زالت لا تسامحني، لأنني كنت أمنعها من قراءة تلك الكتب››، تقول أم الشاعرة.
العمّة
ترك الحرب وعاد إلى مدينته، الرعب يسكن في جميع الزوايا والحب أيضاً.
- ادخل لتتعشى،
- سأذهب وأعود
- لم أرك منذ زمن
- لا تقلقي سأبقى هنا طويلاً
بعد أقلّ من ساعة، وصلها نبأ استهداف السوق.
قراءة
بدأت تفك رموز الحروف وأبناؤها على مقاعد الجامعات. ثمانية وفقر وزوج مكافح يعيشون معها. تستيقظ في الساعة السادسة، تصنع الطعام عشر مرات في اليوم القصير، بينما تنتظر عودتهم. أربع أولاد في كلية الطب، مات زوجها سعيداً مع أنه باع كل ما يملك، وبقيت هي تحرس الأيام. في السنة التالية قتل ابنها الأصغر العامل في فريق الإسعاف. في سنة أخرى، كان ابنها يزور مستشفى عندما ضربتها الطائرة.
أم البنات
تقول لي أنه في دولة عربية، لا تعرف ما يفعل، يكلّمها كلّ يوم، ويقول أنه لن يعود. إنه ابنها الوحيد وقد سافر سنة 2011.
حي أم ميت؟
عرفت وجهها مباشرة.. تأخرت عن هذا الموعد ثلاث سنوات، كنت خائفاً من هذه اللحظة. مشكلتي أنني أعرف كل شيء، الخطف، التهديد، هل هو حي أم ميت؟!… أنا صديقه، أقول لها. رد أخوه بعد عشر دقائق، كنت أشرب القهوة وأتحدث عن بضع صور: ‹‹أنت لا تعرف شيئاً››. رأيت أمامه كتاباً لنجيب محفوظ فتشاغلت بالنظر إلى المكتبة. بعد ذهابي، شعرت أنه كان هنا منذ قليل.
الشاعر
أقول لصديقي: في الشعر لا يوجد أبوّة ولا أمومة، لا جنس ولا جنسيّة. الشعراء أخوة، كما يقول رامبو، لكن هل هناك وطن؟
الطفل
عمره 12 عاماً، طفل يلعب في الشارع، تحت سماء قاسية. الشلل، الشلل في كل مكان، لم يرغب أبوه بإرساله إلى تركيا خوفاً من سرقة الأعضاء، وما زال يكبر ويتحرّك ويحلم بحرية في قلوب الأمهات.
أم شام
أعرف أماً مثالية.. تزوجت أباً مثالياً.. لديهما ابن وابنة، ويبحثان عن وطن. هذا مثال فقط.
ماسة
أنا وماسة نشعل شمعة في النهار، ماسة، ذات الأربع أعوام، لم تعد تشكّ بسلامتي العقلية، ولا تكترث لنظرات الجيران.
أقول لأبويها: ‹‹ماسة مجنونة. أكلّمها من الغرب، تجيبني من الشرق. ربما لأنها جميلة جداً››، ثم أسأل نفسي: ‹‹كيف يحتملان وجود هذا الكنز››.
‹‹أقول لهم مات››
أجلس أمام فاطمة، ستين عاماً. عشر دقائق من الصمت، بعد أن قالت جملتها الوحيدة. كانت تنقِّي الخضروات مع زوجة أخيها. ابنة أخيها الصغيرة المتغيبة عن المدرسة هي من تتحدث، تسأل عن المدرسة، كيف تستطيع تعويض ما فاتها؟ هل ستأخذها أمها إلى بيت إحدى بنات الحي لمعرفة الوظائف؟.
الأوراق الصفراء تتكوَّم جانباً، فيما تمسك بيدها القوية حزمة خضراء تلو أخرى. السكين بيد زوجة أخيها مع هذا ما زلت أخشى الخطأ، بأن أسألها: ‹‹أما زلت تحبينه››.
زوجها العقيم تركها منذ خمسة عشر عاماً، وتزوج شابة فقيرة. قلت لها: ‹‹هل أنت سعيدة أكثر لأنك لم تنجبي؟››. ويستمر الصمت.
هل سأحتمل هذه الضجة؟، قلت لها: ‹‹سأكتب عنك في عيد الأم››.
(شكراً لكل الأمهات اللواتي كتبن معي هذا النص)